ألقت الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد بسبب ظهور فيروس كورونا المستجد بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية، بما فيها القطاع العقاري الذي تأثر سلبا بانعكاسات هذه الازمة على الدخل الشهري للكثير من العقارات.
وكعادة المجتمع الكويتي، فقد ظهر مدى تكاتف أبنائه في التصدي للأزمات، حيث تجلى هذا التكاتف في الدعم الكبير الذي قدمه عدد من شركات وملاك قطاعي العقار «الاستثماري» و«التجاري»، الذين قدموا دعما مباشرا لأصحاب المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي وكل القطاعات العقارية المختلفة، إضافة إلى مبادرات شخصية قدمها عدد من ملاك العقارات الاستثمارية للمؤجرين تمثلت في إعفائهم من إيجار شهرين أو تخفيض الايجار بنسب متفاوتة.
فعاليات عقارية أشادت عبر «الأنباء» بالدعم الكبير الذي قدمته كبرى الشركات العقارية للمؤجرين والمستثمرين، والذي تمثل في الإعفاء من الايجار لمدة شهر أو شهرين، وهو إجراء قامت به عدد من الشركات بدءا من شركة التمدين العقارية وشركة المباني وشركة أعيان العقارية وشركة الصالحية العقارية وشركة العقارات المتحدة.. وغيرها الكثير، وذلك في خطوة هدفها المساعدة في تجاوز هذه الأزمة لضمان عبور الجميع إلى بر الأمان واستمرار الجميع في تأدية أعمالهم التجارية كما كانت قبل الأزمة.
في موازاة ذلك، قام عدد من ملاك العقارات الاستثمارية بمبادرات شخصية تفاوتت من خلالها قيمة الاعفاء المقدم للمؤجرين، فيما لفت عدد من العقاريين في تصريحات متفرقة لـ«الأنباء» إلى ضرورة الالتفات إلى قطاع «العقار الاستثماري» الذي يعتبر ثاني القطاعات العقارية المتضررة، مؤكدين ضرورة التفات ملاك العقارات الاستثمارية لهذا العقار، خاصة في ظل القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء بإيقاف عدد كبير من المجمعات التجارية وأثرها على إيقاف عدد كبير من الأنشطة التجارية عن العمل، وما سيترتب على ذلك من توقف مصدر الدخل لشريحة كبيرة من المؤجرين ومن ثم تعثرهم عن السداد.
بداية، أشاد رئيس مجلس إدارة اتحاد العقاريين توفيق الجراح بالخطوات الايجابية التي قامت بها عدد من الشركات العقارية تجاه المؤجرين والمستثمرين لديها، معربا عن أمله في أن يسير ملاك العقار الاستثماري على خطى ملاك المجمعات التجارية ومراعاة الظروف القهرية الحالية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن، خاصة في ظل توقف عدد كبير من الأنشطة التجارية في البلاد وما تبعه من عدم وجود مصدر للدخل لدى شريحة كبيرة من المؤجرين، مشيرا بقوله «من لا يَرحم لا يُرحم».
وأضاف: ان الوضع الحالي يتطلب تضافر جهود جميع من يعيش على أرض الكويت سواء القطاع العام أو الخاص، كما أن الأمر يتطلب حزمة متكاملة من الاجراءات، تكون انطلاقتها من بنك الكويت المركزي بالتضامن مع باقي المصارف الكويتية، مبينا أن إجراءات «المركزي» في هذا المجال مازالت «خجولة» وتنقصها الجرأة في تطبيق مجموعة من الحزم النقدية التي يجب أن يقودها المركزي بنفسه.
وبينما أشاد الجراح بالجهود الكبيرة والمتسارعة التي طبقتها الحكومة الكويتية من قبل جميع جهات الدولة المختلفة في مواجهة وباء كورونا المستجد وبالقرارات الحكومية الصادرة من مجلس الوزراء والوزارات المعنية، فإنه أكد في المقابل ضرورة عدم إغفال أهمية دعم القطاع الاقتصادي الكويتي والحفاظ على قوته وقدرته في مواجهة هذه الأزمة وتجاوزها وفي تخفيف أعبائها عن جميع القطاعات، بما يصب في المصلحة العامة للدولة.
وقفة جادة
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية إبراهيم العوضي أن العقار الكويتي يمر حاليا بمرحلة خطرة في ظل الركود الاقتصادي العالمي، وخصوصا بالنسبة لـ «العقار التجاري» و«العقار الاستثماري»، وبالتالي فإن هذا الأمر بحاجة إلى وقفة جادة قبل أن تتحول الأزمة الحالية إلى كارثة على هذا القطاع.
وقال أن الازمة الحالية بدأت تلقي بظلالها على القطاعات المختلفة بما فيها القطاع العقاري، مبينا أن مدى تماسك العقار التجاري بالكويت مرتبط بحزمة من الاصلاحات الحكومية المتوقعة، في سبيل المحافظة على ثباته، وأن أحد هذه القرارات كان قرار خفض سعر الفائدة، باعتباره قرارا يمكن أن يساعد في ثبات واستقرار هذا القطاع.
