نبض أرقام
05:41 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

البند الأكثر أهمية في موازنات الدول .. كيف يخلق البحث العلمي اقتصادات مهيمنة؟

2020/01/11 أرقام

يبدو من المبالغة القول إن الحرب الباردة كانت سببًا في تشكيل وادي السليكون، لكن تاريخيًا، كانت لحظة "سبوتنيك" عام 1957، عندما أطلق السوفييت أول قمر صناعي إلى الفضاء، سببًا في نشر الذعر عبر الولايات المتحدة من جانب، وتضخم ميزانية البحث العالمي من جانب آخر.


 

للاستجابة للتهديد التقني السوفييتي، أنشأ الرئيس "دوايت أيزنهاور" مؤسستين رئيسيتين تمولان من الأموال العامة، وهما وكالة مشاريع البحوث المتطورة "أربا"، والإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء "ناسا"، كما زاد الإنفاق على البرامج العلمية للجامعات بشكل هائل.

 

الآن يلعب البحث والتطوير دورًا رئيسيًا في الاقتصادات المتقدمة في مجالات مثل النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل والقدرة التنافسية الصناعية والأمن القومي والطاقة والزراعة والنقل والصحة العامة والرفاهية وحماية البيئة، وحتى في توسيع حدود المعرفة الإنسانية.

 

لذلك، أجرت الحكومات والشركات والجامعات والمنظمات غير الهادفة للربح حول العالم، مساهمات ضخمة في البحث والتطوير، ومنذ عام 2000، نما إجمالي الإنفاق العالمي على البحث والتطوير إلى ثلاث مرات ما كان عليه بالقيمة الدولارية، مرتفعًا من 676 مليار دولار إلى تريليوني دولار تقريبًا.

 

من يقود العالم في هذا المجال؟
 

- ظهرت الولايات المتحدة كقائد عالمي في العلوم والتقنية خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وتحديدًا بعد لحظة "سبوتنيك"، حيث نما الإنفاق العام للبلاد على البحث والتطوير بشكل متسارع، ما ساهم بشكل أساسي في ترسيخ قيادة أمريكا للاقتصاد العالمي.
 

- بحلول عام 1960، كانت تشكل الولايات المتحدة وحدها 69% من الإنفاق العالمي على البحث والتطوير، لكن الأمور تبدلت بعد ذلك، حيث باتت تشكل 28% فقط بحلول عام 2017، لكنها نسبة تعني أنها لا تزال الأكثر إنفاقًا حتى الآن.
 

 

- هذا التراجع في حصة الولايات المتحدة لم يكن نتيجة انخفاض الاستثمارات في البحث العلمي والتطوير -في الحقيقة واصلت البلاد زيادة الإنفاق خلال هذه الفترة- لكنه يرجع إلى الزيادة الهائلة في استثمارات الحكومات والشركات في بلدان أخرى أدركت أهمية الأبحاث في دعم الابتكار والتنافسية.
 

- مع ذلك، فإن إنفاق بلدان العالم لا يبدو متكافئًا، حيث استأثرت الاقتصادات العشرة الأكثر إنفاقًا على ما نسبته 84.7% من إجمالي الإنفاق العالمي على البحث والتطوير، وهو ما قدره 1.662 تريليون دولار.
 

- تتصدر الولايات المتحدة هذه القائمة بالفعل، لكن تطاردها الصين وتحاول تقليص الفارق معها بشكل ملحوظ منذ سنوات، حيث تجاوز تمويل بكين للبحوث والتطوير إجمالي إنفاق البلدان الأربعة اللاحقة لها معًا.

 

الدول العشر الأكثر إنفاقًا على البحث والتطوير في عام 2017

الترتيب

الدولة

حجم الإنفاق بالمليار دولار
(وفقًا لتعادل القيمة الشرائية)

01

الولايات المتحدة

543.2

02

الصين

496.0

03

اليابان

170.9

04

ألمانيا

132.0

05

كوريا الجنوبية

91.0

06

فرنسا

64.7

07

المملكة المتحدة

49.3

08

روسيا

41.9

09

تايوان

39.3

10

إيطاليا

33.5

 

 

أهمية الإنفاق العام على البحث
 

- إلى جانب إنفاق الشركات على البحث والتطوير، يشير الإنفاق العام على البحث والتطوير إلى مدى التزام بلد ما بتوليد أفكار جديدة قد تؤدي إلى منتجات وعمليات وخدمات جديدة أو محسنة.
 

