في وقت سابق من هذا العام، عندما كان أكبر مصرفين في ألمانيا "دويتشه بنك" و"كومرتس بنك" يبحثان سبل الاندماج، في صفقة تاريخية تهدف إلى مساعدتهما على تجاوز العقبات، كان يخطط "جولدمان ساكس" لاصطياد عملائهما.
يعاني المصرفان الألمانيان منذ فترة طويلة، وبالكاد يمكنهما تحقيق الأرباح، وسلكت الإيرادات طريقًا هبوطيًا لمدة ليست بالقصيرة تزامنت مع عمليات تصفية وتسريح للموظفين بهدف الحفاظ على الربحية (لا يتوقع المحللون تحقيق "دويشته" هدفه لهذا العام).
كما يخوض مصرف "كومرتس" عملية تحول، وهبط سهمه بأكثر من 50% خلال عام 2018، قبل أن يتعافى قليلًا في بداية العام الجاري، لكن سرعان ما عاود الهبوط مجددًا ليسجل أدنى مستوياته على الإطلاق في شهر أغسطس الماضي.
البحث عن بدائل رابحة
- في منتصف مارس الماضي، دخل المصرفان في محادثات رسمية لبحث الاندماج، في خطوة قيل آنذاك إنها جاءت بعد موافقة الحكومة الألمانية على الخطط المحتملة لخفض الوظائف والنفقات، حيث كان من المعتقد على نطاق واسع أن الصفقة ستحمي عمليات البنكين من التعثر.
- الصفقة كانت لتمنح ألمانيا كيانا مصرفيا أكبر حجمًا وبمقدوره تحقيق وفورات أكثر، بحسب محللين، إضافة لتزويد عمليات "دويتشه" بمصدر جديد للتمويل الرخيص عبر ودائع التجزئة الهائلة المتوافرة لدى "كومرتس"، علاوة على الهيمنة شبه المطلقة على أعمال التجزئة والخدمات المصرفية في البلاد.
- هناك نحو 900 شركة صغيرة ومتوسطة تشكل قلب قطاع الأعمال في ألمانيا، وتتراوح إيراداتها بين 500 مليون يورو (550 مليون دولار) إلى ملياري يورو، وهي بطبيعة الحال ضمن محور اهتمام البنوك المحلية وعلى رأسها "دويتشه" و"كومرتس"، لكن لا تجذب عادة كبار "وول ستريت".
- في ظل تعرض "جولدمان ساكس" للضغوط بسبب عدم قدرته على تحسين الربحية، وجه المصرف ناظريه إلى أبعد من عملائه التقليديين، ويقول رئيسه "جون والدرون": ما نبحث عنه هو موطئ قدم أكبر، المزيد من العملاء يعني المزيد من الإيرادات.
- في منتصف أكتوبر الماضي، كشف المصرف الاستثماري عن بلوغ أرباحه، 4.79 دولار للسهم الواحد خلال الربع الثالث مقارنة بتوقعات بلغت 4.81 دولار، مع هبوط الإيرادات بنسبة 6%، بضغط من ضعف أعمال الاستثمار والإقراض والخدمات المصرفية.
"جولدمان" يتحين الفرصة
- توسع "جولدمان" في الولايات المتحدة اجتذب الكثير من الاهتمام، بعدما أضاف المصرف المزيد من المصرفيين في مدن الدرجة الثانية مثل أتلانتا ودالاس، في إطار حملة كشف عنها في أبريل، لكنه عمل في هدوء أيضًا على بناء فريق من 40 شخصًا لاستقطاب الأعمال من الشركات المتوسطة في أوروبا.
- ما كان ليجد المصرف الأمريكي توقيتًا أفضل من ذلك لتمرير خطته، واقتطاع جزء من كعكة الشركات الأوروبية والألمانية على وجه التحديد، في تكرار لسيناريو الغفلة الذي هيمنت فيه البنوك الأمريكية على النظام المصرفي العالمي.
- بدأت مفاوضات "دويتشه" و"كومرتس" في مارس وأُعلن فشلها بعد شهر، حيث وجد البنكان أن المخاطر والتكاليف المحتملة لعملية الدمج ستفوق منافعها، حسبما أعلن المسؤولون، في الوقت الذي قال فيه "والدرون" إن مصرفه يتطلع للفرص في أوروبا الغربية.
- يقول المشرف على حملة "جولدمان" في أوروبا "روب بولفورد": ألمانيا محور تركيزنا إلى جانب فرنسا والمملكة المتحدة، لقد كان لدينا انجذاب كبير للشركات المملوكة للأسر أكثر مما توقعنا في البداية، خاصة في ظل انتعاش أعمال التمويل.
- لكن بيانات "ديلوجيك" تشير إلى أن "جولدمان" في طريقه لفقدان جزء من حصته السوقية في أعمال الدمج والاستحواذ، من الصفقات التي تقل قيمتها عن 500 مليون دولار في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، من 19% إلى 18% هذا العام.
أهداف مشروعة وطريق شاق
- منافسة "جولدمان ساكس" للمصارف الأوروبية على كعكة أعمال الشركات الصغيرة والمتوسطة ليس فيها أي شيء خارج عن الممارسات المقبولة والأخلاقية، وعلى سبيل المثال، لا يزال يقدم خدماته لـ"كومرتس"، حيث يلعب دور المستشار له في صفقة يرغب فيها الأخير ببيع حصته في مصرف بولندي.
- كما أشير في الأعلى، يسعى المصرف لتعزيز إيراداته وبلوغ هدف الربحية، وهو ما يجعله يطارد عملاء عملائه كفرص محتملة، وقد حدد هدفًا يتمثل في توفير إيرادات إضافية قيمتها 500 مليون دولار عن طريق تقديم الخدمات المصرفية لألف شركة متوسطة الحجم.
- من أمثلة ذلك، تمثيل شركة الأسهم الخاصة "كوهلبرج" عند بيعها "إنترستيت هوتلز آند ريزورتس" بقيمة مليار دولار لصالح "إيمبريدج هوسبيتاليتي" في أغسطس، وكذلك "بارتنرز جروب" عند بيعها أعمال الضيافة الهولندية لـ"بريدج بوينت" هذا الشهر.
- في الولايات المتحدة، تساهم الشركات التي تقل قيمتها عن ملياري دولار في إضافة ملياري دولار لإيرادات "جولدمان" للخدمات المصرفية الاستثمارية كل عام، أو ما يشكل 30% من إجمالي إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية، لكن المغامرة في أوروبا ستكون أصعب بكثير.
- يقول أستاذ العلوم المالية بجامعة فرانكفورت "جان بيتر كراهنن": هناك فرصة لـ"جولدمان ساكس" في ألمانيا، حيث إن العلاقات القوية تاريخيًا للشركات الكبيرة غير المدرجة في البورصة وتلك المملوكة للأسر مع البنوك قد ضعفت، بسبب نفس الاضطرابات التي أدت إلى بدء المحادثات بين "دويتشه" و"كومرتس".
- مع ذلك، حذر "كراهنن" من أنها ستكون معركة شاقة بالنظر إلى المنافسة الشديدة من قبل المصارف المحلية والأجنبية وكذلك شركات المحاماة، التي تقدم جميعها المشورة للشركات الألمانية.
المصادر: فاينانشيال تايمز، أرقام، واشنطن بوست، رويترز، بلومبيرغ، دويتشه فيله
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}