تعيد ابتكارات تقنية المعلومات والاتصالات تشكيل مفهوم الطاقة من خلال الحلول القائمة على تقنيات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وغيرها من التقنيات الحديثة التي تؤتي ثمارها في نقل مفهوم الطاقة من العصر الرقمي إلى فضاء أكثر ذكاءً، ما يفتح المجال واسعاً أمام العديد من التغييرات الإيجابية تأتي في مقدمتها زيادة الإنتاجية وتحسين الكفاءة بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى كالسلامة وتعزيز نهج الاستدامة.
وقال علاء الشيمي، المدير التنفيذي ونائب أول رئيس مجموعة أعمال "هواوي إنتربرايز" لقطاع المشاريع والمؤسسات في الشرق الأوسط: لطالما كانت الطاقة في صميم اهتمام البشرية منذ استخدم أسلافنا النار لأول مرة، ومن ثم ساهم دخول الطاقة الكهربائية حيز الاستخدام على نطاق واسع في القرن التاسع عشر بالمضي قدماً نحو الثورة الصناعية الثانية. أما الطاقة النووية فكانت بمثابة إعلان عن انطلاق الثورة الصناعية الثالثة في النصف الثاني من القرن العشرين الذي شهد بداية العصر الإلكتروني مع بروز دور الاتصالات وأجهزة الحاسوب والآلات ذاتية التشغيل والروبوتات، مما ساهم في تطور أبحاث الفضاء والتكنولوجيا الحيوية التي مهدت الطريق نحو عصرنا الرقمي الحالي.
وها نحن اليوم في خضم الثورة الصناعية الرابعة حيث تسهم التكنولوجيا في شمولية وتكامل وسائل الاتصال لخدمة البشرية. فلدينا تقنية إنترنت الأشياء الذي ساهمت في تطورها تقنيات أخرى مثل الجيل الخامس والحوسبة السحابية. ومثلما كان للطاقة دورها الرئيسي في تنظيم الصناعة - وفي إنشاء قطاع تقنية المعلومات والاتصالات - فإن تقنية المعلومات والاتصالات اليوم ترد الجميل إذا جاز التعبير، وذلك من خلال الحلول الذكية التي تعزز الاستدامة والكفاءة والإنتاجية في كافة مجالات الطاقة. وهدفنا اليوم يجب أن يرتكز حول دعم التحول الرقمي في جميع المجالات، وإقامة أسس العالم الرقمي للمستقبل، حيث تمثل الطاقة الذكية خطوة أساسية في هذا الاتجاه.
من أهم الأمثلة التي يمكن طرحها في هذا المجال هو نشر شبكات الجيل الخامس التي تعمل بشكل مختلف عن سابقاتها، حيث تستخدم نطاقات ترددية عالية مع محدودية نطاق تغطيتها، ما يتطلب محطة رئيسية أكبر من نظيرتها المستخدمة في تقنية الجيل الرابع والأجيال السابقة. وتشكّل محدودية التغطية إحدى عوائق انتشار شبكات الجيل الخامس بشكل سريع، وللتغلب على هذه المعيقات طورت هواوي حلاً لبناء محطات الجيل الخامس الفرعية مما يتيح لشركات تزويد الطاقة والشركات المتخصصة في بناء أبراج الاتصالات وشركات الاتصالات مشاركة موارد البنية التحتية، حيث توفر شركات تزويد الطاقة قواعد للمحطات الفرعية التي يمكن لشركات الاتصالات استخدامها لنشر محطات شبكة الجيل الخامس الرئيسية، وتقوم باستئجار الحجرات الفرعية وإمدادات الطاقة من شركات الطاقة لضمان استمرارية التزويد لمحطات الجيل الخامس الرئيسية.
وتتيح تقنية هوائي شبكة الجيل الخامس المميزة التي توفرها هواوي لشركات بناء الأبراج الاستفادة القصوى من أبراجها من خلال تركيب أنواع متعددة من الهوائيات على برج أحادي القطب. وفي عام 2019 نجحت شركة "تشاينا يونيكوم نانجينغ" في تركيب محطة رئيسية بهذه الطريقة خلال يوم واحد فقط، فيما يستغرق بناؤها عادةً 30 يوماً. وقد ساعد تقليص مدة التنفيذ بهذا الشكل في خفض التكاليف بالإضافة إلى التقليل من خطوط الأنابيب وعمليات النقل والطاقة والمساحة المستخدمة التي تقلصت بمقدار 840.000 متر مربع - أي ما يعادل مساحة 117 ملعب كرة قدم - بالإضافة إلى توفير 420.000 طن من الفولاذ. وفي المجمل انخفضت التكلفة بفضل هذا الحل مقارنة مع الطريقة التقليدية بمقدار 1.3 مليار دولار أمريكي - بفضل ابتكارات تقنية المعلومات والاتصالات.
ما سبق مجرد مثال واحد عن تضافر جهود قطاعي تقنية المعلومات والاتصالات والطاقة بهدف تعزيز الكفاءة والاستدامة. وقد ساعدت الاتصالات ذات الكمون المنخفض والموثوقية العالية التي توفرها شبكات الجيل الخامس في إتاحة القيادة الذاتية لشاحنات التعدين والتحكم عن بعد بالحفارات في مواقع التعدين مما يقلل من العمليات التي تتطلب تدخلاً بشرياً ويفسح المجال للتعدين الذكي. وتتيح ميزة الإنترنت اللاسلكي المحسّن من الجيل الخامس لشركات التعدين إجراء تحليلات قائمة على الذكاء الاصطناعي لعدد كبير من مقاطع الفيديو في موقع العمل، مما يعزز من دقة وكفاءة عملية التعدين.
أما حلول نقل الطاقة الذكية التي تدمج واجهة تحليل البيانات مع التدريب القائم على الحوسبة السحابية واستخدام حوسبة الحواف مع وحدات مراقبة الأعمدة والأبراج فتساعد على إجراء تحليلات ذكية تعمل من خلال الحوسبة السحابية على تحديث خوارزميات الكشف عن المخاطر بشكل فوري، ما يتيح مراقبة ونقل المخاطر المحتملة مثل تواجد أعشاش الطيور على الخطوط أو التداخلات الميكانيكية بشكل تلقائي إلى طواقم التشغيل دون تدخل بشري مما يزيد الكفاءة بمقدار خمسة أضعاف مع ضمان تشغيل خط الطاقة بشكل ثابت وآمن.
لا شك أنه لا حدود للابتكار إذا ما تضافرت خبرة وجهود قطاعي تقنية المعلومات والاتصالات والطاقة، والأمثلة المذكورة فيما سبق ما هي إلا نماذج قليلة عن الحلول المتوفرة حالياً والتي تدفع باتجاه عصر الطاقة الذكي. وما زال هناك الكثير من الحلول قيد التطوير بالاستفادة من التقنيات الجديدة كالذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية التي تتقدم باستمرار وتواكب احتياجات العالم من حولنا. وليست هذه سوى بداية مرحلة جديدة من تطور قطاع الطاقة الذي ينتظره مستقبل أكثر استدامة وكفاءة وذكاء بفضل تقنية المعلومات والاتصالات. إنها الحقبة الرقمية الجديدة التي تختلف إمكانياتها وآفاقها عن سائر المراحل السابقة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}