- رغم الارتباط الضعيف بين الإنفاق العام على البحث والتطوير وبين التنفيذ والتسويق للنتائج المستخلصة مقارنة بجهود الشركات في هذا المجال، يظل الإنفاق العام على الأبحاث الأساسية والتطبيقية مساهمًا كبيرًا في تحسين الأداء الكلي للابتكار والإنتاجية في البلاد.
 

- في الواقع، يعد الإنفاق العام على البحث والتطوير أمرًا مهمًا لأنه يركز غالبًا على الأبحاث الأساسية التي تدعم الاقتصاد المبتكر، وعلاوة على ذلك يعتبر هذا الإنفاق -خاصة على البحث في التعليم العالي- وسيلة أساسية لأي بلد لدعم وتطوير الجيل القادم من الباحثين الذي سيساهمون في الابتكار.
 

- لا يجب أن يرتبط الإنفاق على البحث والتطوير بمجرد إقرار الحكومات لموازنات تبدو ضخمة لهذا الغرض، فرغم أهمية قدر الأموال المخصصة للأبحاث، من الأهمية بنفس القدر تخصيص الأموال بطرق تعزز التميز البحثي وتشجع الابتكار.
 

- هذا يعني أن تتسم عملية الإنفاق العام على البحث والتطوير بأربعة عناصر رئيسية، أولها الشفافية والمسؤولية، وثانيها صياغة الأولويات الاستراتيجية، وثالثها مشاركة الصناعات المختلفة في جهود البحث، وأخيرًا وضع حلول محلية للمشاكل التي قد تظهر في تجربة بلد دون الأخرى.

 

لحظة "سبوتنيك" جديدة
 

- بالعودة إلى لحظة "سبوتنيك" والتي خلقت تحديًا محفزًا للإنفاق في الولايات المتحدة، تقول المؤرخة والأستاذة الجامعية الأمريكية "مارغريت أومارا": بدءًا من القنابل إلى إطلاق البعثات الفضائية إلى تأسيس شبكة الإنترنت وغيرها؛ الإنفاق العام فجر طاقات البلاد العلمية والاكتشافات التقنية.
 

- يعتقد البعض أن لحظة "سبوتنيك" قد يعاد إنتاجها لكن هذه المرة في المملكة المتحدة مع "بريكست"، حيث يرى محللون أن الخروج من الاتحاد الأوروبي قد يشكل صدمة محفزة للإبداع وإنشاء المزيد من المؤسسات البحثية وزيادة الإنفاق على العلوم والتطوير.
 

- هذا ما ألمح إليه حزب المحافظين في بيانه قبل الفوز بالانتخابات العامة مؤخرًا، كما يعكس ذلك قناعات "دومينيك كامينغز" الذي يشغل منصب كبير المستشارين الاستراتيجيين لرئيس الوزراء، والذي دعا لخطة تحول تشجع الابتكار وإعادة تشكيل المؤسسات البريطانية.
 

- في منشور من 47 صفحة نشره العام الماضي، استعرض "كامينغز" نجاح مؤسسات مثل "أربا" و"ناسا"، و"بارك" (مؤسسة بحثية تابعة لشركة "زيروكس" كانت لها إسهامات وابتكارات كبيرة) ويرى أن تجربتها تمنح بلاده فرصة لابتكار مستقبلها الخاصة بينما يناقش الاتحاد الأوروبي كيفية البقاء على قيد الحياة.
 

- يقول "كامينغز" في منشوره: لن نعود أبدًا الدولة الصناعية الأكثر أهمية على الإطلاق مرة أخرى، لكن يمكننا قيادة العالم في بعض المجالات التقنية المتقدمة، وكما فعلت "أربا" و"بارك"، يمكن لاستثمارات بسيطة إنشاء صناعات بأكملها وخلق تريليونات الدولارات من القيمة.

 

 

المصادر: فايننشال تايمز، تقرير لاتحاد العلماء الأمريكيين، تقرير لـ"كونفرانس بورد كندا"، ذا كونفرزشن

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.