أكد الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط في حوار خاص لجريدة (عُمان) أن الإجراءات التي اتخذتها دول الخليج إلى الآن تسير في مجملها في الاتجاه الصحيح من حيث سرعة الاستجابة وتكامل إجراءاتها وتوفير الإمكانات اللازمة مع الدور القيادي الملحوظ.
وأشار إلى أن المنظمة أوفدت فريقًا من الخبراء لعدد من دول الخليج للتشاور حول أوضاع (كوفيد-19) وأوجه الاستجابة التي تطبقها تلك البلدان، وقد شاركت في بعض هذه الزيارات والتقيت بمعالي وزراء الصحة حينها.
وقد أشاد الخبراء بمستوى الاستعداد والاستجابة وكذا بتوافر القدرات سواء المخبرية أو العلاجية وأيضا قدرة فرق التقصي الوبائي على تطبيق توصيات منظمة الصحة العالمية، ولا يزال التواصل مستمرا بين وزارة الصحة والمنظمة لتقديم الدعم التقني عند الحاجة.
وأوضح المنظري أننا شاهدنا هناك جدية في تطبيق إجراءات فعالة لاحتواء الفيروس ووقف سلاسل انتقاله وتطبيق الإجراءات المتعلقة بالبحث النشط عن حالات الإصابة في المجتمع، ومع ذلك فنحن نحث على اكتشاف الحالات مبكرًا بما يجعل وقف الانتقال أمرًا ممكنا قبل استفحال الوضع، ولا بد من التوسع في الفحوص المختبرية لتحديد المصابين وتحديد المخالطين لهم وعزلهم ومعالجتهم معالجة داعمة.
وفي إطار الاستعداد، فلا بد من توقع كافة السيناريوهات والاستعداد لأسوأ سيناريو، ويعني ذلك التوسع في إعداد مراكز للعزل مهيأة لاستيعاب أعداد أكبر من المصابين ومجهزة جيدًا وتطبق فيها تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها.
وعن خطورة الفيروس قال: نحن بصدد فيروس واحد جديد لم تعرفه البشرية من قبل هو فيروس كورونا المسبب لمرض (كوفيد-19) وهذا الفيروس ينتشر في شتى بقاع العالم الآن، ما يختلف هو درجة وخامة المرض وشدة الأعراض التي يسببها. وتشير البينات المتوفرة إلى الآن وفي حدود ما قمنا به من دراسات وبحوث أن درجة وخامة المرض إما خفيفة ومصحوبة بأعراض بسيطة -ونحمد الله أن هذه هي النسبة الغالبة من الحالات وتصل إلى 80% منها- أو حالات وخيمة وحالات حرجة مصحوبة بأعراض شديدة وهذه تمثل نسبة 20% من حالات الإصابة.
ولا يرتبط ذلك التوزيع بإقليم دون الآخر بمعنى أننا نرى الدرجات المختلفة من وخامة المرض في كافة المناطق والبلدان، فهي ترتبط بالفئات المصابة وليس بالموقع الجغرافي.
ويعني ذلك أن فئات المسنين والمرضى بأمراض مزمنة أو كامنة ومن يعانون من نقص المناعة هم الأكثر عرضة للإصابة بدرجة حرجة من (كوفيد-19) كما تكثر بينهم حالات الوفاة أكثر من غيرهم من صغار السن والأطفال.
وحول سؤالنا عن المدة الزمنية لانتهاء هذه الأزمة حسب ما تراه منظمة الصحة، أجاب قائلا: من السابق لأوانه تحديد الفترة الزمنية التي يستغرقها انتهاء جائحة فيروس كورونا، فما زالت معدلات الانتشار تتسارع ولا يزال المنحنى الوبائي لعدد الحالات يتصاعد ولم يصل بعد للنقطة الأعلى في المنحنى أي نقطة الذروة التي يبدأ بعدها المنحنى في الهبوط إيذانا ببدء مرحلة الانحسار.
ونعتقد أن الأعداد الحالية أقل كثيرًا من الواقع نظرًا لصعوبة ترصد جميع الحالات، كما أننا نشهد ظهور بؤر مركزية جديدة في مناطق مختلفة واتساع النطاق الجغرافي للجائحة فضلًا عن ظهور أنماط انتشار مجتمعي ومحلي مما يجعل مسألة الانحسار أكثر صعوبة.
وأضاف المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية: كما نعلم فإن معارفنا بهذا الفيروس تتشكل وتتكون بينما نخوض حربنا لاحتوائه والحد من انتشاره ونحن نستكمل تلك المعارف بالرجوع إلى خبراتنا مع الفيروسات الشبيهة والأمراض المماثلة وبينما تفيد هذه التجارب والخبرات السابقة أن جسم المصاب يكوّن مناعة ضد الفيروس الذي أصيب به وأن درجة المناعة تختلف حسب خصائص الفيروس والتاريخ المرضي للمصاب، فإن ما رأيناه من انتكاس عدد من الحالات التي تعافت من مرض (كوفيد-19) يجعلنا نواصل البحث والدراسة والتقصي حول هذه النقطة، مع ملاحظة أهمية التمييز بين عودة المرض لشخص تعافى تمامًا من المرض وبين انتكاسة مصاب بعد فترة تحسن قصيرة.
وعن التغيرات التي سيتأقلم عليها المجتمع العربي، قال: الوقت لم يحن بعد للحديث عن العودة للحياة الطبيعية ورفع القيود المفروضة وإجراءات التباعد البدني والحظر الجزئي أو الكلي للتنقل، فما زلنا في خضم الاستجابة للجائحة ولم تظهر دلائل تشير إلى انحسارها، ولذلك نبّهت المنظمة إلى ضرورة التأني قبل رفع القيود ولا بد من التخفيف التدريجي لها مع الاستمرار في كافة إجراءات الاستجابة وتدابير الوقاية، ونصيحتنا لكل المجتمعات في الإقليم وخارجه هي المثابرة على جهود الاستجابة للجائحة دون كلل أو ملل، والتحلي بروح الالتزام والتضامن والانضباط في التقيد بالإجراءات التي تفرضها الحكومات والسلطات المحلية، فكل هذه الإجراءات مهما بلغت شدتها تهدف لحماية أفراد المجتمع والحد لأدنى درجة ممكنة من أضرار الجائحة، نعلم أن لهذه الإجراءات تبعاتها الاقتصادية والاجتماعية بل وربما النفسية ولكنها لازمة وضرورية، وكلما التزمنا بها بجدية وشمولية أتت بنتائج إيجابية وفعالة.
وحتى بعد انقضاء الجائحة أرجو أن تظل معنا العادات والممارسات الصحية التي اكتسبناها وأهمها الحرص على غسل الأيدي واتباع آداب السعال والعطس وتغطية الأنف والفم وتجنب المخالطة غير الضرورية للمرضى والحرص على تعزيز الصحة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}