"البركة بالشباب" كثيرًا ما تُقال هذه العبارة للإشارة إلى ما يملكه الشباب من طاقة تعينهم على العمل والإنتاج، وعلى الرغم من صحة هذه العبارة في بعض المجالات إلا أن هناك العديد من الاعتبارات التي توجب إعادة النظر من الناحية الاقتصادية تحديدا.
بطالة
فعلى سبيل المثال يشير موقع "لينكد إن" إلى أن الفئات الأكثر طلبًا وحصولًا على الوظائف هم بين الخامسة والعشرين إلى الخامسة والثلاثين من العمر، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة البطالة بين هذه الفئة هي الأعلى في غالبية دول العالم.
ويرجع ذلك إلى أن معدلات فقدان الوظائف بينهم تكون أعلى، إذ تؤشر دراسة للمنتدى الاقتصاد العالمي إلى أن من هم دون الثلاثين يعانون من معدل بطالة يفوق المعدلات الوطنية بـ16% في المتوسط في الدول المتقدمة، وترتفع النسبة إلى أكثر من ذلك كثيرًا في الدول النامية.
وترجع الدراسة ذلك إلى غياب "النُّضج" الكافي والذكاء العاطفي الذي يعينهم على البقاء في وظائفهم رغم ما يكتنفها من تحديات، بل ويكون غياب "الحافز" بمعنى وجود التزامات أسرية على سبيل المثال أو رغبة في الادخار عاملا سلبيا لدى كثير من الشباب ويؤدي لارتفاع معدلات تركهم للأعمال.
وفي المقابل، يشير موقع "أب وورك" وهو أحد أهم مواقع العمل الحر على الإنترنت، إلى أن من لديهم خبرة تفوق 10 سنوات هم الأكثر حصدًا للأموال على الموقع، على الرغم من حصول الشباب على غالبية الفرص، إلا أن أصحاب الأعمال غالبًا ما يفضلون "مزيجًا من الخبرة والمهارة والحيوية" وهو ما يجدونه غالبًا في هؤلاء مَن فوق 35 عامًا.
إنجازات
وكشفت دراسة لجامعة "أوهايو" عن أن غالبية المبدعين الذين يقدمون "إنجازات فكرية" في منتصف العشرينيات من العمر، بينما يقدمون اختراعات عملية في منتصف الخمسينيات، بل وتشير إلى أن غالبة مخترعي التكنولوجيا لم يستطيعوا تقديم إنجازاتهم إلا من خلال بذل جهد في تعلم "العلم" قبل الوصول إلى درجة كبيرة من الإنجاز.
كما توضح دراسة نشرها المنتدى الاقتصادي العالمي أن ذاكرة المدى القصير تصل إلى أقصاها في منتصف العشرينيات، غير أن الأهم، وهي ذاكرة المدى الطويل تستمر في النمو لتصل إلى قمتها في منتصف الأربعينيات أو الخمسينيات.
بل إن متوسط أعمار الحاصلين على جائزة نوبل يصل إلى 39 عامًا، بينما يصل متوسط أعمار المرشحين للجائزة إلى 47 عامًا، والرقم الأخير أشد أهمية لأنه يمثل أعدادًا أكبر ممن قدموا إسهامات لافتة بغض النظر عن فوزهم بالجائزة من عدمه، ويؤشر لعمر يتخطى مرحلة الشباب في هذا الصدد.
ذكاء عاطفي ونمط استهلاك
كما تزداد نسب الذكاء العاطفي في المتوسط بـ20-45% بين العشرينيات ومنتصف الأربعينيات، بما يجعل المنتظمين في هذا العمر أقدر على تحقيق نجاحات إدارية لا يستطيع الكثير من الشباب تحقيقها بسبب الافتقار للخبرة وما تبنيه من ذكاء عاطفي (قدرة على قراءة مشاعر الآخرين والتعامل معهم).
وتكشف دراسة "أوهايو" أنه على الرغم من اعتقاد الكثيرين في ارتباط الشباب بالحيوية والإنتاجية العالية، إلا أن إنتاجية هؤلاء الذي يتوسطون حياتهم العملية، 35-47 عامًا تقريبًا، تزيد بنسبة 40% في المتوسط عن الشباب الذين يقلون عن 30 عامًا، ولذلك أسبابه المنطقية المتعلقة بتراكم الخبرات بالأساس.
كل ما سبق يتعلق بالإنتاجية، أما بالأنماط الاستهلاكية فيشير تقرير لشبكة "سي.إن.بي.سي" إلى أن جيل الألفية من الشباب هو الذي يغذي نمو اقتصاد الخبرة في العصر الحالي، ويدفع باقتصاد الخدمات إلى المزيد من النمو بما يقلص من حصة الاقتصاد الحقيقي (أو السلع الملموسة والخدمات الأكثر أهمية كالنقل) لحساب اقتصاد كثيرًا ما يشهد فقاعات وحالات من الاضطراب.
ويؤكد كل هذا ما يشير إليه المُنظم الشهير "ريتشارد كالجارد" في مقال في "وول ستريت جورنال" بضرورة التوقف عن "الهوس" بكل من هم تحت الثلاثين من العمر، معتبرًا أنه خلافًا لما يعتقده كثيرون –ومن وجهة نظر اقتصادية بحتة- فإن مرحلة الشباب قد لا تكون الأفضل أو الأكثر فعالية أو إنتاجية.
المصادر: "لينكد إن"، "أب وورك"، "دراسة لجامعة "أوهايو"، منتدى الاقتصاد العالمي، "سي.إن.بي.سي"، "وول ستريت جورنال"
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}