بدأ تداول أسهم أرامكو السعودية في الحادي عشر من ديسمبر، وسرعان ما أصبحت أكبر شركةٍ في العالم، بقيمةٍ أقل من 2 تريليون دولار بقليل.
لكن قلة قليلة من الأمريكيين يمكنهم الاستثمار فيها، نظرًا لتداول أسهمها في سوق الأسهم السعودي (تداول)، الذي يحد من الاستثمار الأجنبي. يُذكر أن الاسم الرسمي لأرامكو هو شركة الزيت العربية السعودية، والرمز المخصص لتداولها في السوق هو (2222.SA).
ومع ذلك، فلم يتم منع الجميع من الاستثمار. حيث تحدث أحد الأمريكيين الذين استثمروا في الطرح العام الأولي لشركة أرامكو مع مجلة بارون حول ما دفعه للشراء.
زاكاري سيفاراتي هو الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة دلما كابيتال لإدارة الاستثمارات التي تتخذ من دبي مقرًا لها، والتي تمتلك أكثر من 500 مليون دولار من الأصول الخاضعة لإدارتها. حيث اشترت دلما ما قيمته عشرات ملايين الدولارات من أسهم أرامكو في الطرح.
وقد تحدَّث إلينا في الأسبوع المخصص للطرح العام.
بارون: لماذا تعتقد أنه استثمارٌ جيدٌ، بالنظر إلى كونه يتداول بأسعارٍ أعلى من معظم شركات النفط الأخرى؟
زاكاري سيفاراتي: يبدو أن الكثير من الأسواق الدولية تعتقد أن أسهم أرامكو يجب أن تُتَدَاوَل بسعرٍ مخفض، بسبب المخاطر الجيوسياسية التي تواجهها أرامكو. لكننا حين نظرنا إلى أرامكو مقابل شركات النفط العالمية الكبرى، رأينا أنه يجب أن يتم تداولها بسعرٍ أعلى، ووضعناها عند الحد الأعلى للنطاق. وحيث أن لديها تكاليف إنتاجٍ أقلَّ بكثير، فهي تضمن توزيعات الأرباح لمدة خمس سنوات بحد أدنى 75 مليار دولار (عائد أرباح بنسبة 4.4٪ من سعر الطرح). كما أن تكلفتها الإنتاجية 67٪ أقل من أقرب منافسيها، وأقل بما يتجاوز 75٪ من بعض شركات النفط العالمية. الأمر الذي يُمكِّن الشركة من حماية الأرباح الموزعة، وخفض النفقات الرأسمالية بسهولةٍ أكبر من نظيراتها.
كيف تُقيِّم الشركة؟
على أساس قيم عائد الأرباح الموزعة القابلة للمقارنة [مقارنة عائد الأرباح الموزعة مع الأسهم الأخرى المماثلة]، فهناك مبررٌ للتداول بسعرٍ أعلى من نظيراتها. وهذا يوصلها بسهولة إلى 1.7 تريليون دولار وحتى 1.9 تريليون دولار، على أساس السعر الذي توقعنا أن يتم التداول به. ثم هناك الاعتبار الآخر وهو كيفية تداول الأسهم المحلية في السعودية على أساس القيم القابلة للمقارنة. وعلى أساس قيم عائد توزيعات الأرباح المحلية القابلة للمقارنة لشركاتٍ مماثلة، فهناك مبررٌ للتداول بأعلى من 2 تريليون دولار.
لقد وصلت حاليًا إلى حوالي 2 تريليون دولار، هل تعتقد أنها ستتجاوز هذا المستوى؟
إن القيمة عند هذا المستوى تعتبر عادلة جدًا. وعلى المدى القصير، نرى سيرها نحو اتجاه تصاعدي مُحتمل بسبب ديناميكيات العرض والطلب على الأسهم. وثمة الكثير من الطلب المُلزِم لجميع الصناديق التي تتعقب مُختلف المؤشرات والتي سيكون عليها شراء أرامكو. وسينتج عن ذلك تدفقاتٍ داخلية إضافية على مدى الأسابيع القليلة المقبلة مع ظهور الصناديق غير النشيطة.
وهُنالك أيضًا خُطط منح أسهم كمكافأة والتي بموجبها سيحصل المستثمرون الأفراد على سهمٍ واحد مقابل كل عشرة أسهمٍ يحتفظون بها لما يصل إلى مئة سهمٍ في حال احتفظوا بها لمدة مئة وثمانين يومًا. وشكّل المستثمرون الأفراد ثُلث المعروض. لذا، بالنسبة إلى المستثمرين الأفراد من حيث خُطط أسهم المكافأة، مالم يعتقدوا أن أسهم أرامكو ستنخفض بما نسبته 10%، فليس لديهم الحافز للبيع. ويحُد ذلك من الإمدادات [الخاصة بالأسهم التي يُمكن تداولها بحرية]. أما الأمر الآخر، فيتمثل في أن الكثير من الصناديق، بسبب طلبات الاكتتاب الزائدة، وجدت أنفسها بعيدة عن هدفها من أرامكو عندما تلقت حصصها من الأسهم بعد التخصيص. ونتج عن ذلك الكثير من عمليات الشراء الإضافية. وعلى المدى القصير، يبدو أن ديناميكيات العرض والطلب تميل لصالح بقاء سعر أرامكو مُستقرًا وعلى الأرجح في اتجاه تصاعدي قليلًا. ولكن عند هذه المستويات، فإننا نعتقد أن تقييم الشركة جيد جدّا.
