كثيرًا ما يحار المديرون بين خيارين، لكلٍّ مميزاته وعيوبه، فكونه محبوبًا بين مرؤوسيه قد يدفعهم للتفاني في العمل والابتكار، وكونه مهيبًا بينهم قد يجعلهم يلتزمون بالقواعد التي يضعها بشكل كامل، ولكنه قد يجعلهم "موظفين تقليديين" لا يقدمون الابتكار ولا يضيفون للعمل لمسات بناءة.
"جوجل"
وعلى سبيل المثال، فإن "جوجل" تتبع مبدأ "الشركة المحبوبة" وليس فقط المدير المحبوب، من خلال عدم إلزام معظم الموظفين فيها بغالبية القواعد المُتبعة في غالبية الشركات من حضور وانصراف والاكتفاء بتنفيذ المهام الموكلة إليهم وفقا لجدول مرن، بل ويُسمح للموظفين باصطحاب حيواناتهم الأليفة إلى "جوجل بليكس" أو مقر الشركة الرئيس.
وعلى الرغم من ذلك تشير "بيزنيس إنسايدر" إلى أن سياسة "جوجل" في استقطاب العاملين فيها تقوم على عاملين أساسيين يسبقان غيرهما، وهما الانضباط والإحساس بالمسؤولية من جهة، والروح الخلاقة من جهة أخرى، بما يجعل تطبيق مثل تلك السياسة على شركة تنمو في الأصل بالابتكار أمرًا منتجًا وبقوة.
ويدعم توجه "جوجل" "المرن" ما أكدته دراسة نشرتها "سايكولوجي توداي" حول تأثير المدير الصارم على تدفق وحيوية العمل، حيث يقضي العاملون تحت سيطرة مثل هذا المدير 19.2 ساعة خلال الأسبوع في المتوسط (13 ساعة خلال أسبوع العمل و6.2 ساعة في عطلة نهاية الأسبوع) قلقين بشأن "ما قاله أو فعله الرئيس".
وأجريت هذه الدراسة على 1000 من البالغين فوق سن 18، وتكشف مدى تضرر العمل من صرامة المدير "المبالغ بها"، لا سيما مع الأخذ في الحسبان أن هؤلاء الذين يحظون بمدير "محبوب" أو "مرن" يقضون 3.1 ساعة فحسب قلقين حول ما قاله المدير أو ما فعله بما يعكس فارقاً هائلاً في الإنتاجية.
قلق
بل وكشفت دراسة لجامعة "جورج تاون" الأمريكية عن أن 80% من الموظفين يقضون أوقاتًا غير محددة في القلق أو الغضب من "وقاحة" بعض المديرين أو من تأثيراتها عليهم وعلى إنتاجيتهم، بما يدفعهم أحيانًا للإحجام عن أداء بعض المهام خوفًا من التعرض للتقريع فحسب.
وتنخفض درجة القدرة على الابتكار بنسبة 33% بين هؤلاء الذين يخشون تعرضهم لـ"التعنيف الشديد" مقارنة بمن لا يخشونه، ويشعرون بأربعة أضعاف الشعور بالعجز الذي يشعر به الموظف الذي يحظى بمدير "غير مفرط الصرامة".
وعلى الرغم مما يبدو الأمر عليه من ميل واضح للمدير المحبوب، إلا أن دراسة "سايكولوجي توداي" تؤكد ضرورة الوصول إلى ما يعرف بالمدير "المحبوب القاسي"، بما يشبه الطريقة التي يتبعها الأهل مع الأبناء في تربيتهم، فهو يُدلل الأبناء إذا أصابوا ويعاقبهم إذا أخطؤوا ولكن يوضح أن العقاب هو على سبيل التهذيب وليس " الانتقام".
إنتاجية أفضل
وفي حالة استخدام المديرين لمثل هذه الطريقة فإن الإنتاجية ارتفعت في شركات الهندسة والمحاسبة في الولايات المتحدة بنسبة 35% على سبيل المثال، وذلك مع الأخذ في الحسبان أن الأخيرة تعد من بين أكثر الشركات قسوة في قواعد العمل في أمريكا بشكل عام.
وتضع "فوربس" مجموعة من القواعد التي تجعل المدير قادرًا على تطبيق طريقة "الحب والصرامة" وعلى رأسها عدم إخلال المدير بأي قاعدة من القواعد التي يضعها، أو تلك التي تضعها المؤسسة، مع توضيحه باستمرار لـ"سبب" أي مهمة يؤديها الموظف، فإلمام الأخير بالأسباب يجعله يؤدي مهامه بصورة أفضل ويصبح أكثر ميلًا للابتكار والمبادرة.
وتشير "سايكولوجي توداي" إلى أن دراسة لجامعة "ساوث كارولينا" أكدت ضرورة تمتع المديرين الذين يطبقون نظام المدير المحبوب الصارم بقدر عال من الذكاء العاطفي، حيث تزداد نسبة نجاحها مع ذوي الذكاء العاطفي فوق المتوسط بنسبة 70% عن غيرهم (مع ملاحظة فائدة تمتع المديرين بذكاء عاطفي مرتفع بشكل عام).
المصادر: "بيزنيس إنسايدر" "سايكولوجي توداي"، دراسة لجامعة "جورج تاون"، "فوربس"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}