نبض أرقام
08:31 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

"كوكب الأشباح" .. هل يصبح المورد البشري هو الأغلى في القرن الثاني والعشرين؟

2019/12/14 أرقام - خاص

في الغرب، وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية، تنتشر "بلدات الأشباح"، وهو مصطلح يشير عادة إلى مدينة أو قرية مهجورة رغم توافر المرافق والمنازل والمنشآت التجارية والخدمية وربما المصانع أيضًا إضافة إلى الطرق الممهدة.
 

 

هذه القرى ربما لا تزال مأهولة بالسكان ولكن بدرجة أقل كثيرًا من السنوات الماضية، حيث إن النشاط الاقتصادي الذي كان يجعلها نابضة بالحياة يومًا ما لم يعد قادرًا على منحها هذه الحيوية بعد الآن.

 

بطبيعة الحال، رحيل السكان يعني أنه لم يعد هناك من يحيي فيها هذا النشاط مجددًا، وبغض النظر عما إذا كانت مغادرتهم سبباً أم نتيجة لانهيار الحياة في البلدة، فوجود البشر في نطاق جغرافي محدد هو العامل الرئيسي الأول لقيام نشاط اقتصادي فيه.

 

ولضمان استقرار التعداد السكاني، وتجنب سيناريو بلدة الأشباح على نطاق واسع، يحتاج العالم لمعدل مواليد يبلغ طفلين على الأقل لكل امرأة، وهو ما لم يعانِ منه البشر في السابق، حيث بلغ هذا المعدل 5 أطفال خلال ستينيات القرن الماضي قبل هبوطه إلى 2.43 طفل في 2017.

 

النمو السكاني أمر حيوي للاقتصاد، فهو يعني المزيد من العمال لبناء المنازل وإنتاج السلع، والمزيد من المستهلكين لشراء المنتجات والخدمات وإشعال فتيل الابتكار، وبالطبع المزيد من المواطنين لدفع الضرائب وتنشيط التجارة.

 

الاتجاه العالمي: تراجع معدل المواليد

 

- بينما من المتوقع أن يضيف العالم أكثر من 3 مليارات نسمة بحلول عام 2100، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فمن المحتمل أن تكون هذه هي الذروة، فانخفاض معدل المواليد وارتفاع أعمار السكان يشكلان تحديًا خطيرًا.

 

- في حين أن متوسط معدل المواليد العالمي كان لا يزال أعلى من معدل الإحلال (فنيًا يبلغ 2.1 طفل لكل امرأة) في عام 2017، فإن ما يقرب من نصف بلدان العالم شهد انخفاض المعدل المحلي دون هذا المستوى (مقارنة ببلد واحد من كل 20 بلدًا قبل نصف قرن).


 

- أوضحت الدراسات أن التوازن المحقق حتى الآن في المعدل العالمي رغم انخفاضه في كثير من الدول، يأتي بفضل ارتفاعه في الكثير من البلدان النامية، والتي من المتوقع أن تهيمن على قائمة البلدان الأكبر من حيث التعداد السكاني في المستقبل.

 

- على سبيل المثال، في النيجر، تنجب النساء 7.1 طفل في المتوسط، مقارنة بطفل واحد لكل امرأة في قبرص وسنغافورة وتايوان، و1.76 طفل للسيدة الواحدة في بريطانيا، وهو الأمر الذي يجده مراقبون سببًا للقلق.

 

- بالنسبة للولايات المتحدة (بلغ معدل الإنجاب فيها 1.72 طفل العام الماضي) وأوروبا الغربية، التي تعتبر تاريخيًا جذابة للمهاجرين، فإن سياسات الهجرة المخففة يمكن أن تعوض تراجع معدلات المواليد، لكن بعض المناطق الأخرى المتشددة تحتاج إلى تغيرات سياسية جذرية.

 

صعود الدول النامية

 

- في الصين، انخفض معدل الإنجاب دون معدل الإحلال، لكن في الوقت ذاته لا يزال يتراوح بين 2.1% و4% في الهند، ما يعني أن البلد الذي يتجاوز تعداده السكاني مليار نسمة هو الآخر، من بين الدول متوسطة الخصوبة، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.

 

- من المتوقع أن تضيف الهند وحدها 273 مليون نسمة خلال الفترة بين عامي 2019 و2050، إلى جانب 200 مليون شخص في نيجيريا، ليشكل البلدان 23% من الزيادة السكانية العالمية خلال هذه الفترة.


