عندما يتعلق الأمر بأسهم البنوك، فإن الودائع تلعب دورًا كبيرًا في تحديد الاتجاه، وخلال الشهر الماضي، ارتفع مؤشر "كيه بي دبليو ناسداك" للمصارف بنسبة 9%، وهو ما يزيد على ضعفي مكاسب مؤشر "إس آند بي 500" خلال نفس الفترة.
لم يكن السر وراء هذا الارتفاع، ثقة كبيرة في تحسن أسعار الفائدة أو نمو الاقتصاد بشكل مفاجئ، ولكن الاعتقاد بأن البنوك تسطيع أن تدير أعمالها بنجاح في ظل سياسة التيسير للاحتياطي الفيدرالي، بفضل مساعدته في ضبط تكاليف التمويل.
وتشير تقديرات المحللين لعام 2020، إلى بلوغ هامش الفائدة الصافية -الفرق بين الفوائد المدفوعة والمستلمة، بعد تعديلها وفقًا لإجمالي قيمة الأصول المدرة للفائدة لدى المصرف- لـ"بنك أوف أمريكا" إلى 0.09%، ولـ"ويلز فارجو" إلى 0.37%.
ورغم أن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل المستثمرين حذرين من أسهم البنوك، مثل انخفاض أسعار الفائدة، وخوض أكبر اقتصادين في العالم حربًا تجارية، والتهديد بحدوث تباطؤ اقتصادي عالمي، يقول بعض المحللين إنه حان الوقت للنظر باهتمام إلى هذا القطاع.
القوة الدافعة لأسهم البنوك
- تحصل البنوك الآن على نسبة تاريخية من تمويلها عبر الودائع، التي تعد أرخص أشكال الالتزامات، مقارنة بالسندات أو الاقتراض قصير الأجل، وقد نمت الودائع لدى أكبر المصارف الأمريكية بنسبة 5.8% على أساس سنوي في الربع الثالث.
- كانت هذه أسرع وتيرة منذ بداية عام 2017، والنتيجة النهائية لذلك أن نحو 89% من إجمالي التزامات المصارف الأمريكية الكبرى أصبحت ودائع، وهو أعلى مستوى منذ عام 1985، وفقًا لبيانات الاحتياطي الفيدرالي.
- في مذكرة صدرت هذا الشهر، رفع "إينيجو فريزر جينكينز" المحلل لدى "بيرنشتاين" لإدارة الثروات، توقعاته لأداء أسهم البنوك الأمريكية والأوروبية قائلًا: بينما لا تبدو الأمور وردية تمامًا بالنسبة لهذا القطاع، فإنه خرج من موسم الإفصاح عن نتائج الأعمال بتعديلات أقل سوءًا للتوقعات.
- يرى "جينكينز" أن الوقت أصبح مناسبًا لمستثمري القيمة كي يضيفوا أسهم البنوك إلى محافظهم، ويقول: ينبغي لمديري المحافظ الذين لديهم القدرة على تحقيق هذا التحول خلال فترة 3 إلى 6 أشهر البدء في ذلك فورًا.
- أحد العوامل التي يعتقد "جينكينز" أنها ستساعد على تعزيز أسهم البنوك خلال الفترة المقبلة، هي استمرار تحرك المستثمرين بعيدًا عن الأسهم التي حازت على الزخم لفترة، لصالح أسهم القيمة.
توقعات قوية
- الأهم من ذلك هو تزايد ما يسمى بـ"الودائع الذهبية" للبنوك، وهي ودائع غير محملة بفائدة، وعادة ما تأتي عبر الحسابات الجارية للأشخاص والشركات التي لا تنتظر فائدة على أموالها، وهو ما يعد تمويلًا مجانيًا للبنوك.
- كان المودعون يحولون هذه الأموال إلى أماكن أكثر إنتاجية لفترة من الوقت، بفضل الفائدة المرتفعة هناك، لكن هذه الودائع نمت فعليًا بمتوسط 0.1% في الربع الثالث مما كانت عليه في الربع الثاني، وهو أول نمو في خمسة فصول على الأقل.