وأشار إلى أن ملاك العقار الاستثماري باتوا أمام تحديين رئيسيين، الأول يتمثل في انخفاض الطلب على العقار الاستثماري في ظل انخفاض أعداد الوافدين بعد توقف حركة الطيران من وإلى الكويت، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من المؤجرين لن يستطيعوا العودة إلى الكويت وبالتالي فإنه قد يضطرون إلى إلغاء عقودهم ومن ثم زيادة أعداد الشقق الشاغرة، فيما يتمثل التحدي الثاني في عدم قدرة شريحة من المؤجرين على دفع الإيجار المستحق عليهم لمدة شهر أو شهرين بعد توقفهم القسري عن العمل، خاصة أنه لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الأزمة.
وأكد العوضي أن مشاكل المؤجرين المتضررين في العقار الاستثماري ستتركز في نوعين من المؤجرين، الأول يتعلق بشركات قامت بتأجير عمارات سكنية لإسكان عمالتها، وهذه الشركات قد تتعثر عن السداد في الفترة الحالية (والحديث هنا عن شركات المطاعم والمقاهي والخدمات.. وغيرها)، أما النوع الثاني فهو المؤجرون من أصحاب الدخول البسيطة الذين لن يكونوا قادرين على سداد إيجاراتهم بمجرد توقف مصدر دخلهم.
ولفت إلى أنه من المبكر الحكم على مدى تأثر العقار الاستثماري بالأزمة الحالية، لكن الأمر قد يتضح أكثر في حال امتدت الأزمة لأكثر من شهرين، بمعنى أن تعثر المؤجرين عن سداد القيمة الإيجارية سيتبعه بالضرورة تعثر الملاك عن سداد مديونياتهم للبنوك، ومن ثم فإن تأثير الأزمة على العقار الاستثماري لن يقتصر على جانب القيمة الايجارية فحسب، وإنما قد يشمل أسعار العقارات الاستثمارية التي قد تشهد انخفاضا فيما لو استفحلت الأزمة أكثر.
واختتم العوضي بقوله: نحن أمام ازمة، وهذه الازمة تحتاج إلى تكاتف وإلى حزمة إصلاحات، خاصة أننا نعلم ان القطاع العقاري هو جزء لا يتجزأ من الاقتصاد الكويتي، كما أنه ثاني أكبر قطاع بعد القطاع النفطي، بالإضافة إلى أن جميع قطاعات الدولة بما فيها من أفراد وشركات ومؤسسات وبنوك مرتبطة بهذا القطاع، لذا فإن الاصلاحات المرتقبة يمكن أن تساعد في إنعاش الاقتصاد بشكل عام، والعقار بشكل خاص.
المؤجرون 3 فئات
بدوره، أيد المقيم العقاري أحمد الاحمد الآراء التي أكدت ضرورة دعم العقار في المرحلة الحالية، مبينا أن العقار السكني لن يتأثر سواء حاليا أ ومستقبلا بالازمة الحالية كونه مرتبطا بحاجة المواطن الكويتي للسكن، في حين أن العقار الاستثماري هو الذي سيعاني كثيرا، خاصة إذا استمرت الأزمة لمدة أطول، بمعنى أنه لو أن الأزمة الحالية اقتصرت على فترة أسبوعين فقط، فإنها لن يكون لها تأثير يذكر على العقار الاستثماري، لكن لو استمرت لمدة 6 اشهر أو أكثر فعندها سيكون تأثيرا كبيرا وملحوظا.
وقسم الاحمد المؤجرين إلى 3 فئات، الاولى هي المؤجر الذي سيتأثر نفسيا بالأزمة ومن ثم يمتنع عن سداد الايجار لحين اتضاح الرؤية، والثانية هي المؤجر البسيط الذي يعتمد على نشاط تجاري متوقف، وهذا المؤجر سيتعثر بالسداد، والثالثة هو الشركات المؤجرة التي قد تطلب أجلا للسداد لحين استقرار الأوضاع الاقتصادية.
ولفت إلى أن تعثر المؤجرين بالسداد في المرحلة الحالية سيكون له أثر مباشر على ملاك العقارات الملتزمين بأقساط شهرية للبنوك، وبالتالي فإن الأمر عبارة عن سلسلة مترابطة لابد من الانتباه لها، قبل أن نفاجأ بقيام الجهات الدائنة برفع قضايا على ملاك العقار الاستثماري، ومن ثم وجود عرض كبير لهذه العقارات بالمزاد العلني، ما قد يضر بأسعارها على المدى البعيد.
وشدد الأحمد على أن الوضع الحالي يحتاج إلى نظرة إنسانية وقانونية إلى جميع المتضررين على حد سواء، فالقطاع التجاري قد تعثر وكذلك الحال بالنسبة للقطاع الاستثماري، فالظروف القهرية التي شهدتها البلاد لم تستثن أحدا، وبالتالي فإن الواجب الوطني والانساني يحتم النظر إلى أوضاع المتضررين كل على حسب تضرره.
وفي ختام تصريحه، ناشد الأحمد الحكومة بضرورة وضع حلول مستعجلة لما بعد الازمة الحالية، معربا عن اعتقاده بأن المحاكم ستشهد قضايا ضخمة، وربما تحتاج إلى دائرة خاصة للنظر فيها، كما دعا في الوقت نفسه إلى ضرورة العمل على إيجاد حلول عاجلة لجميع شرائح المجتمع من تجار ومشروعات صغيرة ومواطنين ومقيمين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}