 

- تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى إضافة العالم ملياري نسمة حتى عام 2050 وسيكون أكثر من نصفهم في تسع دول فقط هي، الهند ونيجيريا وباكستان والكونغو وإثيوبيا وتنزانيا وإندونيسيا ومصر والولايات المتحدة.

 

- وفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في يونيو الماضي حول توقعات النمو السكاني، ستصبح الهند البلد الأكبر في العالم من حيث التعداد السكاني بحلول عام 2050، بأكثر من 1.6 مليار نسمة، والصين ثانيًا بنحو 1.4 مليار نسمة، ونيجيريا ثالثًا بـ400 مليون نسمة.

 

- في نهاية عام 2015، تخلت الصين عن سياسة الطفل الواحد المتبعة منذ عام 1980، لكن بلغ التعداد السكاني 1.395 مليار العام الماضي، بزيادة 15.23 مليون، وهو مستوى أقل من المسجل في 2017 بنحو مليوني نسمة، ودون التوقعات بنسبة 30%.

 

البلدان الأكثر معاناة

 

- في اليابان، يبدو الوضع أسوأ بكثير، حيث أظهرت بيانات الأشهر السبعة الأولى من هذا العام أكبر انخفاض في عدد المواليد منذ 30 عامًا، حيث تراجع معدل الإنجاب بنسبة 5.9% على أساس سنوي خلال هذه الفترة.

 

- الملاحظ أيضًا في اليابان، تراجع أعداد النساء في سن الإنجاب، إضافة إلى رغبة متزايدة لدى بعض السيدات في تأخير الإنجاب أو عدم الإنجاب على الإطلاق، وقال المعهد الوطني لبحوث السكان إن الانخفاض في عدد المواليد يحدث بشكل أسرع من المتوقع.


 

- يتراجع معدل المواليد في اليابان منذ أواخر السبعينيات، وفي عام 2005 وصل إلى مستوى قياسي متدن عند 1.26 طفل لكل امرأة، وبدا أنه في طريقه للانتعاش منذ ذلك الحين، قبل أن يبدأ الانخفاض مجددًا في 2016 ويبلغ 1.42 طفل في العام الماضي.

 

- كوريا الجنوبية هي مثال صارخ آخر على انخفاض معدل المواليد الذي بلغ 0.98 طفل مقابل كل امرأة في سن الإنجاب، وبذلك فإن البلاد بلغت أدنى مستويات الخصوبة منذ بدأت تعقب البيانات.

 

الانكماش قد يكون أقرب من المتوقع

 

- بعض التقديرات كانت أكثر تشاؤمًا، فمثلًا قال مصرف "دويتشه بنك" إن عدد سكان الكوكب سيبلغ مستوى الذروة عند 8.7 مليار نسمة في عام 2055 (مقارنة بـ7.7 مليار حاليًا)، ثم سينخفض إلى 8 مليارات بحلول نهاية القرن (لن يصل إلى قرابة 11 مليار كما تتوقع الأمم المتحدة).

 

- حذر الأكاديمي النرويجي "يورغن راندرز" من كارثة عالمية محتملة بسبب الاكتظاظ السكاني قبل عقود، لكنه عاد برأي مخالف مؤخرًا قائلًا: لن يصل التعداد السكاني للعالم إلى 9 مليارات حتى، سنبلغ الذروة عند 8 مليارات في 2040، ثم سيبدأ التراجع.


 

- على أي حال، ستكون معالجة التداعيات الاقتصادية ممكنة ولو جزئيًا، وتشير دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن زيادة الإنتاجية لمعظم الاقتصادات الكبرى كانت محركًا أكثر أهمية للنمو من زيادة السكان أو تغيرات العمالة بين عامي 2000 و2017.

 

- على سبيل المثال، جاء أكثر من 90% من فرص النمو في الصين خلال عام 2017 من تحسن الإنتاجية، لذا يبدو أنه من الممكن لمكاسب الإنتاجية سد بعض الفجوات التي يسببها الانكماش السكاني، لكنها تظل طريقة صعبة وغير مستدامة على المدى الطويل، وفقًا للدراسة.

 

- في نهاية المطاف، سيكون على جميع الحكومات التعامل مع التغيرات الديموغرافية، وسيتعين عليها التفكير بطريقة إبداعية في كيفية إدارة السكان، والبحث عن سبيلها الخاص للنمو المستدام حال تراجع عدد العمال والمستهلكين والمستثمرين المحليين.

 

 

المصادر: بزنس ويك، أرقام، ذا ويك، كوارتز، تقرير الأمم المتحدة، وول ستريت جورنال، سي إن إن، الجارديان، موقع وورلد ميترز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.