نبض أرقام
07:49 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

القشة التي قصمت ظهر تشيلي.. كيف أثارت 4 سنتات غضب شعب "المعجزة الاقتصادية"؟

2019/11/04 أرقام - خاص

عرفت تشيلي ببلد "المعجزة الاقتصادية" نظرًا للنمو المذهل الذي حققته على مدار ثلاثة عقود، بفضل تبنيها سياسات فعالة وجريئة جعلت اقتصادها أكثر انفتاحًا، ورفعت نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وقللت من حدة الفقر.



 

منذ سقوط النظام العسكري الحاكم في تشيلي، نما اقتصاد البلاد بمتوسط سنوي 5% خلال الفترة بين عامي 1990 و2015، وانكمش فقط في مرتين اثنتين، الأولى عام 1999 والثانية بعد عشرة أعوام من هذا التاريخ تزامنًا مع الأزمة المالية العالمية.

 

وقفز حجم الاقتصاد التشيلي من 20 مليار دولار في 1984 إلى 277 مليار دولار في الوقت الراهن، ووصل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 24 ألف دولار، أي أكثر بـ40% عن المتوسط المسجل في منطقة أمريكا اللاتينية.

 

ورغم الإحصاءات التي تشير إلى تراجع نسبة من يعيشون في فقر مدقع داخل البلاد (من 20.8% عام 1990 إلى 2% بحلول 2013)، لا يبدو أن مواطني تشيلي سعداء تمامًا بما آلت إليه الأوضاع في بلادهم، حيث عصفت بالبلاد موجة من الاحتجاجات الدامية والاضطرابات السياسية جراء الظروف المعيشية.

 

أربعة سنتات قاتلة
 

- تناهض الاحتجاجات التي اشتعلت في تشيلي على مدار الأيام الماضية تردي الأوضاع المعيشية، وتطالب بإصلاحات من شأنها التأثير إيجابًا على حياة المواطنين، ويرفع المحتجون مطلب رحيل الرئيس "سيباستيان بينيرا" الذي أجرى تعديلًا وزاريًا شمل وزراء الداخلية والمالية والاقتصاد.
 

- الاحتجاجات التي صاحبها أعمال شغب وعنف، وصفت بأنها الأسوأ منذ عودة تشيلي إلى الديمقراطية بعد سقوط حكم "أوغستو بينوشيه" عام 1990، وراح ضحيتها 19 قتيلًا وفرضت حالة الطوارئ وحظر التجول.

 

 

- المثير للعجب في احتجاجات تشيلي الأخيرة هو سبب اندلاعها، حيث تفجر الغضب في أنحاء البلاد في الثامن عشر من أكتوبر بعد إعلان زيادة رسوم المترو في العاصمة سانتياغو بنحو 4% أو ما قدره 30 بيزو، وهو ما يعادل 0.04 دولار.
 

- في ذلك اليوم، دعا الطلاب عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى التهرب من سداد رسوم المترو، وسرعان ما اندلعت المظاهرات التي تطورت إلى احتجاج شعبي واسع مصحوب بأعمال نهب وفوضى، حيث تعرضت المحال التجارية للسلب وتم إحراق 22 محطة مترو.
 

- مع تواصل الاحتجاجات في شوارع العاصمة، قرر الرئيس "بينيرا" إلغاء قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "إبيك" والتي كان من المقرر إقامتها في سانتيغو في الرابع عشر من نوفمبر، وكذلك إلغاء قمة المناخ العالمي المقرر إقامتها في الثاني من ديسمبر.
 

- بعد القرار المفاجئ في الثلاثين من الشهر الماضي بإلغاء قمة "إبيك"، اختتمت بورصة أسهم سانتياغو تعاملات ذلك اليوم منخفضة 3.1% لتعمق خسائرها منذ الحادي والعشرين من نفس الشهر إلى نحو 9%.

 

لم السخط؟
 

- أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "فنداسيون سول" التي تتخذ من العاصمة سانتياغو مقرًا لها، أن 50% من العمال في البلاد، يتقاضون أقل من 400 ألف بيزو شهريًا (550 دولارًا)، وهو ما يجعل التغيير الطفيف على تعريفة المترو مثيرًا لغضبهم.

 

 

- في الوقت نفسه، كشف تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2017، عن أن أغنى 1% من سكان البلاد يتحكمون في 33% من ثروتها، ما يجعل تشيلي من بين أكثر الدول غير المتكافئة من حيث توزيع الدخل الدخل بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
 

- يرى معلقون أن الاحتجاجات العفوية والجامحة الأخيرة انتظرت عقودًا منذ سقوط الديكتاتورية كي تنفجر، وفي حين أنها تفاجئ العالم، فإنها تبدو نتيجة طبيعية لما عايشه السكان المحليون، حيث  كان النجاح الاقتصادي الكبير غير عادل.
 

- بعد إسقاط الديكتاتورية، بدأت المطالب بإعادة توزيع الثروة والمنافع الاجتماعية بالظهور لكن ببطء، ومع ذلك، ركزت الأحزاب السياسية في البلاد كل طاقتها في أماكن أخرى، لتوسيع وترسيخ النموذج الليبرالي الجديد.
 

- عملت قوى يسار الوسط على إصلاح أنظمة التعليم والصحة والمعاشات التقاعدية في البلاد، ووسعت نطاق الاستفادة منها، لكنها حافظت أيضًا على نهج الخصخصة، مع العلم أن حتى إصلاحات سياسات التعليم والتقاعد كانت محدودة للغاية.

 

ماذا يريد المحتجون؟
 

- يطالب العديد من المتظاهرين بصياغة دستور جديد يحل محل الدستور الذي كتب عام 1980 في عهد "بينوشيه"، والذي وضع الأساس القانوني لنموذج الاقتصاد الذي يحركه السوق ويخصخص أنظمة المعاشات والصحة والتعليم.
 

- رغم إعلان الرئيس "بينيرا" عن التعديل الوزاري الأسبوع الماضي بجانب تعهده ببعض الإصلاحات الاجتماعية، تدفق المحتجون إلى شوارع سانتياغو وإلى الساحات بالقرب من القصر الرئاسي مرددين "فويرا بينيرا" أو "ليرحل بينيرا".



  

- تطالب المعارضة السياسية في تشيلي ببدء محاسبة الرئيس الحالي بتهمة انتهاك حقوق الإنسان خلال فرضه لحالة الطوارئ في البلاد، وأشار معارضون إلى جمعهم توقيعات من أعضاء مجلس الشيوخ لبدء إجراءات المساءلة.
 

- جمعت المعارضة 16 توقيعًا لبدء الإجراء الذي يتطلب عشرة توقيعات فقط، ومع ذلك، فإن ثلثي أصوات أعضاء المجلس (يبلغ عددهم 43 عضوًا) تظل مطلوبة لإدانة الرئيس.

 

المصادر: أرقام، موقع "ڤوكس"، سي إن بي سي، فايننشال تايمز، الجارديان، دويتشه فيله

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.