ما هي عملية (بريكست)؟
تعبير بريكست هو اختصار للكلمتين الإنجليزيتين ( British Exit) واللتين تعنيان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ما السبب وراء خروج بريطانيا من الاتحاد؟
أجري في الـ 23 من حزيران / يونيو 2016 استفتاء عام حول بقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه. وفاز أنصار الخروج بنسبة 52 في المئة مقابل 48 في المئة طالبوا ببقاء بريطانيا في الاتحاد. وشارك في الاستفتاء نحو 30 مليون مواطن، صوت 17,4 مليون منهم لصالح الخروج.
لماذا لم يتم بريكست حتى الآن؟
كان من المقرر أن يحصل بريكست (أي أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) في الـ 29 من آذار / مارس 2019، بعد مرور سنتين على تفعيل رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي - وبدء عملية الخروج رسميا بما فيها بدء التفاوض حول اتفاق للخروج. ولكن موعد بريكست أجل مرتين.
وكان الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية توصلا في تشرين الثاني / نوفمبر 2018 إلى اتفاق، ولكن نواب مجلس العموم البريطاني رفضوه ثلاث مرات.
ما الذي تضمنه الاتفاق المرفوض؟
تضمنت الصفقة اتفاقا ملزما للانسحاب يحدد شروط "الطلاق" بين الطرفين، كما تضمنت اعلانا سياسيا غير ملزم يحدد طبيعة العلاقة المستقبلية بينهما.
وشمل اتفاق الانسحاب طيفا واسعا من المواضيع، منها:
- الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها المواطنون الأوروبيون المقيمون في بريطانيا وحقوق المواطنين البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي.
- المبلغ الذي ينبغي على بريطانيا دفعه للاتحاد الأوروبي (والذي يقدر بحوالي 39 مليار جنيه استرليني).
- ضمانات خاصة حول الحدود بين الجمهورية الإيرلندية ومقاطعة إيرلندا الشمالية البريطانية.
لماذا رفض مجلس العموم اتفاق بريكست؟
كان السبب الرئيسي وراء رفض العديد من النواب المحافظين ونواب الحزب الاتحادي الديمقراطي (الحزب البروتستانتي الرئيسي في إيرلندا الشمالية الذي يدعم حكومة المحافظين) هو موضوع الترتيبات التي يتضمنها الاتفاق حول الحدود بين الجمهورية الإيرلندية ومقاطعة إيرلندا الشمالية.
ففي الوقت الحاضر، لا توجد أي نقاط حدود أو حواجز أو أي اجراءات لتفتيش المسافرين والبضائع التي تعبر الحدود بين جزئي جزيرة إيرلندا. وتضمن اتفاق الخروج الذي أبرمته حكومة ماي مع الاتحاد الأوروبي ضمانات باستمرار هذا الوضع حتى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد.
وتدخل هذه الاجراءات حيّز التنفيذ فقط في حالة اخفاق الطرفين في التوصل بسرعة إلى اتفاق شامل للتجارة الحرة. ومن شأنها إبقاء بريطانيا ضمن وحدة الجمارك الأوروبية، وإبقاء إيرلندا الشمالية ضمن بعض من شروط السوق الأوروبية الموحدة.
ويقول منتقدون إن منح إيرلندا الشمالية وضعا مختلفا قد يهدد كيان المملكة المتحدة، ويخشون من أن تكتسب هذه الاجراءات صفة الديمومة، ولكن مؤيدي الاجراءات (التي يطلق عليها Backstop) يقولون إنها ضرورية لضمان السلم في إيرلندا الشمالية.
هل يمكن لبريطانيا أن تخرج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق؟
يصر رئيس الحكومة البريطانية الحالي بوريس جونسون على أن يلغي الاتحاد الأوروبي موضوع الاجراءات الحدودية في الجزيرة الإيرلندية من اتفاق الخروج، ويريد أن يتضمن أي اتفاق جديد "ترتيبات بديلة" تعتمد التكنولوجيا عوضا عنها.
ولكن الاتحاد الأوروبي يرفض إلى الآن تغيير الاجراءات التي تضمنتها الاتفاقية مع حكومة ماي.
ويصر جونسون أيضا على أن بريطانيا ستخرج من الاتحاد الأوروبي "باتفاق أو بدونه" في الـ 31 من تشرين الأول / أكتوبر المقبل، مما يعني أن بريطانيا ستترك الوحدة الجمركية والسوق الأوروبية الموحدة بين ليلة وضحاها.
ما هي الوحدة الجمركية والسوق الأوروبية الموحدة؟
تضمن الوحدة الجمركية أن تفرض كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نفس الرسوم على السلع الداخلة إليها من باقي دول الاتحاد. فلا يسمح للدول الأعضاء فرض رسوم على هذه السلع، ولكن في نفس الوقت لا يسمح لها بعقد صفقات تجارية مع دول أخرى.
