في عالم الشركات المليء بالمؤسسين والمديرين الصارمين في قراراتهم والجدل مع المساهمين، يسطع نجم "سامسونج" كواحدة من أكثر الشركات التي يحيط بها الغموض حول العالم.
وتأسست "سامسونج" عام 1938 كمتجر للخضراوات والأسماك، وتوسعت إلى أن أصبحت تكتلاً صناعياً يشكل خامس أكبر مصدر للصادرات الكورية الجنوبية، لكن درة تاجها هي "سامسونج إليكترونيكس" التي باتت في غضون أربع سنوات واحدة من أكبر شركات شاشات التلفاز والرقائق الإلكترونية والجوال من حيث المبيعات عالمياً.
وتتجاوز القيمة السوقية لـ"سامسونج" 270 مليار دولار، ويعمل لديها أكثر من 310 آلاف موظف في 74 دولة حول العالم.
ريادة لا تخلو من العيوب
- تحدثت العديد من الكتب والمؤلفات عن قصة نجاح "سامسونج" ونموها المتصاعد كواحدة من أهم نماذج ريادة الأعمال عالمياً متسائلين: كيف لشركة تعاني الكثير من الأخطاء والعيوب والعثرات أن تحقق هذا النجاح المدوي؟
- يقبع رئيس مجلس إدارة "سامسونج" "لي كون هي" - 78 عاماً - في أحد المستشفيات ولا يسمع عنه أحد منذ عام 2014 سوى الدائرة المقربة من عائلته، بينما يواجه ابنه ووريثه الوحيد "لي جاي يونج" - 50 عاماً -المحاكمة بتهم تتعلق بالفساد.
- وسع "جاي يونج" من نفوذه إلى حد كبير في "سامسونج" رغم امتلاكه حصة صغيرة من الأسهم في الشركة وتخليه عن مقعده بمجلس الإدارة قبل مثوله للمحاكمة.
- من غير الواضح بعد مَن سيخلف "جاي يونج" في قيادة "سامسونج" لو ثبتت الاتهامات ضده وأدين بالفعل أو تم الزج به في غياهب السجون.
- مع ذلك، فإن المراقبين للمشهد في "سامسونج" يرون أن الشركة ستواصل نجاحاتها ونموها العالمي؛ بسبب أسلوبها في القيادة الذي يشبه بشكل كبير الأسلوب العسكري (الصارم وغير المتسامح مع الأخطاء).
- بدا ذلك جلياً في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي عندما تحولت "سامسونج" من صناعة الأسمدة الكيماوية وأجهزة "الترانزستور" إلى صناعة أشباه الموصلات، وفرضت الإدارة وقتها على مهندسي تطوير وصناعة الرقائق العمل في ذروة الشتاء على مدار الليل في دوام وصل إلى 16 ساعة في اليوم.
- بمرور الوقت، توسع الكيان التكنولوجي حتى صارت "سامسونج إليكترونيكس" نجم كوريا الجنوبية في التوظيف وصناعة التكنولوجيا.
النجاح في التنوع
- من أغرب الأمور المحيطة بـ"سامسونج" نجاحها المدوي على الرغم من الرياح العاصفة التي تموج بها من وقت لآخر، ففي السنوات الأولى من تحولها لصناعة أشباه الموصلات، ناطحت الشركة الكورية الجنوبية منافساتها اليابانيين.
- عام 2011، بعد عامين فقط من طرح أولى جوالاتها التي حملت اسم العلامة التجارية "جالاكسي"، نافست "سامسونج" جوالات "آبل" "آيفون" و"سوني" في المبيعات، كما طورت من أدائها في صناعات تقنية مثل الرقائق الإلكترونية والشاشات الذكية.
- اتجهت "سامسونج" نحو التنويع في صناعاتها التكنولوجية من أجل مواكبة التطور وتحقيق التوازن مع أي ضعف محتمل في مبيعات الجوال والأجهزة الأخرى على غرار ما حدث في الربع السنوي الأول من العام الجاري في ظل أزمة "كورونا".
- تلقت أعمال "سامسونج" دعمًا من استخدام الخودام السحابية كما ذكرت الشركة أواخر أبريل، مشيرة إلى أن جائحة "كورونا" هذا العام جعلتها تتجه نحو المزيد من التنويع في مصادر الإيرادات.
- من ضمن ملامح هذا التنوع انخراط "سامسونج" في صناعة التكنولوجيا الحيوية واللقاحات والعقاقير الطبية.
- رغم العواصف والأمواج وقتامة المشهد العالمي، إلا أن "سامسونج" تواصل نجاحاتها، ويرجع ذلك بحسب خبراء إلى حس القيادة وأسلوب الإدارة الذي جعل من أسرة "لي كون هي" بمثابة رئيس جمهورية "سامسونج" وليست مجرد قيادة تنفيذية عادية.
المزيد من التحديات
- أكدت "سامسونج" على توقعاتها بتراجع أرباح وإيرادات الربع السنوي الثاني من عام 2020 في ظل تراجع المبيعات من الجوال والرقائق الإلكترونية بالتزامن مع مواجهة العديد من التحديات في الفترة القادمة.
- تواجه الشركة احتمالية تعطل صناعة الرقائق الإلكترونية لديها بسبب القيود التجارية المتبادلة بين كوريا الجنوبية واليابان.
- ترى "سامسونج" ضعفًا وانخفاضًا في أسعار الرقائق الإلكترونية لكن مع وجود تعاف محدود في الطلب نتيجة أزمة "كورونا"، وشددت على وجود عدم يقين تجاه الاقتصاد العالمي بوجه عام.
- فرضت اليابان مؤخرًا قيودًا على صادراتها من مواد صناعية معينة لكوريا الجنوبية والتي تحتاجها الأخيرة في صناعة شاشات العرض وأشباه الموصلات، فضلاً عن استعداد الشركة لإطلاق منتجات جديدة في الربع الثالث مثل الجوال القابل للطي.
- تنوي "سامسونج" التوسع في صناعات مثل الأجهزة القابلة للارتداء كالساعات الذكية والمزيد من التطوير في التكنولوجيا المتاحة لديها مثل نظام التشغيل "أندرويد" الذي تطوره "جوجل" بدلاً من تطوير نظامها التشغيلي الخاص.
- من أبرز التحديات أمام "سامسونج" أيضاً الصين التي تنمو بقوة وبوتيرة متسارعة في السوق العالمي للتكنولوجيا بفضل "هواوي" و"شاومي" وغيرهما، وهو ما اضطر الشركة الكورية الجنوبية لوقف إنتاجها من الجوال في الصين عام 2019 بعد تضاؤل حصتها السوقية إلى أقل من 1%.
المصادر: إيكونوميست، بي بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}