تجاوزت اصابات وباء "كورونا" المستجد (كوفيد -19) في العالم 1.8 مليون شخص، وأكثر من 100 ألف حالة وفاة في 209 دولة حول العالم. وفيما يواصل هذا الوباء انتشاره، وإحداث هزات بالاقتصاد العالمي ما زال الغموض يشوب الوضع وما زالت الضبابية تلف أبعاد الأزمة.
ومن هذا المنطلق، ترحّب مجموعة الأعمال السعودية B20 بالتزام مجموعة العشرين بسرعة العمل من أجل التغلب على هذا التحدي غير المسبوق، بحسب ما تم الإعلان عنه في بيان القمة الاستثنائي لقادة مجموعة العشرين والذي يؤكد على أن الوقت قد حان لمجموعة العشرين للعمل معاً، وتنسيق الجهود في سبيل التعامل مع تدابير التخفيف العاجلة لاحتواء انتشار الوباء وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية.
لقد ألحق وباء "كوفيد – 19" أضراراً بالغةً بالاقتصاد العالمي بإخلال التوازن بين العرض والطلب، والذي نجم عنه صدمة مباشرة في تدفقات السيولة بالنسبة للشركات. ويؤدي ذلك بدوره إلى إضعاف جودة وملاءة أصول مؤسسات الإقراض في الوقت الذي يتم تشديد التشريعات أكثر مما كانت عليه الحال في الأزمة المالية العالمية في عام 2008. كما كشفت الأزمة الحالية هشاشة سلاسل الإمداد التجارية على مستوى العالم في ما يتعلق بنقل البضائع والخدمات الأساسية.
وعليه، تبدو الحاجة ملحة لإتخاذ إجراء عالمي للتخفيف والحدّ من تداعيات الأزمة. ويتعين أن يشمل ذلك إجراءات سياسية قصيرة المدى تدعم النظام دون تحوّل الأزمة من صحية إلى اقتصادية ومالية، مما يساعد على تجنب التأثير السلبي الأكبر على الاقتصاد العالمي والمجتمع. كذلك يجب عدم إغفال مرحلة إحياء ما بعد الأزمة والتخفيف من المخاطر المحتملة والعواقب غير المقصودة الناشئة عن تدابير الاحتواء والتخفيف.
وفي هذا السياق، ترى مجموعة الأعمال السعودية B20 أهمية تطبيق عددٍ من التوصيات العملية من قبل وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ووزراء التجارة والاستثمار المقرر اجتماعهم في 15 أبريل الجاري للالتزام بها وإدراجها في خطة عملهم.
وفي هذا الصدد، تدعو مجموعة الأعمال السعودية مجموعة العشرين للالتزام بالإجراءات قصيرة إلى طويلة الأمد التالية على الصعيدين والمالي والتجاري:
1. دعم استجابة منسقة بين دول العالم. لا يعرف فيروس "كوفيد - 19" حدوداً، لا من حيث العدوى ولا الأثر الاقتصادي. يأتي ذلك في الوقت الذي تبادر الحكومات بتطبيق تدابير نقدية ومالية خاصة بها لتخفيف آثار هذا الوباء على اقتصاداتها.
في ظل نظام عالمي متشابك ومتصل بشكل وثيق من النواحي المالية والتجارية والاستثمارية والتكنولوجية والحوكمة، يتعين أن يتم احتواء الأزمة وفق تدابير منسّقة بين دول العالم.
فالاستجابة لهذه الأزمة تتطلب اتخاذ تدابير مالية ونقدية وتجارية ووقائية بشكل منسّق، وفي إطار من التعاون بين القائمين على إرساء المعايير العالمية، مثل مجلس الاستقرار المالي، ولجنة بازل للإشراف المصرفي، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، والرابطة الدولية لمشرفي التأمين، والمؤسسات متعددة الأطراف بما في ذلك منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والأمم المتحدة.
يتعين على صندوق النقد الدولي تتبع وإجراء تحليل تشخيصي لتأثيرات التدابير الوطنية، لتمكين الحكومات من اتخاذ قرارات سياسية مستنيرة.
يتعين التنسيق أيضا من أجل تقديم الدعم لاقتصادات العالم الأكثر ضعفاً.
