في منتصف شهر أكتوبر تراجع قطاع العقارات في الولايات المتحدة من أعلى قمة سجلها قبل 12 عامًا، ولكن الانحدار عن تلك القمة جاء سريعًا بشكل أثار المخاوف من مستقبله، لا سيما مع التحذيرات المتعددة من دخول اقتصاد الولايات المتحدة في حالة من الركود.
سقوط من القمة
وتتوقع مجموعة "زيلو" العقارية الأمريكية تراجع السوق العقاري الأمريكي خلال 2020 مع ركوده خلال 2020، مشيرة إلى أن التراجع بنسبة 9.4% خلال الربع الثالث من 2019 يعد الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية بما يؤشر لاتجاه هابط حاد.
وتشير تقديرات المجموعة إلى استمرار تراجع السوق خلال الربع الأخير من 2019 بنسب مقاربة، على أن تكون بدايات 2020 بمثابة الاختبار الحقيقي لها، فإذا واصلت الاتجاه التنازلي فإن ذلك سيشير إلى أزمة حقيقية غالبا سوف تستمر لعامين على الأقل، وهو ما ترجحه المجموعة.
ويأتي هذا التراجع على الرغم من تراجع معدل الفائدة السنوي على الرهن العقاري من 5%- 3.5% فيما تبدو محاولة لتشجيع المستهلكين على المزيد من شراء المنازل، والمستثمرين على شرائها لأغراض الاستثمار أو التأجير لكن ذلك لم يفلح كثيرًا.
وهناك عدد من المشاكل الهيكلية التي يشهدها القطاع العقاري الأمريكي وتؤثر بالسلب على نموه منذ فترة طويلة، ولعل أهمها نقص الأراضي الجديدة القابلة للبناء فيها إذ يقدر تقرير لجامعة "شيكاغو" تعرض الأراضي العقارية المتاحة لحالة من الجمود في الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن الماضي.
معاناة هيكلية
فقبل التسعينيات كانت معدلات نمو الأراضي العقارية تتراوح بين 3-5% سنويًا، وعلى الرغم من أن هذا كان يفوق معدلات النمو السكاني الأمريكي ويهدد بأزمة عرض زائد إلا أن الواقع يؤكد أن أسلوب الحياة الأمريكي الذي يعتمد على السكن في المنازل والترحال من مكان لآخر لم يجعل تلك أزمة (فضلًا عن استقلال كثيرين بحياتهم في أعمار مبكرة).
أما خلال العشر سنوات الأخيرة فلم يتعد معدل نمو الأراضي العقارية 1-2% وذلك للعديد من الأسباب منها المخاوف من تكرار أزمة الرهن العقاري والتي تسببت في ظهور "معروض مفاجئ" من العقارات التي اضطر أصحابها للتنازل عنها.
كما تعاني صناعة البناء من نقص حاد في العمالة المؤهلة والمُدربة، وتٌقدر "بلومبرج" النقص في تلك النوعية من العمالة المؤهلة للعمل في العقارات بنحو 17-20% بما يحد من قدرات الصناعة على النمو حتى في الفترات التي تتوافر فيها الظروف الملائمة.
التأثير والتأثر بالركود
ويشير تقرير لموقع "ماركت ووتش" إلى أن الأزمة الحقيقية تتمثل في تراجع كافة أجزاء الولايات المتحدة عقاريًا، حيث يتم تقسيمها لأربع مناطق من ناحية الأداء العقاري، شمالًا وجنوبًا وغرب الوسط وشرق الوسط، مع ملاحظة تراجع غرب الوسط والشمال بنسبة أكبر (قرابة 15%) بما يوحي باقتراب ركود في السوق العقاري بالفعل.
والشاهد أن الأزمة الحقيقية تتمثل في بدء تراجع العقارات مع تزايد المخاوف من الركود الأمريكي بشكل عام، ففي الحالات العادية لا يشكل الركود بالضرورة تهديدًا للعقار، إذ يتعامل معه كثيرون كمخزن للقيمة، ولكن إذا كان الركود مزدوجًا، أي ركودًا عامًا وفي العقارات، فإن العقارات قد لا تشكل هذا البديل التقليدي "الفعال" كمخزن للقيمة.
بل يحذر تقرير لـ"فوربس" من احتمال مساهمة العقارات في الركود العام -إذا وقع- ففي ظل المحاذير الكبيرة في أعقاب أزمة الرهن العقاري يبدو السوق "مكبلًا" إلى حد بعيد وغير قادر على استقبال الاستثمارات الجديدة التي تأتيه بسبب الركود.
وعلى الرغم من وصول نسبة المنازل الأمريكية التي لا تعاني من وجود رهن عقاري عليها منتصف العام الحالي إلى 40% وهي النسبة الأدنى منذ 30 عامًا إلا أن ذلك قلص الاستثمارات في القطاع الذي اعتمد كثيرًا على الديون في تمويل نموه وهدده بركود مماثل لما قد يشهده الاقتصاد ككل.
المصادر: تقرير لمجموعة "زيلو"، بلومبرج، تقرير لجامعة "شيكاغو"، فوربس، ماركت ووتش
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}