تشهد صناعة البودكاست نموًا سريعًا، فوفقًا لتقرير صادر عن شركة " بي دبليو سي" وجهات أخرى، حققت تلك الصناعة 479.1 مليون دولار في 2018، بما يمثل زيادة في الإيرادات بنسبة 53 % خلال عام واحد فقط، كما من المتوقع أن تحقق إيرادات تتجاوز المليار دولار بحلول 2021.
والبودكاست هو البث أو التدوين الصوتي، وهو عبارة عن برنامج صوتي ينتجه أفراد أو مؤسسات ويطرح موضوعات مختلفة وهو مسجل ومنشور على الإنترنت في سلسلة حلقات بحيث يمكن للمستمعين الاشتراك فيه وتحميل الحلقات الجديدة عن طريق التطبيقات المتخصصة على أنظمة التشغيل المختلفة.
وظهرت تقنية البودكاست في عام 2004، وتعود تسميته بهذا الاسم إلى الدمج بين كلمتي iPod (مشغل الوسائط المتعددة الشهير لشركة آبل الامريكية) وbroadcast أو البث.
وربما يرجع النمو الملحوظ لصناعة البودكاست بشكل كبير إلى جيل الألفية، فمثلما يؤثر هذا الجيل على اتجاهات العديد من الصناعات بما في ذلك صناعة الإعلان التي باتت تبحث عن القنوات ومواقع التواصل الأكثر رواجًا بين جيل الألفية والشباب لتستهدفهم من خلالها، يؤثر هذا الجيل أيضًا في صناعة البودكاست، إذ إن معظم المستمعين له من هذا الجيل، في حين تميل الأجيال الأكبر إلى الاستماع للراديو.
ويتضح تأثير جيل الألفية في صناعة الإعلانات والبودكاست معًا، بالنظر إلى إنفاق الشركات 497 مليون دولار على إعلانات البودكاست في 2018.
نظرة عامة على الأداء عالمياً
- يبدو أن البودكاست في طريقه إلى التفوق على مواقع التواصل الاجتماعي.
- خلص تقرير "اتجاهات البودكاست" لعام 2019، والذي يصدره "ديسكوفر بودز" للعام الثالث إلى أن 59% ممن أجروا الاستطلاع والبالغ عددهم 1203 أشخاص من محبي البودكاست يقضون وقتًا أطول في الاستماع إلى البودكاست من الوقت الذي يقضونه في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.
- وليس هذا فحسب، بل أظهر التقرير أيضًا مواصلة تفوق البودكاست على التلفزيون.
- ففي العام الماضي قال 61% ممن أجروا الاستطلاع إنهم يقضون وقتًا في الاستماع إلى البودكاست أطول من الوقت الذي يقضونه في مشاهدة التلفزيون، وارتفعت هذه النسبة في تقرير هذا العام إلى 66%.
- بشكل عام يزداد عدد الأشخاص الذين يقضون وقتًا أطول في الاستماع إلى البودكاست.
- أفاد 82.4% ممن أجروا استطلاعًا هذا العام بأنهم يستمعون إلى البودكاست أكثر من سبع ساعات أسبوعيًا، مقارنة بـ 76.8% العام الماضي، و66.8% العام قبل الماضي.
- من ناحية أخرى أفاد 22.4% بأنهم يستمعون إلى البودكاست بمعدل يزيد على 21 ساعة أسبوعيًا، أي أكثر من ثلاث ساعات يوميًا، بما يعكس تزايد شعبية البودكاست بشكل هائل.
- انعكست شعبية البودكاست على الإعلانات أيضًا، إذ أفاد 55.6% ممن أجروا الاستطلاع بأنهم اشتروا سلعة بعد أن استمعوا إلى إعلان عنها على البودكاست.
كيف تشكل "جوجل" أحدث اتجاهات الصناعة
- فيما مضى لم يكن محتوى البودكاست القائم على اهتمامات المستمع متوافرًا.