2. الاستمرار في مراقبة جهود الدعم المنسق عالمياً للدول التي تعاني ضغوطاً في ميزان المدفوعات لديها. لقد أدى تفشي "كوفيد -19" وما نجم عنه من تعطل حركة التجارة إلى تضخم مشكلة ميزان المدفوعات لدى عددٍ من الدول. ويتطلب الأمر لمعالجة هذه المشكلة تنسيقاً بين المؤسسات الدولية المعنية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وعددٍ من المؤسسات الإقليمية متعددة الأطراف.
3. نظراً لأهمية الدولار الأمريكي في تمويل تدفقات التجارة العالمية ونقص السيولة بهذه العملة، فإن إنشاء خطوط لمقايضة الدولار الأمريكي من قبل البنك الفدرالي الأمريكي مع 14 دولة قد قطع شوطاً كبيراً نحو توفير السيولة بالدولار الأمريكي. وفي ظل طبيعة الأزمة الحالية والتي تتمثل في كونها نظامية وعالمية، فقد تكون هناك حاجة إلى تنسيق الجهود من قبل البنوك المركزية في العديد من الأسواق الناشئة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمعالجة مسألة السيولة بالدولار الأمريكي.
4. الاستمرار في دعم مؤسسات الإقراض. ينبغي لهذا الدعم أن يحمي الخدمات – في كل من جانبي العرض والطلب – مع التركيز بشكل خاص على المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والمواطنين الأكثر عرضة للتأثر سلباً بالأزمة.
حماية المعروض. يمكن اتخاذ الإجراءات التالية لحماية الخدمات المعروضة:
زيادة السيولة في السوق لدعم استمرارية الأعمال من خلال التحفيز المالي. وينبغي توجيه هذه الجهود إلى القطاعات الأكثر تعثراً والشركات الأكثر عرضة للتأثر سلباً بالأزمة وذلك بهدف ضمان بقاء الأنشطة الأساسية والتأكد من أنها لا تزال تعمل.
وضع آليات مؤقتة متاحة لتعزيز المرونة بهدف تشجيع التدابير الخاصة بالتقلبات المعاكسة للدورات الاقتصادية. يقلل ذلك من تأثير الصدمة الاقتصادية، ويمنع إغلاق الشركات، ويعزز ثقة العملاء، ويتيح لمؤسسات الإقراض استخدام رؤوس الأموال الاحتياطية التي وضعتها إصلاحات ما بعد عام 2008.
ويشمل ذلك:
- الاستفادة من احتياطات رأس المال لتعزيز ملاءة السوق ودعم الشركات المتعثرة بهدف تقليل فرص التخلف عن السداد.
- زيادة قدرات الإقراض المصرفي عن طريق تقليل احتياطات رأس المال الواقي من التقلبات المعاكسة للدورات الاقتصادية.
- تعزيز السيولة المصرفية من خلال السماح للبنوك بالعمل بمستويات أقل من معدل تغطية السيولة.
- تأجيل تطبيق الإصلاحات الغير مشروطة بوقت واختبارات الضغوط لمساعدة مؤسسات الإقراض على الاستجابة لاحتياجات السوق بدون التعرض لمخاطر العقوبات.
- إدارة القروض المتعثرة والأحكام المتعلقة بالميزانيات العمومية للبنوك من خلال تسريع تطوير الممارسات بشأن التدابير اللازمة لتحفيز الإقراض البنكي حتى يتمكنوا من الالتزام بالمتطلبات التنظيمية وبروتوكولات إدارة المخاطر مع تعزيز آليات التمويل الخارجية. على سبيل المثال، شراء القروض المتعثرة من البنوك عن طريق وسائل الاستثمار المدعومة من قبل الحكومة (بأسعار مناسبة)، وهو ما سيساعدهم أاعلى تحرير رأس المال ودعم الميزانية العمومية لزيادة التمويل الخارجي.
- تخفيف تطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية رقم 9 في حساب الخسائر الائتمانية المتوقعة وتصنيف المقترضين إلى المرحلة 2 إذا تأثرت الأعمال بوباء كوفيد-19، وذلك من خلال تحديد معايير واضحة وعادلة لتصنيف المقترضين استناداً إلى مدى تأثر أعمالهم بوباء كوفيد-19.
- توفير آلية ضمان حكومية للمبادرات المهمة والاعتراف بهذه التمويلات ضمن الأطر الاحترازية والمحاسبية، وذلك لاستخدامها من خلال النظام المصرفي، وهو ما يسمح للبنوك بتوزيع التمويلات من خلال قنوات معتمدة في الوقت المناسب وبطريقة سلسة، مع وجوب أخذ مخططات الضمان الجديدة والجزئية بعين الاعتبار.