أما السوق الأوروبية الموحدة فتسمح بالحركة الحرة للسلع والخدمات والأفراد بين دول الاتحاد الأوروبي الـ 28 علاوة على آيسلندا والنرويج وليشتنشتاين وسويسرا (وكلها من الدول الأعضاء في المنطقة الاقتصادية الأوروبية).
ففي الوقت الحالي، يمكن لشركة بريطانية أن تبيع منتجاتها (السلعية) في البرتغال على سبيل المثال بنفس السهولة التي يمكن لها بيعها في أي مدينة بريطانية، وتتمكن من اعادة أرباحها إلى بريطانيا وتوفير خدمات الصيانة إلى فرعها في البرتغال (أو غيرها من دول الاتحاد الأوروبي) وإيفاد فرق صيانة إلى أي من هذه الدول دون عراقيل.
هل سيسبب الخروج دون اتفاق عوائق أو صعوبات؟
إذا قررت بريطانيا الخروج من الوحدة الجمركية والسوق الأوروبية الموحدة، سيشرع الاتحاد الأوروبي في تفتيش السلع البريطانية المصدرة إلى دوله، مما قد يؤدي إلى اختناقات في الموانئ كميناء دوفر. ويخشى البعض من أن يؤدي ذلك إلى اختناقات مرورية كبيرة تعرقل حركة السلع الضرورية وتؤذي الاقتصاد بشكل عام.
حاول جونسون طمأنة العامة باعلانه عن تخصيص مبلغ 2,1 مليار جنيه استرليني لمواجهة العواقب المحتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في الـ 31 من تشرين الأول / أكتوبر.
ما الذي سيحصل بعد بريكست؟
إذا لم يستجد أي جديد، ستخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الـ 31 من تشرين الأول / أكتوبر 2019.
ولكن رئيس الحكومة جونسون يقول إنه ما زال يريد أن يتوصل إلى اتفاق قبل ذلك التاريخ، كما عبر العديد من نواب مجلس العموم عن تصميمهم على محاولة منع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق.
وأصبح أكثر صعوبة على البرلمان ايقاف السعي نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق بعد أن قرر جونسون إنه بصدد تعليق عمل البرلمان لمدة خمسة أسابيع في شهري أيلول / سبتمبر وتشرين الأول / أكتوبر.
ومن شأن هذا القرار أن يقلص بشكل كبير من الوقت الذي سيتمكن فيه نواب مجلس العموم من محاولة عرقلة أو إيقاف قرار الخروج دون اتفاق. ويقول منتقدو القرار إنه محض محاولة متعمدة من جانب رئيس الحكومة لتهميشهم.
ولكن الحكومة تقول إن اجراء تعليق البرلمان سيسمح لها بالتركيز على مواضيع أخرى عدا بريكست.
هل يمكن إيقاف عملية الخروج دون اتفاق؟
يعارض معظم نواب مجلس العموم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، إذ عبّر زعماء احزاب العمال والديمقراطيين الأحرار والقوميين الأسكتلنديين وبليد تشيمرو (الحزب الرئيسي في ويلز) والخضر إضافة إلى نواب محافظين عن معارضتهم .
وينوي معارضو الخروج دون اتفاق تمرير قانون بسرعة يجبر الحكومة على الطلب من الاتحاد الأوروبي التريث في موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد، ولكن مسؤولين في مقر رئيس الحكومة يقولون إن جونسون سيسعى إلى الاعلان عن إجراء انتخابات عامة مبكرة إذا تبين له أن قانونا كهذا يمكن أن يصدّق عليه.
هناك اسلوب آخر لمنع الخروج دون اتفاق يتلخص في محاولة الإطاحة بالحكومة عن طريق تصويت بسحب الثقة، واستبدال الحكومة الحالية بأخرى تسعى إلى تأجيل موعد بريكست.
ومن الممكن أن يلغي نواب مجلس العموم عملية بريكست برمتها، رغم أن عددا قليلا من النواب يعربون عن تأييدهم لهذا المنحى.
ما هو تأثير الخروج دون اتفاق على الفرد العادي؟
سيؤثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق على الأفراد العاديين في العديد من الجوانب.
فإذا تدنت قيمة الجنيه الاسترليني بشكل كبير نتيجة الخروج دون اتفاق، ووقعت اختناقات كبيرة في الموانئ، قد يؤثر ذلك على أسعار الكثير من السلع وامكانية الحصول عليها أصلا. وثمة مخاوف من امكانية شح الأدوية والعقاقير، رغم أن الحكومة تصر على أنها اتخذت الاحتياطات اللازمة لتلافي ذلك.
ويعتقد معظم الاقتصاديين ورجال الأعمال أن الخروج دون اتفاق سيعود بالضرر على الاقتصاد.
فعلى سبيل المثال، قال مكتب مراقبة الميزانية - الجهة المستقلة التي تراقب الانفاق العام في بريطانيا - إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيؤدي إلى ركود اقتصادي.
