نبض أرقام
09:55 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/25
2024/11/24

العقار التجاري.. في طريق التعثُّر أو الإفلاس

2020/04/02 القبس

مازالت عواصف أزمة وباء «كوفيد-19» تتصاعد في السوق المحلي، محدثة زوبعة ألمت بتداعياتها مختلف الأقطاب الاقتصادية، ومهددة بذلك مصير العديد من المستثمرين حديثي النشأة، بالإضافة إلى الشركات التي أرهقتها الأزمات الاقتصادية وتسببت مع الوقت في إضعاف ملاءتها المالية.

وفقاً لخبراء تحدثوا لـ القبس، فإن الأزمة المقبلة لا تزال في أوجها وعمرها لن يقل عن 3 سنوات أخرى. وفي ظل ما اتخذته الدولة من إجراءات احترازية شملت إغلاق المجمعات والمحال التجارية لتفادي تفشي وباء «كورونا»، يتصدر قائمة الضحايا أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى ملاك عقارات المجمعات ومحال التجزئة.

في هذا السياق توقع الخبراء أن تشهد المرحلة المقبلة أحداثاً تعد الأولى من نوعها على مستوى الدعاوى القضائية ما بين الملاك والمستأجرين نتيجة الإيجارات المستحقة، ناهيك عن حصول عمليات بيع لمحال بأسعار زهيدة وفسخ عقود وحالات من الإخلاء والإفلاس سيشهدها السوق العقاري والتجاري بنسبة لن تقل عن %10، بالإضافة إلى تأثر الأنشطة التجارية بواقع %20.

وأشاروا إلى أن العائق الأكبر الذي سيواجه الشركات وأصحاب المشاريع يتمثل في كيفية الاستمرار بسداد جميع الالتزامات ورواتب الموظفين في ظل توقف أنشطتهم وعوائدهم، الأمر الذي سيساهم في اتساع دائرة الضائقة المالية وتراكم المديونيات وتفاقم القضايا ما لم تتدخل الحكومة بحزمة حلول تنقذهم من الوقوع في هاوية الإفلاس.. فيما يلي التفاصيل:

بداية قال نائب رئيس اتحاد وسطاء العقار عماد حيدر: إن الأزمة التي يواجهها العالم تعد اقتصادية وصحية على حد سواء، وما يزيد الأمر تعقيداً هو عدم معرفتنا بنهايتها، ففي حال استمرت لفترة طويلة ستتفاقم حالات التعثر وعزوف المستأجرين عن السداد نتيجة عدم قدرتهم على تحمل أعباء الإيجار ورواتب الموظفين وغيرها من الالتزامات، خصوصاً العاملين في القطاع الخاص وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين ستتقطع بهم السبل، مما سيؤدي تحول عدم سداد الإيجارات من حالات فردية إلى ظاهرة عامة قد تتطلب تدخل الدولة باتخاذ قرارات تحل إشكالية العزوف عن دفع الإيجارات من ضمن الحزمة الاقتصادية.

وأضاف أن التخلف في دفع الإيجارات ينجم عنه خسارة للمالك والمستأجر على حد سواء وعلى الاقتصاد بشكل عام، فالمحاكم ستمتلئ بقضايا الإيجارات وقد نرى أحكاماً تصدر لأول مرة تختلف عن تلك التي كنا نشهدها قبل الأزمة.

وبين حيدر، ان القرارات الاقتصادية يجب أن تشمل قضية الإيجارات وهي جزء من حزمة قرارات، وبما أن قضية الإيجارات لا تقف عند المؤجر والمستأجر فقط ولها أبعاد أخرى متصلة بالبنوك فلابد من أن تتم المعالجة بشكل عام وليس على مراحل متجزئة، فمثلا باستطاعة الدولة إعفاء الملاك من سداد فواتير الماء والكهرباء ورسوم البلدية وغيرها وأن تعمل البنوك على إعادة جدولة المديونية أو الإعفاء مدة معينة من الشهور وعلى ضوئها يقوم المالك بخفض الإيجار أو إعفاء المستأجرين فترة معينة حتى يسترد الوضع الاقتصادي عافيته.

دراسة عقارية

من جهته، أكد نائب الرئيس التنفيذي لشركة التنمية العقارية المملوكة لمجموعة بوخمسين القابضة سليمان المضيان، أن القطاع التجاري وقطاع التجزئة يعتبران من أهم وأقوى القطاعات في السوق العقاري المحلي، إذ تشير آخر الإحصائيات والدراسة المقدمة من قبل اتحاد العقاريين لأهم ثلاثة عشر مجمعاً تجارياً في الكويت والتي حددت المساحات القابلة للتأجير بمساحة لا تقل عن 550 ألف م2 كانت نسبة الإشغال فيها تقدر بـ %99.1، وهذه النسبة الكبيرة مؤشر على ارتفاع الطلب على القطاع العقاري التجاري ومدى قوته.