- إعادة المعايرة الموجهة لمعدل الرافعة المالية بهدف تمكين البنوك من الحفاظ على تدفقات الائتمان. ينبغي أن تستبعد عملية إعادة المعايرة حيازة الديون السيادية وودائع البنوك المركزية من حساب النسبة.
- الحفاظ على مستويات الطلب. يمكن اتخاذ العديد من التدابير للحفاظ على مستويات الطلب خلال هذه الفترة الاستثنائية.
تحويل القيمة إلى الأسر والشركات الأكثر عرضة للأزمة من خلال:
- دعم التمويل عبر الحزم الخاصة بالمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، مثل تخفيض أو تأجيل دفع الضرائب.
- تقديم الدعم المالي للشركات، وخاصة المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والقطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة: على سبيل المثال المطاعم والسفر والسياحة لمساعدتها على التعافي بسرعة بعد الأزمة.
- الحفاظ على الدخل المتاح وتخفيف نفقات الأسرة للمواطنين المتأثرين من خلال حزم حماية العمالة والإعانات مثل تخفيض التكلفة الثابتة للمرافق وتوزيع القسائم غير النقدية والسلع الأساسية.
حماية الوظائف من خلال:
- تليين قوانين سوق العمل عن طريق دعم الأجور أو التدريب أو الإجازات أو الإجازات الطبية أو رعاية الأطفال مؤقتاً، أو دعم التوظيف المؤقت للعمالة عن بُعد، أو الحد من متطلبات الترخيص خاصة للعمال الأساسيين حيث تتعرض الصحة والسلامة للخطر.
- إعادة توزيع الوظائف من خلال زيادة برامج العمل المتوافقة أو توفير بدلات لبرامج تدريب الموظفين أو التسهيل المؤقت لانتقال الموظفين بين صاحب العمل، أو زيادة المهارات بسرعة، والترخيص وتوظيف العمالة في القطاعات الأساسية (مثل الرعاية الصحية والنقل البري ) والثانوية (مثل رعاية الأطفال) لسد الثغرات.
- دعم الشركات المعرضة بشدة للتجارة العالمية والطلب المحلي ولديها قوى عاملة كبيرة وهياكل رأسمالية مثقلة بالديون. يمكن أن يساعد نقل القيمة من خلال مجموعة من القنوات مثل السلطات الضريبية والمرافق وسجلات الشركة، هذه المؤسسات على الصمود.
- الحفاظ على التمويل العام للمشاريع قيد التنفيذ ومشاريع القطاعات الحيوية مثل البنية التحتية، لتجنب الأثر السلبي في المستقبل.
5. توفير بيئة مالية وتنظيمية ملائمة لضمان انتعاش الشركات والاقتصاد العالمي بمجرد زوال الوباء. يشمل الأمر تقديم حوافز للشركات ورواد الأعمال الذين يطورون حلولاً مبتكرة لأنظمة الرعاية الصحية المستدامة والمرنة وسلاسل التوريد القطاعية.
6. دعم القنوات المرنة لتنفيذ أعمال الإغاثة وتمويل برنامج الاستجابة لكوفيد-19. توزيع الأموال عملية حساسة فيما يتعلق بالوقت، وإطلاق منتجات جديدة يستغرق وقتاً غير متوفر في الأزمة الحالية. لذلك من الضروري أن تسمح الهيئات التنظيمية بالتغيرات في المنتجات المالية المعروضة وتتيح للبنوك استخدام الأنظمة الحالية لتسريع عملية توفير الأموال الجديدة.
7. منع الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية لإتاحة الاستجابة الفعالة للأزمات على المدى القصير وتعزيز المرونة على المدى المتوسط. في هذا الإطار، يجب اتخاذ الإجراءات التالية:
- الامتناع عن اتخاذ أي تدابير وقائية (بما في ذلك التعريفات والقيود المفروضة على التصدير) ضد قواعد منظمة التجارة العالمية التي تتداخل مع التجارة العالمية للسلع والخدمات وخاصة المنتجات والإمدادات الطبية ومنتجات الرعاية الصحية الأساسية، والإمدادات الثانوية المهمة بما في ذلك الأطعمة الطازجة وقطع الغيار النووية ومنتجات وخدمات تنقية المياه.