ولكن الكثيرين من الذين يؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يقولون إنه من العسير التنبؤ بشكل دقيق بما سيحدث. ويعتقد هؤلاء بأن أي ضرر اقتصادي سيكون مؤقتا وغير ذي أهمية.
وماذا عن المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا؟
من الممكن لمواطني دول الاتحاد الأوروبي الذين يقيمون في بريطانيا أن يتقدموا لطلب الحصول على الاقامة الدائمة، مما سيسمح لهم بالإقامة في البلاد حتى في حال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. أما بالنسبة للمواطنين البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي، فينصحون بالتسجيل في الدول التي يقيمون فيها.
وعلى المواطنين البريطانيين الذين يرومون السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي أن يتأكدوا بأن جوازات سفرهم سارية لستة أشهر على الأقل اعتبارا من الـ 31 من تشرين الأول / أكتوبر المقبل، كما سيتعين عليهم الحصول على اجازة قيادة دولية إذا كانوا ينوون قياد سيارة في دول الاتحاد الأوروبي.
ولن تعود بطاقة الضمان الصحي الأوروبية سارية بالنسبة للبريطانيين بعد ذلك التاريخ.
ماذا عن قيمة الجنيه الإسترليني؟
يقول مراسل بي بي سي للشؤون المالية بريان مليغان إن العديد من المحليين يتوقعون أن تنهار قيمة الجنيه الإسترليني - في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق - على المدى المتوسط.
ما الذي يعنيه ذلك؟
- شراء السلع والخدمات من الدول الأخرى ستصبح أعلى تكلفة.
- سترتفع تبعا لذلك نسبة التضخم.
- السلع المصدرة إلى الدول الأخرى ستصبح أقل سعرا.
ماذا عن أسعار العقارات؟
سبق لصندوق النقد الدولي أن حذّر بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انهيار كبير وحاد في أسعار العقارات، وذلك اعتمادا على توقعه بأن أسعار القروض سترتفع.
أما الخزانة البريطانية، فقالت إن أسعار العقارات سترتفع بمعدل 10 الى 18 في المئة في السنتين المقبلتين.
وماذا عن المقيمين الأوروبيين في بريطانيا والبريطانيين في دول الاتحاد؟
يقيم ويعمل نحو 1,3 مليون بريطاني في دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصا في اسبانيا وإيرلندا وفرنسا.
ويتمتع هؤلاء بحقوق حرية التنقل والعمل، كما يتمتعون بضمانات صحية وغيرها.
وبموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، لبريطانيا مهلة سنتين لابرام اتفاقيات جديدة مع الدول الأعضاء في الاتحاد لتطبيع أوضاع البريطانيين المقيمين فيها.
كيف سيكون وضع المقيمين البريطانيين؟
يملك العديد من المقيمين البريطانيين في دول الاتحاد الأوروبي عقارات في تلك الدول، ومن المرجح أنهم سيواصلون التمتع بحق الملكية هذا. ولكن المشكلة التي ينبغي الانتباه إليها تتعلق بتغيّر قوانين الإرث والضرائب.
وما من شك في أن هؤلاء قد يستغلون ضعف الجنيه الإسترليني من أجل العودة واستثمار أموالهم في سوق العقارات في بريطانيا.
ولكن العمل في دول الاتحاد الأوروبي قد يصبح أكثر تعقيدا، ، خصوصا إذا بدأت الدول المضيفة تطالبهم بالتقيد بشروط أكثر صرامة في ما يتعلق بالحصول على اجازات وتأسيس مصالح جديدة. وقد يخسر هؤلاء حقهم التلقائي في العمل ضمن دول الاتحاد الأوروبي، وأن يطلب منهم استحصال ما يطلق عليها البطاقة الزرقاء.
وماذا عن الأوروبيين الذين يعملون في بريطانيا؟
سيتأثر بلا شك وضع الأوروبيين الذين يقيمون ويعملون في بريطانيا، والذي يبلغ عددهم زهاء 3 ملايين نسمة. يشكل البولنديون أكبر نسبة من هؤلاء، يتبعهم الإيرلنديون ثم الألمان.
وسيتأثر هؤلاء بأي عواقب اقتصادية قد تنتج عن بريكست حالهم حال المواطنين البريطانيين.
ولكن قد يتأثرون بشكل أكبر نتيجة هبوط قيمة الجنيه الاسترليني، لأن دخلهم سيقل عندما يعودون إلى بلدانهم الأصلية، كما ستنخفض قيمة الأموال التي يحولونها إلى بلدانهم.
وماذا عن حقهم في العمل في بريطانيا؟
هذا موضوع آخر خاضع للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.
قد يفقد عدد من مواطني الدول الأوروبية حقهم في العمل في بريطانيا، وفي هذه الحالة ينبغي عليهم السعي لاستصدار موافقات عمل أو تأشيرات.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}