شهدت أسواق الأسهم العالمية صحوة استثنائية خلال العام الماضي، بقيادة السوق الأمريكي الذي يواصل تسجيل مستويات قياسية جديدة في العام الجديد، بغض النظر عن الاضطرابات الأخيرة بفعل المخاوف من انتشار فيروس كورونا الجديد.
لكن مع تواصل المكاسب وتوسع السوق الأمريكي، يتساءل البعض "هل هناك حاجة لمديري أصول لانتقاء الأسهم؟"، في حين أن المستثمرين يتعرضون للسوق بالفعل عبر العديد من الصناديق المتداولة السلبية، والتي تحاكي أداء المؤشرات الرئيسية.
على سبيل المثال صندوق "سباي" الذي يتعقب "إس أند بي 500" و"كيو كيو كيو" الذي يتعقب "ناسداك 100"، يمتلكان حيازات أسهم في جميع شركات التقنية الكبرى التي قادت السوق للارتفاع، مثل "أبل" و"فيسبوك" و"أمازون" و"ألفابت" و"مايكروسوفت".
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الصناديق تفرض رسومًا منخفضة للغاية، مما يجعلها أقل تكلفة من الصناديق النشطة والتي تميل إلى فرض رسوم باهظة وإجراء عمليات تحليل معقدة.
شهادة بافيت
- التحول نحو هذا النمط من الاستثمار، هو بمثابة أخبار مبهجة لمديري الأصول مثل "بلاك روك" مالكة عائلة الصناديق المتداولة الشهيرة "آي شيرز"، وقالت الشركة في تقريرها الأخير عن الأرباح إن هذه المجموعة جذبت 75 مليار دولار من الأموال الجديدة خلال الربع الرابع.
- حتى المستثمر المخضرم "وارن بافيت"، أبدى أسفه لأنه من الصعب على منتقي الأسهم التفوق على صناديق الاستثمار المتداولة، وقال الملياردير لـ"سي إن بي سي" العام الماضي، إنه يواجه وقتًا عصيبًا في محاولات التفوق على مؤشر "إس أند بي 500".
- كتب "بافيت" في رسالته السنوية للمساهمين لعام 2013، موجهًا حديثه إلى كبار المستثمرين، أنه بناءً على وصيته، سيتم وضع 90% من الأموال النقدية التي سيتركها لزوجته في صندوق مؤشرات يتعقب "إس آند بي 500" منخفض التكلفة، والباقي في سندات حكومية قصيرة الأجل.
- أضاف المستثمر الملقب بـ"معجزة أوماها" في رسالته: أعتقد أن نتائج هذا النهج الاستثماري على المدى الطويل ستكون متفوقة على النتائج التي يحققها معظم المستثمرين، سواء صناديق تقاعد أو مؤسسات أو أفراد، ممن يستعينون بمديري الأصول ذوي الرسوم المرتفعة.
- نظرًا للأداء الجيد للسوق بشكل عام على مدار العقد الماضي، تبدو مقامرة بالنسبة للمستثمرين، أن يضعوا جميع أموال التقاعد في أسهم فردية أو صناديق استثمار مشترك، والتي قد تقدم أداءً دون مستوى السوق الأوسع نطاقًا.
عام مثالي وآفاق مشرقة
- أنهت صناديق المؤشرات المتداولة في الولايات المتحدة العام الماضي، بأصول قدرها 4.4 تريليون دولار تحت إدارتها، وبزيادة نسبتها 30% عن عام 2018، كما زاد عدد الصناديق بنسبة 8% ليصل إلى 2302 صندوق، بحسب بيانات موقع "إي تي إف دوت كوم".
- العديد من شركات إدارة صناديق الاستثمار المشترك، تقدمت بطلبات للحصول على حق تحويل صناديقها النشطة إلى صناديق مؤشرات متداولة، ورغم أن هذا التحول لن يجعل الصناديق الجديدة سلبية كليًا، فإنه سيعني تحول المزيد من الأموال إلى الاستثمار السلبي.
- شهد عام 2019، سباقًا بين شركات الاستثمار نحو "الصفر تكلفة"، حيث خفض كبار مديري صناديق المؤشرات الرسوم بشكل حاد، وهو اتجاه يعتقد أنه سيستمر هذا العام، وذلك لا يشمل عمولات التداول فقط، وإنما رسوم خدمات الاستشارات والمنصات أيضًا.
- نمت أعمال الخدمات الاستشارية الشخصية لشركة "فانجارد" إلى أكثر من 100 مليار دولار، علمًا بأنها تقدم المشورة مقابل مبالغ زهيدة للغاية، بحسب "مات هوفان" من شركة "بيتويز إنفستمنتس".
- نتيجة حرب التكلفة، هناك بعض الفائزين والكثير من المتخلفين عن الركب، وفي حين أن أمريكا بها 141 من موفري خدمات صناديق المؤشرات، فإن أكبر خمس شركات تسيطر على 91% من الأصول، لذا من المتوقع أن تكون هناك عمليات اندماج واسعة النطاق.
أينبغي التخلي عن الاستثمار النشط؟
- يواصل بعض الخبراء الدعوة لاختيار الأسهم الفردية أو صناديق الاستثمار المشترك بدلًا من الصناديق المتداولة، ويقول المحلل "راندي فريدريك": السبب الذي يدفع الناس للقول بأن الاستثمار النشط قد قام، هو أن الصناديق السلبية تتفوق دائمًا في الأسواق الصاعدة، وهذا لن يدوم للأبد.
- يشير "فريدريك" الذي يشغل منصب نائب رئيس التداول والمشتقات في مركز "شواب" للأبحاث المالية، إلى أن العديد من الصناديق النشطة كان أداؤها أفضل من صناديق الاستثمار المتداولة السلبية في ديسمبر 2018، عندما تراجعت المؤشرات الرئيسية واقتربت من سوق هبوطي بسبب المخاوف من رفع الفائدة الفيدرالية بقوة.
- إنه لا يتوقع حدوث انهيار كبير للسوق في أي وقت قريب، لكن المستثمرين الذين يشعرون بالقلق إزاء التقلبات على المدى الطويل يجب ألا يكون لديهم أكثر من 20% من محافظهم في حسابات نشطة.
- لا ينبغي للمستثمر الخلط بين السوق الصاعد والبراعة الاستثمارية، الجميع عباقرة في الأسواق الصاعدة، لكن يكسب المديرون النشطون عندما تصبح الأمور صعبة في الأسواق، ونظرًا لأن الاتجاه الحالي لن يستمر للأبد، يجب على المستثمرين الاستعداد للهبوط، وعندها يكون وقت منتقي الأسهم أمثال "بافيت" قد حان.
- يقول كبير المحللين الاستراتيجيين لدى "ناتيكسيس إنفستمنتس مانجرز"، "ديفيد لافيرتي": لست مستثمرًا سلبيًا، لكن استراتيجية الإدارة النشطة شُوهت ظلمًا، العديد من المديرين النشطين يبنون مراكز نقدية للاستفادة من الموجات البيعية، إنهم يميلون للاستثمار فيما هو أكثر من شركات التقنية الكبرى.
المصادر: سي إن إن، سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}