بدأت دول وشركات كثيرة تتحرك نحو استخدام الطاقة المتجددة كبديل للوقود الأحفوري، حرصًا على البيئة وتحقيقًا لما أعلنته الأمم المتحدة من أهداف التنمية المستدامة التي تسعى لنمو بلا آثار سلبية، ليثار التساؤل حول حقيقة مسؤولية الوقود الأحفوري منفردًا عن الاحتباس الحراري.
زيادة في استهلاك الوقود
ووفقًا لـ"فوربس" فقد نما استهلاك الوقود الأحفوري بنسبة 2.3% في عام 2018، ليكون الأعلى نموًا خلال الأعوام العشرة الأخيرة، بما يؤشر لاستخدامه بشكل متزايد، لا سيما مع أن مجمل الطاقة التي زاد استهلاكها خلال العام نفسه عالميًا كان 70% من النفط والغاز الطبيعي و30% فحسب من المصادر المتجددة.
ولكن هل هذه الزيادة في استهلاك الوقود الأحفوري مسؤولة عن الاحتباس الحراري؟ الإحصاءات السابقة تؤكد تفاقم التلوث المرتبط بالوقود الأحفوري ولكن هناك جوانب أخرى قد لا تقل أهمية تتعلق بأنماط الاستهلاك وتفاقم بعض الظواهر الاستهلاكية ذات الآثار السلبية.
تشير دراسة لجامعة "هارفارد" إلى أن أهم أسباب الاحتباس الحراري لا تتعلق بالضرورة بالوقود الأحفوري ولكن بتنامي حجم المخلفات على كافة أنواعها، سواء كانت عضوية أو إلكترونية، في ظل نمو كبير في معدلات الاستهلاك بشكل عام.
فالمخلفات الإلكترونية شهدت زيادة 170% خلال السنوات العشر الأخيرة، وذلك على الرغم من النمو اللافت في حجم صناعة إعادة التدوير، وتمكنها من الحد من المخلفات إلا أن النمو في حجم الأخيرة كان أكبر كثيرًا من الصناعة التي لا تلقى اهتمامًا كبيرًا في الدول النامية بل وبعض الدول المتقدمة.
نمو المخلفات العضوية
أما فيما يتعلق بالمخلفات العضوية، فقد نمت بنسبة 40% تقريبًا خلال السنوات العشر الأخيرة، بما يعكس أيضًا تزايد عمليات الأيض الغذائي بما لها من تأثير كبير على تفاقم الاحتباس الحراري في الظاهرة المعروفة بـ"البصمة الكربونية" للكائنات الحية.
فعلى الرغم من أن النمو الضئيل نسبيًا في مستوى أسعار الغذاء، مقارنة بالمنتجات الصناعية، إلا أن هذا أدى لتضاؤل نسبة الإنفاق على الغذاء من مجمل الدخل، وبدا هذا واضحًا في الصين التي تراجع الإنفاق على الغذاء فيها من 48% في المتوسط عام 1990 إلى 23% في عام 2015.
فوفقًا لتقديرات منظمة الغذاء العالمية "فاو" لم يكن استهلاك الفرد في المتوسط عالميًا من الغذاء يتعدى 2350 كالوري يوميًا في منتصف ستينات القرن الماضي، بينما وصل إلى 2940 كالوري بحلول 2015، أي بزيادة 25% في حجم السعرات الحرارية التي يتلقاها الفرد يوميًا.
استهلاك متنام
ومع زيادة عدد سكان العالم من 3.3 مليار شخص عام 1965 إلى قرابة 7.7 مليار بحلول عام 2018، وفقًأ لتقديرات الأمم المتحدة، فإنه يمكن تقدير حجم الزيادة الكبيرة للغاية فيما يبثه البشر من غازات تسهم في زيادة الاحتباس الحراري بسبب استهلاكهم للغذاء وليس للوقود الأحفوري فحسب.
كما ينعكس حجم استهلاك الطعام بصورة أكبر في استهلاك اللحوم بشكل كبير للغاية، حيث زادت من 20 كيلو جراما في المتوسط عام 1960 إلى 41 كيلو جراما عام 2014 وفقًا لتقديرات موقع "أور وورلد داتا" المتخصص في الإحصاءات.
والأزمة هنا أن زيادة الاستهلاك البشري من اللحوم تعني حدوث عمليتي أيض، الأولى متعلقة بالماشية التي يأكلها الشخص لدى استهلاكها للنباتات، والثانية التي يقوم بها الشخص نفسه لدى أكله للحوم، بما يجعل التأثير على الاحتباس الحراري مضاعفًا في هذه الحالة.
وتشير دراسة "هارفارد" إلى أنه في الوقت الذي يسعى الجميع لاستبدال الوقود الأحفوري بواسطة الطاقة المتجددة، حتى في الدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، فإنه يبدو أنه حتى حال استبداله فإن ظاهرة الاحتباس الحراري لن تنتهي ما بقيت تلك الأنماط الاستهلاكية التي تسهم في مفاقمتها.
المصادر: فوربس، دراسة لـ"هارفارد"، تقرير لـ"فاو"، "أور وورلد داتا"، تقرير للأمم المتحدة
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}