وأضاف المضيان: أما بالنسبة للفئات والأنشطة التجارية التي تشغل هذه القطاعات فهي متنوعة مثلاً «مراكز التسوق والمنتجات الغذائية، منتجات الأثاث والديكور، مراكز الألعاب والتسلية والأعمال الترفيهية، المنتجات الإلكترونية، قطاع الأزياء وما يتبعه، المطاعم والمقاهي، الساعات والعطور والمنتجات التجميلية وغيرها»، حيث تم ترتيب هذه الفئات حسب الأنشطة المتصدرة في مقدمتها قطاع الأزياء بنسبة %40 يليه المطاعم والمقاهي بنسبة %13 ومراكز التسوق والمنتجات الغذائية %10. ويبدو من ذلك أن المتضرر الأول هو المجمعات والمراكز التجارية الكبرى، حيث إن قرار الإغلاق جاء كلياً عليها.

وبخصوص الأنشطة الأخرى مثل قطاعات «بيع المواد الغذائية والمطاعم والمقاهي»، فقد استمرت بالانتفاع بالوحدات المؤجرة عن طريق خدمات الطلبات والتوصيل ولم يطبق عليها قرار الغلق الكامل.

10 % إخلاء وإفلاس

وقال المضيان: سيشهد السوق العقاري والتجاري حالات من الإخلاء والإفلاس بنسبة تقدّر بحوالي (%10) على الأقل، وذلك للأنشطة والمشاريع التي هي أساساً متعثّرة وغير ناجحة قبل حدوث هذه الأزمة وما تبعها من ظروف استثنائية، وأما الشركات والأنشطة التجارية الأخرى ستتأثر بهذه الأزمة تأثراً شديداً بنسبة %20، ولكن لكون هذه الشركات والأنشطة أساسات ناجحة ولديها رؤية ودراسة اقتصادية قوية، بالإضافة إلى حسن الإدارة والقدرة على تخطي الأزمات، وتمتلك احتياطيا من السيولة النقدية، فان ذلك يمنحها المقدرة على الصمود في أوقات الأزمات وتخطيها بأقل الخسائر.

وأضاف: أهم عائق يواجه أصحاب المحال والشركات حالياً دفع رواتب الموظفين والعمالة، لكون باقي الالتزامات الأخرى قد جرى التعامل معها، من خلال الأطراف ذات العلاقة.

وتابع قائلاً: من وجة نظري أن الرواتب هي العائق الوحيد، وأتوقع أن ما نسبته %15 من المحال وأصحاب المشاريع الصغيرة سيتوجّهون إلى مجال التجارة الإلكترونية.

وبيّن المضيان أن ملاك المجمعات والمراكز التجارية هم المتضرر الأكبر بسبب هذه الأزمة، وهذا الضرر مباشر وكبير وله آثاره السلبية عليهم، والتزاماً بالقرارات الحكومية تم إغلاق المجمعات التجارية ودور السينما والمراكز الترفيهية والتسلية للأطفال وغيرها من الأنشطة، ما له أثر كبير في إيرادات الشركات المالكة للمجمعات والمراكز التجارية، بالإضافة إلى ذلك، لا تنحصر الخسارة فقط على الإيرادات، وإنما في الوضع المالي لهذه الشركات وما يلزمها من تأمين الموارد المالية لسد الالتزامات التي عليها، كرواتب الموظفين والعاملين بها، ورواتب الإدارات العقارية التي تدير هذه المجمعات والمراكز التجارية، وكذلك نفقات أعمال الصيانة وأعمال الحراسة والخدمات الأمنية لهذه المجمعات والمراكز التجارية.

كما أن التكلفة التشغيلية لهذه المجمعات والمراكز التجارية تتراوح ما بين (%13 و%16.5) من الإيرادات السنوية، وهي نسبة كبيرة سيضطر أن يتحمّلها مجبوراً مالك العقار التجاري؛ للمحافظة على المجمع أو المركز التجاري.

ويترتب على ما سبق ذكره عدم مقدرة الملاك والشركات العقارية على السداد للبنوك المقرضة، كون الحزمة الاقتصادية لم تشمل قروض الشركات العقارية، ولا حتى تأجيل دفع رسوم أملاك الدولة أو تأجيل دفع المبالغ المستحقة على الكهرباء والماء وغيرها من الرسوم.