إن احتياطيات أرامكو من النفط التي تكفي لمدة 52 عامًا تُعدُّ إحدى نقاط قوتها إذ أنها تُعادل ضعف ما يملكه أقرب منافسيها. ولكن في حال ما بدأ العالم في الابتعاد عن النفط، هل ستزدهر؟
في هذا الشأن، تُعد أرامكو في الحقيقة أفضل بكثير من نظيراتها. حيثُ أن تكلفة الإنتاج لديها والتي تُعد الأقل تضمن أنه في حال ابتعاد العالم عن النفط فإن أرامكو سوف تستمر بالضخ. ونرى أن تحول الطاقة يُمثل تهديدًا لمصادر النفط غير التقليدية. كما ندرك أيضًا أن نفط أرامكو نظيف نسبيًا. وإن التأثير البيئي الناجم عن نفط أرامكو أقل بكثير من نظيراتها من الشركات العالمية المنتجة للنفط.
لماذا ذلك؟
لأن نفط أرامكو قريب للغاية من السطح. وعملية الاستخراج من الحقول البرية أو البحرية على حدٍ سواء يبلغ عمق 100 قدم؛ حيثُ إننا لا ننزل إلى أعماق البحر لاستخراج النفط فهو يقبع تحت السطح مباشرة. ولا يشبه ذلك وجوده في رمال القطران ولا يتعمقون في التكوينات الصخرية ويتسببون في أضرارٍ بيئية كبيرة. وبالنظر إلى طبيعة النفط بحد ذاته –الحالي، والخفيف، والخام – فإن التأثير البيئي من حيث تكريره يُعد أيضًا أقل بالمقارنة مع نظراء أرامكو. ويُمكن القول إن نفط أرامكو هو أنظف نفط في العالم. وبما أن البيئة باتت تُمثل قضية أكثر أهمية بالنسبة إلى شركات النفط العالمية، فإن أرامكو تمتلك ميزة تنافسية في هذا الصدد.
ولكن حتى لو كانت عملية استخراج النفط أكثر نظافة، فإن حرق الوقود الأحفوري يساهم في التغيُّر المناخي. من وجهة نظر المستثمر المهتم بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)، كيف يمكن لشخصٍ أن يبرِّرَ الاستثمار في الأسهم مع الأخذ بالتغير المناخي والقضايا السياسية في عين الاعتبار؟
تمر المملكة العربية السعودية بتحديث لاقتصادها. وإذا ذهبت إلى المملكة، يمكنك أن تشعر بالطاقة، ويمكنك أن تشعر بالحيوية. إن 70% من السكان هم أقل من 30 عامًا، وأعتقد أن الناس في الولايات المتحدة سيحبون أن يقابلوا شخصًا سعوديًا عمره أقل من 30 عامًا وسيجدون أن وجهات نظره حول العالم وطموحاته وقيمه لا تختلف كثيرًا عن تلك التي يملكونها. إن الاكتتاب العام في أرامكو هو جزء مهم من تحديث المملكة لاقتصادها، فهو يدل على التزامها بالإصلاح الاقتصادي، ونعتقد أنه سيساهم في تعزيز الاستقرار الجيوسياسي وذلك لأن خمسة ملايين مستثمر سعودي من الأفراد يمتلكون أسهمًا في أرامكو. يمكن أن تكون القيمة العادلة حافزًا قويًا لتجنب الظروف أو الأحداث التي ستتسبب في تقلبات السوق، وكل هذه الأمور إيجابية للغاية بالنسبة للسعودية.
لن يقوم المستثمر المهتم بالحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) والمتشدد حيال هذا الشيء بالاستثمار في شركة نفطية، ولكننا نعتقد أن الاستثمار في السعودية في الوقت الحالي أثناء تحولها الاقتصادي سيكون أمرًا ذا تأثير إيجابي – ليس فقط على الاقتصاد الإقليمي ولكن على العالم أيضًا.
وماذا عن الحجة القائلة بأن هذا ثمن باهظ بالنظر إلى سياسة المملكة. فهم قاموا بتعويم نسبة صغيرة للغاية، وتقريبًا كل من استثمر تحت تحكُّم الحكومة السعودية؛ لذلك قد لا يتم تداول الأسهم بحرية بالمعنى التقليدي الذي تعوَّد عليه الأمريكيون.
أود أن أختلف مع هذا التخمين بشدة، فأنا أعتقد أنه لا يتوافق مع المعلومات التي نملكها على أرض الواقع، فقد تحدثت مع العديد من العائلات البارزة في السعودية، وفكرة أنهم كانوا مُجبَرين ليست صحيحة على الإطلاق. فجميعهم – بعد أن حصلوا على مخصصاتهم من الأسهم – أصيبوا بخيبة أمل لأنهم لم يحصلوا على المزيد منها، وكانوا يُلمِّحون إلى أنهم سيواصلون الشراء بشكلٍ تدريجي.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}