- سبب آخر للتفاؤل هو أن تكاليف الودائع لم تنخفض بقدر ما كان يمكن أن يحدث خلال الربع الثالث، وقد بلغت نسبة تراجعها 0.01% فقط، رغم هبوط سعر الفائدة الفعلي للأموال الفيدرالية 0.50% (وهو ما ينذر بانخفاضات قوية في المستقبل).
- أسهم النمو التي استحوذت على زخم الأسواق مؤخرًا بدأت تفقد قوتها الدافعة في سبتمبر، خاصة في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا، وكانت أسهم القيمة التي تم تجاهلها فترة طويلة أفضل أداءً منذ ذلك الحين.
- ارتفع صندوق "آي شيرز روسيل 1000" لأسهم القيمة بنسبة 4.7% منذ أوائل سبتمبر، في حين ارتفع صندوق أسهم النمو "آي شيرز روسيل 1000" بنسبة 2.5% فقط.
التحول إلى أسهم القيمة
- إلى جانب الأساسيات التي تدعم آفاق البنوك، يرى محللون أن أسهم المصارف ستستفيد من التحول إلى أسهم القيمة على حساب النمو، فرغم أن القطاع يتمتع بصحة جيدة أكثر مما كان عليه بعد الأزمة المالية، لا يزال يتداول بأسعار منخفضة كثيرًا عما كان عليه قبلها.
- منذ قبل الأزمة مباشرة، ارتفع صندوق "إس بي دي آر- إس آند بي بنك" للمصارف بنسبة 41%، وهو ما يقل تقريبًا بنحو 100 نقطة مئوية عن مكاسب مؤشر "إس آند بي 500" خلال نفس الفترة.
- مع ذلك فهناك بعض الاستثناءات، فقد أظهر أكبر بنك في الولايات المتحدة من حيث الأصول "جيه بي مورجان"، قدرة رائعة على استخدام حجمه ومكانته في السوق لتحقيق أرباح قوية، وارتفع سهمه بنسبة 237% منذ أغسطس 2008.
- أخبر المحلل المالي لدى "آر بي سي"، "جيرارد كاسيدي" العملاء أنه يجب أن يشتروا أسهم البنوك الأمريكية، حيث يرى المناخ الحالي والسياسية النقدية مشابهين لفترة ما بين عامي 1994 و1998.
- خلال هذه الفترة، شدد الاحتياطي الفيدرالي سياسته ثم خفض أسعار الفائدة، وتفوقت حينها أسهم البنوك على أداء السوق مع تراجع الفائدة، ويعتقد "كاسيدي" أن البيئة الحالية تهيئ بشدة لحدوث ذلك مجددًا.
بعيدًا عن أمريكا
- المكاسب ليست في أمريكا فقط، إذ تسارع المصارف الإيطالية (يمر القطاع بفترة عصيبة منذ فترة ويجد صعوبة في تأمين السيولة)، للاقتراض بشكل أكبر، مستفيدة من التغير في سياسة سعر الفائدة للبنك المركزي الأوروبي.
- زاد المبلغ الذي تقترضه البنوك الإيطالية من المصارف الأخرى في منطقة اليورو، كما زادت ودائعها لدى البنك المركزي الأوروبي، في عملية كان من شأنها تعزيز أرباح المصارف المحققة من فروق الفائدة.
- وفقًا لبيانات البنك المركزي الإيطالي الصادرة في نوفمبر، ارتفعت ودائع البنوك الإيطالية لدى المركزي الأوروبي بمقدار 37 مليار يورو (40.95 مليار دولار) في أكتوبر، في حين زاد اقتراضها من بنوك المنطقة بمقدار قياسي بلغ 48 مليار يورو.
المصادر: وول ستريت جورنال، بارونز، فاينانشيال تايمز، إنفستوبيديا
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}