نبض أرقام
07:58 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

صناعة الأثاث العالمية .. ليس كل ما يلمع ذهبًا

2020/01/26 أرقام - خاص

تُصنف صناعة الأثاث ضمن فئة الصناعات التقليدية، والتي يُعاني الكثير منها مؤخرًا بسبب طغيان الثورة التكنولوجية على الاقتصاد المعاصر، مما أدى إلى تراجع كبير في هذه الصناعات لحساب نظيرتها التكنولوجية.

ولكن يبدو أن ما ينطبق على الصناعات التقليدية لا ينطبق على صناعة الأثاث التي تبرز باعتبارها استثناءً.

 



صناعة تنمو

 

من المتوقع أن تبلغ حجم صناعة الأثاث 250 مليار دولار في عام 2020. وبشكل أساسي تستفيد الصناعة من تنامي العديد من الاتجاهات الحديثة التي تدعم نموها ومنها توجه أعداد متزايدة من سكان المدن الكبيرة نحو الشقق الفندقية التي تستهلك أثاثا جديدا باستمرار بسبب طبيعتها الفاخرة.
 

ووفقًا لموقع "ستاتيستا" تنمو صناعة الأثاث عالميا بنسبة 6.3% وهو معدل مرتفع مقارنة بكافة الصناعات التقليدية التي بلغ متوسط نموها خلال السنوات الأخيرة 1 إلى 3%، وهو ما يوضح ازدهار الصناعة بشكل لافت رغم تراجع غالبية الصناعات التقليدية في مواجهة الصناعات التكنولوجية.
 

وعلى الرغم من الاتجاهات الحديثة الكثيرة في الصناعة والمواد المستحدثة مثل الألمونيوم والزجاج والحديد وغيرهم، إلا أن الأثاث الخشبي ما زال يمثل أكثر من 60% من السوق متراجعًا من 95% قبل عقدين من الزمان.
 

واللافت هو أن التراجع في نصيب الخشب من سوق الأثاث يقترن مع زيادة القيمة المضافة للمواد الأخرى المستخدمة في الصناعة، بسبب مرورها بعمليات تصنيع أكثر.

وتستفيد الصناعة في ذلك مما يوصف بـ"الاتجاه نحو الخضار" أي مراعاة البيئة والحد من قطع الأشجار.

 

نمو ولكن
 

ومن المنتظر أن تسهم تكنولوجيا مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد في صناعة 10% من الأثاث (ولاسيما القطع الصغيرة) خلال 7-10 أعوام، بما يؤكد أن استفادة الصناعة من أحد أهم مظاهر التكنولوجيا الحديثة التي ستشكل اقتصاد المستقبل، ويسهم في تحديث الصناعة ونقلها للمستقبل.
 


 

وعلى الرغم من كافة الاتجاهات الإيجابية السابقة إلا أن صناعة الأثاث تعاني من العديد من الأزمات التي تتعلق بالاحتكار من جهة، وبتأثير الحروب التجارية من جهة أخرى.
 

وفيما يتعلق بالاحتكار، تشير دراسة لـ"ديلويت" إلى أن أحد أهم العقبات التي يواجهها سوق الأثاث خلال الفترة الماضية تتعلق بضعف المنافسة. فعلى الرغم من وجود آلاف المتاجر لبيع الأثاث في الولايات المتحدة على سبيل المثال إلا أن 50 منها فقط تستأثر بحوالي 75% من إجمالي السوق.
 

وترجع الدراسة ذلك إلى طبيعة سوق الأثاث الذي يستفيد كثيرًا من ميزة الإنتاج الكبير ولاسيما في التعاقدات على المواد الخام بأسعار جيدة وتوافر وسائل النقل بكلفة معقولة، بما يؤثر كثيرًا على قدرة الشركات الصغيرة على الصمود في مواجهة الشركات الكبيرة.
 

وتشير الدراسة إلى أن الحروب التجارية أدت لخلق أعباء كبيرة للغاية على المنتجين والبائعين، حيث ازداد مخزون المواد الخام لدى المنتجين بنسبة 140% في المتوسط خلال الفترة الماضية بسبب تخوف المنتجين من تعرض خطوط الإنتاج لصعوبات.
 

ويشير تقرير لموقع "ماركت ووتش" إلى أنه على الرغم من أن صناعة الأثاث ككل تحقق نموًا إلا أن تفاوت مستوى الربحية يبقى أمرًا مثيرًا للقلق، إذ يبلغ لدى بعض المنتجين قرابة 40% (وهو معدل يفوق نظيره لدى شركات الأدوية والاتصالات) بينما لا يتعدى 1-2% لدى صغار المنتجين.
 

الإنتاج الكبير
 

المستفيدون من ميزة "الإنتاج الكبير" في الأثاث يحققون وفورات في كافة عناصر الإنتاج تصل إلى 27% مما ينعكس بطبيعة الحال على ربحيتهم، كما أن القيمة المضافة لبعض شركات الأثاث أكبر بكثير من غيرها.
 

شركات الأثاث التي تستثمر في تصميمات المنتجات الخاصة بها تزيد كثيرًا من القيمة المضافة لمنتجاتها، ولاسيما تلك التي تعمل في مجال الأثاث المكتبي وما يعرف بـ"الحلول الذكية". وتصل ربحية هذه الشركات إلى ما يقارب 10 أضعاف نظيرتها لدى الشركات الأخرى.
 


 

ولذلك تجمع الشركات التي تركز عملها على الأثاث المكتبي بين ميزتي النمو الكبير والربحية العالية، إذ تصل نسبة نموها إلى 14% سنويًا، وفقًا لتقرير لـ"ماركت ووتش" بينما تصل ربحيتها إلى قرابة الـ40%.
 

وفي المقابل فإن صغار المنتجين لا تتخطى معدلات نموهم 2% سنويًا، بينما لا تتخطى ربحيتهم الـ5% في ظل صعوبة المنافسة السعرية مع كبار المنتجين.
 

لذا على الرغم من تحقيق صناعة الأثاث لمعدلات نمو لافتة بالمقارنة مع غيرها من الصناعات التقليدية إلا أنه بإلقاء نظرة فاحصة يتبين انقسام الصناعة وتباين معدلات النمو والربحية داخلها وهو يؤكد أن ليس كل ما يلمع ذهبًا.
 

المصادر: ديلويت – ماركت ووتش – ستاتيستا – فوربس