على الرغم من أن دول أمريكا اللاتينية تعاني بشدة اقتصاديًا، ولا سيما الكبيرة منها مثل الأرجنتين والبرازيل وبوليفيا، إلا أن إحدى أصغر دول القارة، وتدعى "غيانا" تنتظر معدل نمو بشكل استثنائي خلال السنوات المقبلة بل يتوقع أن تكون الأسرع نموًا في التاريخ العام المقبل.
سبب الطفرة
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل نمو الدولة الصغيرة حوالي 86% في عام 2020، وذلك بسبب الاحتياطيات النفطية الكبيرة التي تم اكتشافها في عام 2015 ومن المنتظر البدء في استخراجها مع نهاية العام الحالي.
فعلى الرغم من حدود غيانا المشتركة مع فنزويلا ذات الاحتياطيات النفطية العملاقة إلا أنه لم يمكن إيجاد أي احتياطيات نفطية يمكن استغلالها قبل عام 2015، قبل اكتشاف أكثر من حوض نفطي عملاق لم يتم تقدير الاحتياطيات بها لكنها كفيلة بتحول غيانا لبلد منتج للنفط بكثافة.
وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع زيادة إنتاج البلد اللاتيني عن 300 مليون دولار فحسب خلال العام الأول للإنتاج (2020)، إلا أن الاستثمارات المتوقع دخولها في البلاد بما يسهم في زيادة الناتج الإجمالي لتصبح غيانا ذات أعلى معدل نمو تم تسجيله في التاريخ، وفًقا لتقديرات صندوق النقد.
الناتج المحلي الإجمالي المحدود والبالغ 3.75 مليار دولار في عام 2019 قد يبلغ 7 مليارات دولار في 2020 بسبب الطفرة الكبيرة في النمو مع ملاحظة أن النمو السابق في الناتج المحلي خلال الأعوام الخمسة السابقة تراوح بين 2.9%- 4.6% فحسب بما يوضح حجم الطفرة التي شهدتها البلاد بسبب الاكتشافات النفطية.
تحضيرات للنمو
واللافت هنا أن الدولة التي يبلغ تعداد سكانها حوالي 870 ألف نسمة بدأت منذ ظهور الاكتشافات النفطية ومن ثم التعاقد مع أكثر من شركة لاستخراجها، أبرزها "إكسون موبيل" في الإعداد لصناديق ادخار سيادية بهدف استيعاب التدفقات المالية الاستثنائية التي ستدخل إلى الاقتصاد بشكل مفاجئ.
وقررت الدولة تقسيم ما يرد إليها من إيرادات، بحيث يتم توجيه 30% منها لدعم الموازنة العامة، و30% للاستثمار في البنية التحتية لإكساب الاقتصاد المزيد من الزخم، و40% يتم ادخارها في صناديق سيادية تدشن بغرض الاستثمار وتطوير الاقتصاد.
ووفقًا لشبكة "سي. إن.بي.سي" الاقتصادية فإن مثل هذا التوزيع من شأنه الإسهام في زيادة نسبة النمو الاقتصادي للدولة الصغيرة بنسبة 15-20% بما قد يجعل اقتصادها مؤهلًا للتضاعف بنسبة تفوق 100% قريبًا ويجعلها تتفوق على كافة المعجزات الاقتصادية التاريخية.
ويبدو أن السلطات في البلد اللاتيني على دراية بمخاطر نمو قطاع في البلاد دون آخر، ولذلك فإن الصناديق السيادية سترفع من استثماراتها في مجالات يتفوق فيها البلد اللاتيني بالفعل، ومنها الزراعة وإنتاج الثروة السمكية وبعض الصناعات المعدنية الثقيلة.
مخاوف
وتشير "بلومبرغ" إلى أن مداخيل المواطنين في هذا البلد ستشهد انتعاشًا كبيرًا في ظل التقديرات التي تشير إلى أن كل فرد سيحظى باحتياطيات تقارب 3900 برميل (ليس بشكل مباشر ولكن بنسبة وتناسب بين عدد السكان واحتياطيات النفط)، لتصبح النسبة هنا ضعف النسبة في أي بلد غني بالنفط.
ويعكس هذا إمكانية الاعتماد على النفط لفترات طويلة في توفير الثروة لغيانا ومواطنيها، في ظل توقع إنتاج محدود مقارنة بباقي الدول الكبرى المنتجة للنفط، ولكنه ضخم إذا ما تمت مقارنته بعدد السكان الصغير.
وتشير "سي.إن.إن" إلى أنه على الرغم من أن مثل تلك الطفرة الاقتصادية تشكل بطبيعة الحال "أخبارًا جيدة" للدولة اللاتينية إلا أنه يخشى عليها من تأثير ما يعرف في الاقتصاد بـ"المرض الهولندي"الذي أصاب اقتصاد الدولة الاسكندنافية قبل نصف قرن.
فمع اكتشاف النفط والغاز في أوروبا لم تنم القطاعات الأخرى بنسب موازية على الإطلاق، ووصلت نسب البطالة إلى 40% في ظل الوفورات الكبيرة التي سمحت للدولة بتقديم إعانات بطالة لـ"من يرغب" بما أدى لأزمات اقتصادية متتالية في منتصف الثمانينات مع زيادة نسب الواردات بشدة، ليبقى التساؤل عما إذا كان الوعي بتقسيم الإيرادات كافيًا لنجاة غيانا من المرض الهولندي أم لا.
المصادر: تقرير لصندوق النقد الدولي، بلومبرغ، سي إن بي سي، سي إن إن.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}