- مع تدفق المعلنين على هذه الوسيلة الجديدة، ودخول شركات التكنولوجيا في الصناعة من خلال استضافة وتوزيع البودكاست مثل "جوجل بودكاست" و"آي تيونز"، بات هناك اتجاه أكبر لجذب المستمعين من خلال محتوى أكثر إثارة وتنوعًا.
- عندما تم إطلاق "جوجل بودكاست" في يونيو 2018، بدا الأمر وكأنه مجرد بودكاست آخر ينضم إلى الساحة المليئة بالفعل بالبودكاست.
- أوضح "زاك رينو" مدير الإنتاج في "جوجل" أن الشركة تتخذ اتجاهًا آخر بإطلاقها هذه الخدمة.
- لا تحاول "جوجل" منافسة المنصات الأخرى التي تجذب بالفعل الأشخاص الذين يستمعون إلى البودكاست بانتظام، لكنها تحاول الوصول إلى الـ 56% من الأمريكيين الذين لم يستمعوا إلى البودكاست من قبل.
- وفقًا لـ "جوجل" فإن عدد الذين لم يسبق لهم الاستماع إلى البودكاست يزداد في دول مثل الهند وروسيا والبرازيل، إذ لا يتوافر الكثير من محتوى البودكاست بلغات هذه الدول حتى الآن.
- تستهدف "جوجل" أن تكون أول منصة تتيح لمستخدمي "جوجل بودكاست" أن يبحثوا عن الموضوعات بناءً على المحتوى وليس بناءً على اسم العروض أو عناوين الحلقات.
- ترغب "جوجل" في المستقبل في تحويل كل الأصوات الموجودة على البودكاست إلى نصوص، مما يتيح للشركة فهرسة كل محتوى البودكاست مثل فهرسة مواقع الويب حاليًا.
- سوف تُسهل هذه الخطوة كثيرًا عملية البحث التي يقوم بها المستخدمون.
- فعلى سبيل المثال يمكن أن يطرح المستخدمون في المستقبل سؤالاً على "جوجل هوم" أو المساعد الذكي "أليكسا" حول كيفية حساب الناتج المحلي الإجمالي.
- وسوف يتم عرض حلقة بودكاست صغيرة تشرح الإجابة بالتفصيل، بدلاً من أن يرد صوت آلي رتيب بإجابة عامة.
- في حين تتزايد الإيرادات الإجمالية التي تولدها الإعلانات لصناعة البودكاست بشكل كبير، إلا أن حجم الإيرادات الحالي لا يكفي لمواصلة إنتاج برامج رائعة.
- لذلك تتجه شركات البودكاست إلى اتباع طرق أكثر ابتكارًا لجني إيرادات من وراء برامج البودكاست.
- يتضمن ذلك اشتراكات الجمهور من خلال أدوات مثل "باتريون"، الذي يتيح للشركات أن تطلب من مستمعيها أن يدفعوا أموالاً مقابل محتوى إضافي، أو استضافة برامج البث المباشر.
نمو واضح في المنطقة العربية
- هناك زيادة كبيرة في أعداد برامج البودكاست المُنتجة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ففي بداية 2018 كان هناك نحو 300 بودكاست في المنطقة.
- اعتبارًا من 15 أكتوبر عام 2019 أدرج موقع البودكاست العربي (يحتوي على دليل شامل بالتصنيفات للبرامج العربية) 464 برنامج بودكاست.
- يمثل ذلك زيادة بنسبة 60% في عدد برامج البودكاست خلال فترة قصيرة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا.
- على الرغم مما تشهده المقاطع الصوتية في المنطقة العربية من نمو، إلا أنها لا تزال بعيدة للغاية مقارنة بالأرقام العالمية التي تتراوح بين 700 ألف إلى مليوني بودكاست.
- تعمل العديد من الشركات العربية على تعويض هذا النقص في محتوى البودكاست بالعربي.
- فشركة مثل الشبكة السعودية "مستدفر" تقوم منذ عدة سنوات بإنتاج برامج بودكاست، وهي تنتج وتدير الآن 14 برنامجًا يستمع إليهم عشرات الآلاف من الأشخاص في المنطقة.
