نبض أرقام
12:17 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

"النار بجوار البنزين".. كيف يتلاعب صناع السياسات بمصير الاقتصاد العالمي؟

2019/10/22 أرقام

خلال جولته الآسيوية في ربيع عام 2014، تحدث الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" إلى الصحفيين المرافقين له على متن الطائرة الرئاسية حول سياسته الخارجية واختلافها عن سابقه "جورج بوش"، قائلًا إنها تتمحور حول مفهوم هو "عدم ارتكاب الحماقات".

 

 

هذه الكلمات المختصرة تحولت بعد ذلك إلى ما يعرف بـ"عقيدة أوباما"، والتي يرى محللون ومراقبون أنها ليست نافعة فقط في الجانب السياسي والدبلوماسي، إنما حتى تليق بما يحتاجه الاقتصاد العالمي اليوم لتجنب مصير قاتم لا تحمد عقباه.

 

آفاق سيئة للاقتصاد العالمي

 

- قال صندوق النقد الدولي على لسان مديرته الجديدة "كريستالينا جورجيفا"، إنه يتوقع نموًا أبطأ في نحو 90% من المناطق حول العالم هذا العام، حيث أصبح الاقتصاد العالمي في حالة تباطؤ متزامن الآن، في حين تشير بعض التحليلات إلى دخوله في حالة ركود متزامن.

 

- يقول مؤلفو التقرير المشترك لـ"بروكينغز" و"فاينانشيال تايمز" والذي يعتقد أن الاقتصاد العالمي في حالة ركود متزامن، إن التوترات التجارية المستمرة وعدم الاستقرار السياسي والمخاطر الجيوسياسية والمخاوف بشأن الفعالية المحدودة للحوافز النقدية تقود التباطؤ.

 

 

- يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3% فقط هذا العام، منخفضًا من 3.6% خلال عام 2018، وأقل من توقعاته السابقة في يوليو الماضي والبالغة 3.2%، ومحذرًا من أنها وتيرة لا ينبغي معها ارتكاب أي أخطاء سياسية أو اقتصادية.

 

- كما يتوقع الصندوق أيضًا وصول النمو في البلدان مرتفعة الدخل إلى 1.7% انخفاضًا من 2.3%، و3.9% في الاقتصادات الناشئة تراجعًا من 4.5%، مؤكدًا في الوقت ذاته على حاجة الاقتصادات الكبرى لإنهاء التوترات التجارية والجيوسياسية.

 

- من المتوقع أيضًا نمو حجم التجارة العالمية بنسبة 1.1% فقط خلال العام الجاري، انخفاضًا من 3.6% خلال العام الماضي، وهو مستوى دون نمو الناتج العالمي، ما يدل على ضعف العولمة أو عدم احترام التجارة الحرة على الأقل.

 

الحماقات تحيط بالاقتصاد العالمي

 

- إذا تفاقمت النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، فإن سلاسل الإمداد، خاصة المرتبطة بالمنتجات التقنية المتقدمة، يمكن أن تتعطل بشدة، وربما تكون عملية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فوضوية.

 

- كما أن المخاطر الجيوسياسية كثيرة، خاصة في الشرق الأوسط وآسيا، لكن قبل كل شيء، العلاقات بين واشنطن وبكين آخذة في التدهور، يضاف إلى كل ذلك الهشاشة المالية التي يعاني منها العالم لا سيما مع ارتفاع ديون الشركات غير المالية.

 

 

- من بين المخاطر الأخرى أيضًا الهجمات السيبرانية، والعمليات الإرهابية على أرض الواقع، إضافة إلى فشل العالم إلى الآن في معالجة مشاكل المناخ، وكل هذه المخاطر تعني أن الاقتصاد العالمي يواصل ارتكاب المزيد من "الحماقات".

 

- تعمل سياسة الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب" على تحطيم الأسس التي يقوم عليها النظام التجاري المتبع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يخلق حالة من عدم اليقين، أملًا في تحقيق الهدف المتمثل في التوازن الثنائي (الذي يراه البعض سخيفًا).

 

- إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يبدو أيضًا من الحماقات التي يرتكبها العالم، إذ يمكن أن يدمر الشراكة المثمرة بين المملكة المتحدة وشركائها، تمامًا كما هو الأمر بالنسبة للتشاحن المتزايد بين اليابان وكوريا الجنوبية.

 

وضع قابل للانفجار

 

- كل هذه الحماقات تعني أن صناع السياسات حول العالم يلعبون بالنار في مناخ قابل للاشتعال، ولا تكمن المشكلة في تباطؤ الاقتصاد العالمي نفسه بقدر ما تتمثل في صعوبة القيام بالكثير للاستجابة لما هو آت.

 

- خلص مسح أجرته "بلومبيرغ" إلى أن الفيدرالي وبنك إنجلترا (كلاهما يعارض الفائدة السالبة) لن يستطيعا خفض سعر الفائدة إلى ما دون الصفر، في حين سيكون المركزي الأوروبي قادرًا على خفضها إلى سالب 0.8% من 0.5% حاليًا، وفي اليابان يمكن أن تتراجع إلى سالب 0.35% من 0.1%.

 

 

- في ظل محدودية أدوات السياسة النقدية في تجنب الأزمة المقبلة، يتم تخويف الناس من الاقتراض الحكومي، والحقيقة المذهلة، هي أن أكبر ستة اقتصادات ذات دخل مرتفع، يمكنها اقتراض الديون لأجل 30 عامًا بمعدل فائدة قرب 2% أو أقل.

 

- ربما يجدر بالمرء الخوف فعلًا من إدارة هذه القروض في ظل آفاق النمو الضعيفة، لكن في المجمل فإن هذه الهشاشة هي انعكاس لموجة القومية التي تجتاح البلدان مرتفعة الدخل، وفي حين أن التباطؤ المتواضع هو نتيجة طبيعية، فإن التباطؤ الحاد الذي يصعب التعامل معه سيكون مربكًا للغاية.

 

- تقول "جورجيفا" إن الجميع بحاجة إلى "التزام محدد بالتعاون الدولي"، في إشارة أشبه لما خلصت إليه لجنة "بريتون وودز" قبل عقود، وفي حين تبدو هذه الرؤية طموح بشكل مبالغ فيه اليوم، ربما يمكن (على الأقل) أن يتوقف البشر عن ارتكاب الحماقات.

 

المصادر: فاينانشيال تايمز، فورين بوليسي، أرقام، بلومبيرغ

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.