وأكد المضيان ضرورة أن تنظر الدولة في تأجيل أو إلغاء الرسوم المستحقة على العقارات من ضمنها رسوم أملاك الدولة على الأراضي والأملاك القائمة، إضافة إلى تأجيل سداد فواتير الماء والكهرباء. إلى جانب إعادة جدولة القروض العقارية لمدة 24 شهراً على الأقل، مع إعطاء فترة سماح للسداد خلال 12 شهراً.

الأكثر ملاءة

من جهته، قال الرئيس التنفيذي لشركة السالم العالمية فراس السالم: في حال استمر الحظر الجزئي وإغلاق المحال سيضطر الملاك لبيع محالهم بثمن بخس لشركات أكبر وأكثر ملاءة مالياً، فهي أقدر على أن تستمر في هذه الأوضاع ما لم يتم دعمهم بشكل مباشر، فالمصاريف الجارية عبء كبير على المشاريع والمحال الصغيرة.

وأشار السالم إلى أنه في حال طالت مدة الإغلاق فحتى الشركات الكبيرة ستوقف الصرف غير المبرر وتبدأ بتسريح العمالة غير الأساسية والتنازل عن مواقعها الثانوية المؤجرة وهذا سيؤثر في القطاع العقاري بشكل مباشر وسنرى شواغر بالعقار التجاري والاستثماري نتيجة تراجع النشاط بشكل عام، وإن كان العقار مرهوناً لبنك سيضطر صاحب العقار لتعويض نقص الدخل من مصدر آخر أو عرضه للبيع للمحافظة على رأس المال.

وذكر أن التطورات تأتي بمراحل فلكل مرحلة فترة صمود تعتمد على ثقة وملاءة المستثمر، كما أن الثقة والقناعة بالقرار المتخذ هما الفيصل، فالمستثمر ذو الملاءة المالية القوية قد لا يحبذ الاستمرار في النشاط أو يفضل تسييل العقار، فهنا ندخل في مرحلة التطور السريع نتيجة غياب ثقة المستثمرين وبالتالي لا يوجد مستويات دعم بالسوق، وهنا يأتي دور التدخل الحكومي المالي والتنظيمي ليدعم الاستقرار ومستويات الثقة.

وبين السالم ان شروط تمويل العقار بالكويت تعتبر الأكثر تشدداً في المنطقة، ولهذا التشدد فائدة، فنسب الدين مقابل الأصل تكون أقل وبالتالي نسب المخاطرة على البنوك الممولة أقل من نظيراتها بالمنطقة، ويصبح بشكل عام القطاع العقاري أكثر استقراراً لانخفاض قيمة المديونية والأقساط.

وأضاف: في حال تم إلغاء الحظر وعاد النشاط التجاري وظل هناك بعض القيود مثل منع الطيران التجاري سنرى أثرا جيدا من قرار البنوك الخاص بتأجيل الأقساط بحيث ستتدفق أموال كثيرة على قطاع التجزئة ليعوض ما فاته في الشهر المنصرم نتيجة لزيادة الكثافة السكانية وغياب مصاريف السفر وزيادة أوقات الفراغ

إعادة جدولة

اقترح فراس السالم أن يقوم المستثمر العقاري بإعادة جدولة التزاماته ليستفيد من انخفاض الفائدة ويكون أكثر مرونة في الأيام المقبلة، وأن يحتفظ بسيولة مقابل المديونية كوديعة قصيرة الأجل 3 إلى 6 أشهر تحسباً لتطورات السوق وتساهم هذه الودائع باستقرار أوضاع البنوك كذلك. كنوع من الدعم للقطاع العقاري والبنوك يمكن للجهات الحكومية أن تودع مبالغ لمدة 5 سنوات في البنوك الوطنية لتعطي ثقة أكبر وقدرة تمويلية أعلى لتحفز القطاع المالي والعقاري.

ليس بهذه الدرجة!

يتوقع عماد حيدر أن يتم فسخ عقود وتسويات أو تغيير البعض منها لتتماشى مع الوضع الراهن، ومن الممكن أن تتم جدولة الإيجارات لبعض المتعثرين حسب رغبة الملاك، ورجح أيضاً أن تتم عمليات إخلاء إلا أن هذا الأمر قد يحدث على المدى البعيد.

وقال بخصوص إفلاس ملاك العقارات فلا اعتقد أن الأمر سيصل إلى هذه الدرجة لأن العقار يعد أصلا قوياً ويحتفظ بقيمته والانخفاض بنسبة الدخل لا يعني أبداً الإفلاس، كما أن البنوك بإمكانها إعادة الجدولة للمقترض أو بيع العقار وسداد المديونية.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.