- أطلقت شركة "فينيال ميديا" مؤخرًا عروضًا باللغة العربية بما في ذلك "ألف ليلة وليلة"، وهي نسخة صوتية من الحكاية الشهيرة.
كيف انتقلت عدوى نجاح البودكاست إلى المنطقة العربية؟
قصص نجاح عربية |
|
"صوت" الأردنية |
- كما تعد المنصة الأردنية "صوت" من المنصات الشهيرة التي تنتج وتوزع برامج صوتية باللغة العربية يبلغ عددها أكثر من 15 برنامجًا، تقدم محتوى متنوعا.
- تم إطلاق "صوت" في البداية عام 2013 كشبكة اجتماعية، لكنها بدأت بإنتاج مقاطع صوتية بعد أربع سنوات من إطلاقها.
- يشير رمزي تسدل أحد مؤسسي "صوت" إلى أن نحو 50% من المستمعين يأتون من السعودية، مضيفًا أن بعض حلقات البودكاست تم تحميلها نحو 60 ألف مرة.
- بشكل عام هناك حاجة إلى إنتاج المزيد من المقاطع الصوتية باللغة العربية في المنطقة، وهناك حاجة أيضًا إلى إنتاج محتوى أكثر تنوعًا.
- إذ تشير صابرين طه رئيسة قسم البودكاست في "صوت" إلى أنهم يواجهون تحديًا متمثلاً في أن المحتوى العربي على الإنترنت ليس كبيرًا.
- لذلك ترى طه أن إنتاج مقاطع صوتية باللغة العربية يثري المحتوى العربي الموجود على الإنترنت.
|
"كيرنينج كالتشرز" الإماراتية |
- تعد شبكة البودكاست "كيرنينج كالتشرز" التي أطلقتها هبة فيشر في دبي عام 2015 من بين شركات البودكاست التي حققت نجاحًا كبيرًا في المنطقة، كمنصة تنتج مقاطع صوتية باللغتين الإنجليزية والعربية.
- تمكنت "كيرنينج كالتشرز" من جمع 460 ألف دولار في مرحلة مبكرة من التمويل بقيادة شركة استثمارات رأس المال " 500 Startups".
- تقوم "كيرنينج كالتشرز" بإنتاج برامج إذاعية ثقافية عبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
- تستهدف الشركة الوصول إلى 110 ملايين مستمع مُحتمل ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و35 عامًا، بالإضافة إلى المستمعين من الشرق الأوسط الذين يعيشون في الخارج.
- تشير فيشر إلى أن جزءًا من جاذبية وانتشار البودكاست في المنطقة يرجع إلى ثقافة السرد الشفهي للقصص في منطقة الشرق الأوسط، والذي يعد بمثابة إحياء رقمي لتقليد قديم.
- نجحت "كيرنينج كالتشرز" في الحصول على تمويل بقيمة 50 ألف دولار العام الماضي من شركة "ماتر" وهي مسرعة أعمال للشركات الناشئة في سان فرانسيسكو.
- ساعد هذا التمويل "كيرنينج كالتشرز" على أن تحظى بموقع متميز في مقدمة شركات البودكاست في المنطقة، كما ساعدها على إنتاج المزيد من برامج البودكاست.
- تعتزم "كيرينج كالتشرز" إطلاق ما لا يقل عن ثلاثة برامج جديدة باللغتين الإنجليزية والعربية بحلول نهاية 2019.
- تشير هبة فيشر إلى أن البودكاست التي تنتجها "كيرينج كالتشرز" تقدم صورة عن الحياة العربية بدلاً من تلك الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية، والتي غالبًا ما تكون غير دقيقة.
|
المصادر: ذا فيرج، ديسكوفر بودز، واتس نيو إن بابليشينج، سمول بيز جينيوس، فوربس، ميديا سبورت، ذا ناشيونال، بري ويك
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}