نبض أرقام
11:20 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23

"لدي الكثير من المال".. لماذا نقل هذا الرجل حصة الأغلبية في شركته إلى الموظفين؟

2019/10/13 أرقام

عُرف الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين المشاهير أمثال "بيل غيتس" و"وارن بافيت" بالسخاء، حتى إن بعضهم قرر التبرع بكامل ثروته تقريبًا، كطريقة لرد الجميل للمجتمع والمساهمة في حل مشاكل العالم الذي ساعدهم على جمع الأموال الطائلة.
 

 

لكن صورة استثنائية لعطاء رواد الأعمال الأثرياء، جاءت من البريطاني "جوليان ريتشر"، الذي قرر بخلاف أقرانه تشارك ثروته مع أولئك الذين ساعدوه بشكل مباشر في تكوينها، ألا وهم موظفو شركته "ريتشر ساوندس".

 

في مايو الماضي، قرر "ريتشر"، الذي يمتلك واحدة من أكبر سلاسل تجزئة الإلكترونيات في المملكة المتحدة، نقل ملكية 60% من شركته إلى العاملين، إضافة لتخصيصه سابقًا نسبة مئوية من الأرباح السنوية للأعمال الخيرية.

 

استثنائية قرار "ريتشر" تكمن أيضًا في التوقيت، فالاتجاه السائد في المملكة المتحدة من كبار المسؤولين التنفيذيين حاليًا، هو منح رواتب أعلى لأنفسهم من أي وقت مضى على حساب مستويات أجور العاملين المنخفضة.

 

وأظهر تقرير لمركز "High pay" البحثي في بريطانيا، أن متوسط أجر الرئيس التنفيذي للشركة المدرجة بمؤشر "فوتسي 100" عام 2017، كان أعلى بنحو 145 ضعفًا من راتب العامل المتوسط، بزيادة 47 مرة عن مستواه في 1998

 

لماذا اتخذ هذا القرار؟
 

- عاش "ريتشر" لسنوات طويلة في منزل مساحته 40 فدانًا، وبلغت إيرادات شركته الإجمالية 200 مليون جنيه إسترليني (245 مليون دولار) خلال العام المالي الماضي، وتُقدر ثروته بنحو 200 مليون دولار.
 

- أسس "ريتشر" البالغ من العمر 60 عامًا شركته سنة 1978، وظهر لأول مرة في قوائم الأثرياء البريطانيين وهو في الثالثة والعشرين من عمره، عندما اشترى أول سيارة من علامة "رولز رويس"، ورغم علامات الترف هذه قرر منح الموظفين حصة الأغلبية.
 

 

- القرار ربما جاء مدفوعًا برؤيته الخاصة عن الرأسمالية، لكنه يقول أيضًا: ليس لدي أي أبناء، وأحب زملائي، ولا أريد أن تسيطر شركة لرأس المال المغامر على أعمالي، ولا أرغب أيضًا في أن تشتريها شركة أخرى لا تفهم ثقافتنا وربما تحطم الأعمال.
 

- يضيف "ريتشر": أشعر بالراحة بشأن التفاصيل المالية للقرار، لأن بالفعل لدي من المال أكثر مما أحتاج إليه، لا أرغب في أن تكدس الشركة قدرا هائلا من الأموال كي تتعاظم مكاسبي، إن كونك أخلاقيًا مع موظفيك هو مفتاح نجاح النشاط التجاري.
 

- إذا كان بائع التجزئة يقدم خدمة جيدة بجانب القيمة، فهذا يعني أنه شخص جيد، لكنه لن يحصل على موظفين يقدمون هذه الخدمة الجيدة إذا لم يجعلهم سعداء، وفقًا لـ"ريتشر".

 

الرأسمالية الأخلاقية
 

- يعزو "ريتشر" اكتسابه لمفاهيم الرأسمالية الأخلاقية إلى والديه، لكن كفاحه منذ نعومة أظافره ربما كان سببًا في قربه من الموظفين، حيث بدأ بيع الشموع وهو في الخامسة عشرة، وأدار بعض متاجر تجزئة الإلكترونيات لصالح الغير قبل أن يفتح متجره الخاص.
 

- وفقًا لقراره في مايو الماضي، فإن حصة الأغلبية ستنتقل إلى صندوق يمتلكه الموظفون البالغ عددهم 522 موظفًا، وسيحصل هو على مبلغ 11.30 مليون دولار نظير ذلك، لكنه سيمنح 40% من عائدات الصفقة للموظفين في صورة مكافآت.
 

 

- من المقرر حصول كل موظف على مبلغ 1230 دولارًا عن كل عام عمله لصالح سلسلة المتاجر، مع استبعاد أعضاء مجلس إدارة الشركة من هذه المكافأة، مع العلم أن شركته تدفع 15% من أرباحها السنوية للأعمال الخيرية بالفعل.

- في كتابه "الرأسمالي الأخلاقي"، يقول "ريتشر": المؤسسات التي تخلق ثقافة قائمة على الإنصاف والصدق والاحترام تجني المكاسب، ويجتذبون الموظفين المتحمسين الذين يبقون لفترة طويلة؛ فمعدل دوران العمالة المرتفع دليل على وجود خطأ جوهري.
 

- معدل دوران الموظفين في "ريتشر ساوندس" يبلغ 11% سنويًا، مقارنة بمتوسط يبلغ 25% على مستوى هذه الصناعة، وتعمل الشركة على ترقية العاملين لديها لأرفع المناصب، حتى إن أعضاء مجلس الإدارة الحاليين كانوا من بين الموظفين الذين تمت ترقيتهم.

 

العاطفة والخبرة
 

- لإبقاء الموظفين مخلصين للشركة، يجري "ريتشر" مسحًا للمعنويات بشكل أسبوعي، حيث يقيم العاملين المناخ داخل المتاجر (دون إفصاح عن هويتهم) على مقياس من 1 إلى 10، ويتم التحقيق في الأمر حال كانت المشاعر سلبية.
 

- إلى جانب نجاحه كرجل أعمال، يُعتبر "ريتشر" أحد المستشارين الموثوقين لتجار التجزئة الكبار، ويقول إن بعض المقترحات التي قدمها لسلسلة "أسادا" عملت بشكل جيد خلال التسعينيات، كما أنه قدم المشورة العام الماضي لـ"ماركس آند سبنسر".
 

 

- قرار نقل الحصة الأكبر إلى الموظفين، كان مدفوعًا بعوامل عاطفية أيضًا، إذ يقول: أقترب من العمر الذي توفي عنده والدي، ولا أريد لزوجتي أن تتعامل مع المتاعب التي قد تترتب على وفاتي.
 

- تضمن حصة الـ40% المتبقية له تحقيق دخل معقول من الأرباح، لكن رغم أن "ريتشر" لا يزال يقوم بدور المدير العام للشركة، فإنه يتقاضى نفس الراتب الذي يحصل عليه مساعده الشخصي.
 

- بعد أيام قليلة من قرار نقل حصة الأغلبية للموظفين الذي يعتقد أنه سيساعده في التركيز على مواجهة الرأسمالية غير المنضبطة، قال "ريتشر" في تصريحات صحفية: لقد فعلت الشيء الصحيح، والآن أنام بشكل أفضل أثناء الليل.

 

المصادر: فوربس، فايننشال تايمز، الإيكونوميست، الجارديان

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.