يبلغ حجم الديون العالمية ذات العائدات السالبة نحو 17 تريليون دولار حاليًا، وهو أمر لم يكن يتخيل خبراء الاقتصاد حدوثه أبدًا، حيث كان من المتوقع أنه سيصبح من الأسهل إيجاد عائدات أعلى على رأس المال بفضل الترابط المتزايد بين دول العالم، بحسب تقرير لـ"بلومبيرغ".
هناك العديد من الفرضيات التي تحاول شرح تطور أسعار الفائدة السالبة، وترجعها إلى أمور مثل الركود وتباطؤ النمو العالمي، والبحث المتزايد عن الملاذات الآمنة، وفكرة أن الكثير من استثمارات الشركات أصبحت في صورة رأس مال مادي أقل من السابق (استثمار الشركات مثل "فيسبوك" في تقنيات افتراضية).
ومع ذلك، ودون استبعاد هذه الاحتمالات كمحفزات للفائدة السالبة، يرى البعض أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار لعامل آخر محرك لهذا الاتجاه، وهو صعوبة بدء نشاط تجاري جديد بسبب نقص العمالة.
الخوف من مخاطر الأسهم
- يقول المستثمرون المغامرون إن هناك الكثير من الأفكار الرائعة لبناء نشاط تجاري حولها، لكن ما ينقصهم هو التنفيذ، أو ببساطة، هم يرون الآن أنه لا يوجد ما يكفي من المؤسسين الموهوبين للانطلاق بهذه الأفكار.
- في الواقع، تظهر الأبحاث الاقتصادية أن نمو عدد الشركات الجديدة آخذ في التباطؤ، وهذه إشارة مقلقة للاقتصادات، وتساعد في تفسير أسباب العائدات السالبة، وعلاوة على ذلك، فإن عدد الشركات المتداولة في أكبر سوق أسهم حول العالم (الأمريكي) انخفض بشكل كبير.
- بعض المستثمرين على سبيل المثال قد يضخون أموالهم في السندات الألمانية سالبة العائد، في نفس الوقت الذي يستثمرون فيه أموالًا أخرى في الأسهم الألمانية والأمريكية، وذلك لعدم قبولهم بالمزيد من المخاطرة، فبفضل العولمة أصبحت أسواق الأسهم أكثر ارتباطًا وتتحرك معًا.
- لذلك، قد يبحث هؤلاء عن استثمارات أقل ارتباطًا بالأسهم والتي يمكنها تحقيق عائدات أعلى، وربما يدفعهم ذلك إلى الاستثمار في أعمال رأس المال المغامر، وهي إحدى طرق الاستثمار في الشركات الناشئة.
العالم بحاجة إلى التغيير
- في حين أن الشركات الجديدة قد تصبح رابحة للغاية في نهاية المطاف، لكن يفشل معظمها في تحقيق ذلك، ووفقًا لبعض التقديرات حول العائد على رأس المال المغامر، فإن نسبة نجاح المشروعات الممولة به تبلغ 20% فقط، وذلك في محافظ كبرى شركات الاستثمار المغامر.
- بالنظر إلى سيناريو بديل، إذا كانت الفرص أكبر وأصبح التنقل بين الدول أيسر وتمت معالجة عدم المساواة في التعليم وتراجع التمييز ضد النساء والأقليات، وباتت سياسة الهجرة في الولايات المتحدة أكثر اتزانًا وانخفضت الأسعار في المدن الرئيسية، كل هذا يجعل من السهل جذب المواهب.
- في هذا السيناريو سيتوافر للشركات الناشئة ما تحتاجه من مواهب، وعندما يتعلق الأمر بالاستثمار المغامر، فبدلًا من أن تكون هناك شركتان ناجحتان من أصل 10 شركات ناشئة، ربما يرتفع هذا الرقم إلى 3 شركات ناجحة، ما قد يزيد العائدات بنحو 50%.
- بالإضافة إلى ذلك، سيتدفق رأس المال من الأوراق المالية ذات العائد السالب إلى قلب الاستثمار المغامر، أو حتى في طرق أخرى لبدء المشروعات وتمويل الشركات الناشئة، وحينها ستتحول عائدات السندات الحكومية إلى النطاق الموجب لجذب المستثمرين مجددًا.
علاقة لا يمكن غض الطرف عنها
- رغم الجدل الدائر حول تبديد العالم للإمكانات البشرية، والنقاش بشأن أسباب العائدات السالبة، نادرًا ما يلتفت أحد إلى أن المشكلتين مرتبطتان، والحقيقة أنهما تعكسان الخلل بين مدى استغلال الموارد البشرية وغير البشرية.
- ليس المقصود أن نقص العمالة الموهوبة في بعض البلدان هو السبب الوحيد للعائدات السالبة، لكن الأخيرة أصبحت منتشرة على نطاق واسع حاليًا لدرجة أنه لم يعد بالإمكان تجاهلها باعتبارها مجرد انحراف محدود في الأداء.
- الولايات المتحدة لديها أكثر أسواق رأس المال المغامر تطورًا في العالم، ولم تنتقل بعد إلى منطقة الديون سالبة العائد، ولا شك أن شهرة هذه المنطقة الآن ترجع لقوى هيكلية كبيرة.
- هذا هو بالضبط ما يدفع البعض للقول بأنه لا ينبغي التفكير فيها من ناحية مالية بحتة فقط، واعتبرها أحد أعراض صعوبة العثور على المواهب.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}