في الوقت الذي يتزايد فيه الجدل حول ممارسة "إعادة شراء الأسهم" باعتبارها أحد مسببات عدم المساواة العالمية، يبدو أن الشركات تميل إلى سبيل آخر لمكافأة مساهميها، عن طريق زيادة توزيعات الأرباح، والتي تواصل تجاوز مستويات قياسية على الصعيد العالمي.
كشفت دراسة أجرتها مؤسسة "هندرسون إنترناشونال إنفست ترست" عن أن المستثمرين في أكثر 1200 شركة قيمة حول العالم سيحصلون على 1.38 تريليون دولار من توزيعات الأرباح هذا العام، بعدما حصلوا على نحو 1.25 تريليون دولار في 2018، مسجلين مستوى قياسيًا جديدًا.
لكن المراقبين يقولون إن هذا الارتفاع يتزامن مع انخفاض غطاء التوزيعات، وهو مقياس للأرباح بالنسبة إلى التوزيعات، والذي تراجع إلى أدنى مستوياته منذ عقد، ويعني ذلك أن الشركات ستكون معرضة للخطر حال حدوث ركود اقتصادي.
من المفروض أن يشكل ذلك مشكلة للمستثمرين الذين لجؤوا إلى أسواق الأسهم بحثًا عن عائدات في ظل الفائدة المنخفضة تاريخيًا، ومع ذلك، فمن المعتقد على نطاق واسع أن الأسهم الموزعة للأرباح نفسها، قد تكون الحصن المنيع ضد العديد من التحديات التي تشهدها الأسواق حاليًا.
التوزيعات المتزايدة هي الأفضل
- مدير صندوق "فانجارد ديفيديند جروث" البالغة أصوله 38.6 مليار دولار "دونالد كيلبرايد" يقول إن الارتفاع الثابت في الدخل المحقق من توزيعات الأرباح ساعد المستثمرين على التصدي لانخفاض القيمة خلال الاتجاهات السوقية السابقة.
- في عام 2018، على سبيل المثال، عندما انخفض مؤشر "إس آند بي 500" بما في ذلك توزيعات الأرباح بنسبة 4.4%، حقق الصندوق مكاسب بنسبة 0.18%، وعندما هبط المؤشر بنسبة 37% عام 2008، سجل الصندوق خسائر لكن أقل بكثير، عند 26.6%.
- في عام 2019، حقق الصندوق نجاحًا كبيرًا، وارتفع بنسبة 25.2% حتى نهاية سبتمبر، مقارنة بعائد نسبته 20.5% لمؤشر "راسل 1000" لأسهم الشركات الكبيرة، وبنسبة 13% على أساس سنوي لمدة العشر سنوات الماضية، وهو نفس أداء المؤشر.
- لا يركز "كيلبرايد" على الأسهم التي تمنح مدفوعات أرباح ضخمة، هذا ليس الهدف، وإنما يركز على أسهم التوزيعات النامية، التي يمكنها زيادة المدفوعات النقدية بوتيرة ثابتة، ويقول: الشركات التي تمنح مساهميها مدفوعات كبيرة لديها قدرة أقل على زيادة التوزيعات.
- أكبر ثلاث حيازات للصندوق تشمل القطاع الصناعي والأسهم الدفاعية (مرافق الخدمات والسلع الاستهلاكية) والرعاية الصحية، ولم تشمل أيًّا من أسهم المصارف التي عادة ما تدفع توزيعات أرباح مرتفعة للغاية.
معايير الانتقاء
- في بريطانيا، دفعت الشركات المدرجة في البورصة ما قدره 125 مليار دولار من توزيعات الأرباح خلال العام الماضي، وهو مستوى قياسي، في ما وصفه تقرير لموقع "ستوكوبيديا" بالأمر الأكثر أهمية نظرًا لظروف السوق غير المستقرة.
- نمو هذه التوزيعات النقدية يعد دليلًا على أن الأسهم الموزعة للأرباح قوية وتشكل مصدرًا موثوقًا به لتحقيق العائد الاستثماري خلال الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء، وكان أحد أفضل اللاعبين أداءً في السوق البريطاني من حيث توزيعات الأرباح سهم شركة التعدين "ريو تينتو".
- من أكثر ما ميز سهم "ريو تينتو" أنه يحقق عائدا مرتفعا لكنه ليست مفرطًا، فرغم أن العائد المرتفع جذاب ينبغي توخي الحذر، فعندما يتوقع السوق انخفاضًا في التوزيعات يتراجع سعر السهم وحينها يبدو العائد مرتفعًا نسبة للسعر وليس نتيجة توزيعات حقيقية.
- الأمر الآخر المهم عند بناء استراتيجية الاستثمار في الأسهم الموزعة للأرباح هو امتلاك سجل حافل من نمو هذه التوزيعات -كما أشار "كيلبرايد"- والذي يعكس سياسات الإدارة لمعالجة الأرباح وزيادة التوزيعات بدلًا من التخلص منها سريعًا.
ماذا عن غطاء التوزيعات؟
- الشركات الناجحة في الحفاظ على نمو التوزيعات، تمنح مدفوعات نقدية أكثر تواضعًا، لكنها أفضل في الحفاظ على استمرارية هذه المدفوعات، كما أنها تتحلى بمستوى كبير من تغطية التوزيعات.
- غطاء التوزيعات النقدية هو ربحية السهم مقسومة على نصيب السهم من التوزيعات، ويشير الغطاء الأقل من 1 إلى أن الشركة لا يمكنها تمويل عملية التوزيع من أرباح العام الحالي (يبلغ غطاء "ريو تينتو" 1.44).
- لاختيار الأسهم في صندوقه، يفحص "كيلبريد" بيانات الشركات لفترة الخمس سنوات الأخيرة، بهدف الحصول على تأكيدات بشأن قدرة الإدارة على الحفاظ على نمو الأرباح سنويًا بنسبة لا تقل عن 10%.
- يقول "كيلبريد" إن التدفق النقدي الحر، وهو مقياس للأموال التي تمتلكها الشركات لتوزيع الأرباح وغيرها من الأغراض، هو المعيار الرئيسي، موضحًا أنه ينظر أيضًا في سياسات الإدارة والمجلس لقياس استعدادهم وقدرتهم على زيادة المدفوعات النقدية.
- في الوقت الراهن، تشكل عائدات توزيعات الأرباح مصدر جذب هائلاً تزامنًا مع أسعار الفائدة المنخفضة المنتشرة في كل مكان، ومع ذلك، ينصح المحللون بأن تتم عملية الانتقاء بعناية فائقة، حيث إن كثيرا من التوزيعات لا تتحلى بالاستدامة خاصة حال تباطَأ الاقتصاد العالمي.
المصادر: التلغراف، نيويورك تايمز، ستوكوبيديا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}