- إزالة التعريفات الجمركية على لوازم الحماية المستخدمة في مكافحة كوفيد-19 والتي تبلغ حالياً 11.5% بحسب منظمة التجارة العالمية.
- ضمان توفر الغذاء للفئات الضعيفة من المجتمع التي لا تستطيع الحصول على الغذاء أو تحمّل كلفته بسبب عمليات الإغلاق التي تمنعهم من نيل الأجر اليومي اللازم للقيام بذلك.
- ضمان فتح وتشغيل البنية التحتية بما في ذلك الموانئ والطرق والسكك الحديدية ومطارات شحن البضائع، وهو أمر بالغ الأهمية لنقل البضائع عبر المناطق والمناطق المغلقة، وضمان قدرة المشغلين وموظفيهم على القيام بعملهم بسرعة وأمان.
- التعجيل بالإفراج عن البضائع وتخليصها في الجمارك لتجنب تباطؤ سلاسل الإمداد، والعمل على توفير معلومات محدثة عن التدابير المعمول بها لضمان المعالجة الجمركية الآمنة والسريعة.
- تقديم الدعم للبلدان قليلة الموارد وقدرات التخطيط للطوارئ لتسهيل إدارة الأزمة بشكل أفضل وتجنب إغلاق نقاط لا داعي لها على طول سلاسل الإمداد العالمية.
- ضمان قدرة المزارعين في جميع أنحاء العالم على بيع و / أو تصدير محاصيلهم القادمة بدون عائق لتجنب المزيد من الخسائر المالية والحد من هدر الغذاء العالمي.
- التعاون لصياغة استراتيجيات اقتصادية حول أفضل الطرق لإنتاج السلع والخدمات المهمة وتوزيعها (مثل لوزام الحماية وأجهزة التنفّس واللقاحات). يجب أن تتناول هذه الخطط أيضاً كيفية تزويد الأسواق الأقل نمواً بالسلع والإمدادات الحيوية.
- إطلاق حوار بعد الأزمة حول كيفية تعزيز صمود سلاسل الإمداد العالمية لتصبح أكثر مرونة في وجه الأوبئة المستقبلية. ويجب أن يركز هذا التقييم أيضاً على تدابير الدعم والتمكين لقطاع الخدمات اللوجستية.
8. إتاحة استمرار التجارة العالمية خلال الأزمة من خلال التمويل التجاري والاستثمارات اللازمة.
- تقليل المعالجة الرأسمالية لمخاطر إقراض المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بحيث تتراوح وزن المخاطر بين 75 و 85 بالمائة بما يتماشى مع اللوائح المقترحة في بازل 3، سيضمن ذلك توفر التمويل التجاري للمؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من أجل دعم الإنتاج المستمر في القطاعات الحيوية والحفاظ على تدفق الائتمان.
- ضمان استمرارية اتفاقيات خطوط ائتمان التصدير الحالية وتوفير ضمانات متزايدة تدعمها وكالة ائتمانات التصدير للمصدرين والشركات وتغطي المخاطر التجارية قصيرة الأجل في حال تراجع المستوردون والشراة عن شروط التجارة.
- السماح بالاستثمارات التجارية المؤقتة بضمانات أقل أو بدونها للشركات التي تقدم منتجات ضرورية (المستلزمات الطبية والمواد الغذائية). ويشمل الأمر تليين قواعد التمويل التجاري الحالية لتسهيل المساهمة في سلسلة التوريد العالمية.
نحث مجموعة العشرين على وضع خطة عمل لمعالجة الأزمة الاقتصادية تأخذ في نظر الإعتبار الآثار غير المقصودة وندعو إلى تشكيل مجموعة عمل رفيعة المستوى تشمل منظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي تسعى إلى تحديد التدابير وتبادل أفضل الممارسات لنظام رعاية صحية أقوى ونظام تجاري مهيأ للتصدي للأوبئة المستقبلية في عالم شديد الترابط. ويجب أن يشمل ذلك تبادل البيانات وتحليلها والاستجابة السريعة وخطط الاستمرارية ومحاكاة الأزمات والإغاثة الدولية الطارئة وتحليل ما بعد الكوارث. كذلك، لا بدّ من اعتبار وباء كوفيد-19 فرصة لتوحيد القوى واعتماد الابتكار والاستعداد لمستقبل أكثر صحة وازدهاراً ومرونة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}