كشف مصدر وزاري أن فكرة الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة مطروحة لدى الحكومة على طاولة النقاش، وهي إحدى الطرق العلاجية المُرّة، على الرغم من أن الحكومة ذاتها مؤمنة بعدم حصافة تلك الفكرة.
أوضح المصدر الوزاري أن المنطق وأبسط الأبجديات الاقتصادية يؤكدان أن الاقتراض من السوق الخارجي ـــــ بواسطة قانون الدين العام في حال إقراره من مجلس الأمة ـــــ أقل كلفة على المال العام، وأفضل خيار للحكومة على اعتبار أن كلفة فائدة الاقتراض تصل الى ما دون %3 حالياً، في حين الاقتراض من صندوق الأجيال القادمة كلفته ستكون أكبر.
وبيّن أن هامش متوسط الربح المتوقع أن يحققه صندوق الأجيال القادمة من سيولته التي يقوم بتدويرها على شكل استثمارات قصيرة الأجل، ستحرمه من تحقيق أرباح، تتراوح ما بين %4 و%6 على المليار الواحد في سنة، لافتاً إلى أن الدولة لديها القدرة على الاقتراض بفائدة منخفضة، وفي الوقت نفسه لديها سيولة في صندوق الأجيال القادمة يتم توظيفها في استثمارات قصيرة الأجل، تُدرّ هامش ربح جيداً مع ثبات أصل المبلغ المستثمر، ومن باب أولى ألا تتخلّى الدولة عن أرباح، من المتوقع أن يحققها صندوق الأجيال في المستقبل القريب؛ إذ إن عائد هذه الاستثمارات يغطّي تكلفة فائدة التمويل الجديد الذي ترغب في استدانته الحكومة، بمعنى أن الفائدة على التمويل الخارجي (الاقتراض) من ناحية حسابية ستكون «صفراً» على الدولة، وزيادة على ذلك من الممكن أن يتحقّق لصندوق الأجيال ربح إضافي، قد يصل إلى %3 من المبلغ المتوقّع سحبه من الصندوق.
«المالية» تتحمّل
وأكد أن السحب من صندوق الأجيال القادمة بحسبة بسيطة يكلف الدولة خسارة من أرباح، متوقع أن يحققها تصل إلى %6 على المليار الواحد كل سنة، وفي ما يخص قانون الدَّين ذاته كتشريع، أكد المصدر الحكومي أن خطأ تقديم هذا القانون في هذه الصورة تتحمّله وزارة المالية، حيث ترك بحالته القديمة، وقدّم لمجلس الأمة بهذا الشكل الذي شوّه صورته أمام النواب والشعب وجعله عرضة للاستخدام السياسي، وكان يجب على وزارة المالية سحبه وتعديله وتبرير الحاجة منه، وتفصيل أوجه صرفه، خصوصاً أنها تأتي لسد عجز الموازنة والصرف على مشاريع رأسمالية أقرتها وزارة المالية في موازنة الدولة الأخيرة، لكي يكون مواكباً للآثار الكارثية التي يعانيها الاقتصاد العالمي والكويتي، على حد سواء.
وأفاد بأن قانون الدين العام في حال إقراره لا يعني التوجّه إلى الاقتراض في اليوم التالي من العمل به، حيث من الممكن استخدامه خلال عام أو أكثر، وربما تتحسّن الأمور وترتفع أسعار النفط، حينها لن تضطر الحكومة الى الاقتراض، لكن إقراره يعتبر سلاحاً لتحصين مالية الدولة وسيولتها وقدرتها على الصرف.
وشدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن جميع دول العالم تبحث عن قنوات تمويلية، وهناك طلبات كبيرة على القروض الدولية، وتأخّر الكويت في مواكبة الأحداث ربما يكون مكلفاً؛ إذ إن رحلة البحث عن مموّل ستكون طويلة ومتعبة، كما طال أمد إقرار القانون.
وفي ما يخص «الكاش» في صندوق الاحتياط العام، أكد المصدر أنه «قليل حاليا»، وليس كما يتم الترويج له، لافتاً إلى أن أصول الصندوق أغلبها مستثمرة في ودائع وسندات، وجزء كبير عبارة أسهم مدرجة في البورصة، وبيعها في هذا التوقيت سيُدمي البورصة ويزيد من هلع المتداولين ويضرهم، على اعتبار أن كمية الأسهم كبيرة وفي مختلف الأسهم القيادية في السوق.
وأكد المصدر أنه في ظل الظروف الحالية، فإن المنطق الاقتصادي يقوم على ان قانون الدين العام يحقّق 5 فوائد، وهي:
1 - عدم اللجوء إلى سحب سيولة صندوق الأجيال القادمة، وتفويت ربح من الممكن أن تحققه سيولته من خلال توظيفها في استثمارات قصيرة الأجل، خصوصاً أن السوق العالمي مليء بالفرص الجيدة، ومن المتوقع أن تظهر بعد هدوء وتيرة انتشار وباء «كورونا» المستجد.
2 - أرباح سيولة صندوق الأجيال القادمة ستغطّي كلفة الفوائد التي سوف تترتب على الاقتراض الحكومي، وفي النهاية كل هذه الأموال هي مال عام.
3 - الدين الخارجي سيكون مراقباً وواجب السداد، ولا تستطيع الجهات الحكومية إهمال تسديده، ليس كرما منها، إنما خوفا على ما ستترتب عليه من مشاكل لسمعة الكويت.
4 - الاقتراض من صندوق الأجيال قد يساعد على عدم إعادة هذه الأموال في المستقبل، بسبب البيروقراطية الحكومية، وضعف الرقابة على الأموال العامة.
5 - إقرار قانون الدين العام هو سلاح لتحصين ميزانية الدولة عن أي تداعيات، ربما ينجر إليها الاقتصاد العالمي في المستقبل القريب.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}