كانت "ووهان" بؤرة انتشار فيروس "كورونا" في الصين ثم انتقال المرض إلى دول العالم، فقد ذاقت المدينة الصينية مرارة الجائحة التي تفشّت بين جنباتها وأصابت الآلاف وأزهقت أرواح آخرين.
ونجحت الحكومة الصينية في السيطرة على "كورونا" في "ووهان" بعد إغلاق مشدد وعزل عن العالمين الداخلي والخارجي، وعقب هذا النجاح، آن الأوان لإعادة الحياة إلى طبيعتها ولو بشكل جزئي وإنهاء الإغلاق مع انحسار الإصابات والوفيات، ولكن بالطبع تغيرت الأمور من حال إلى حال.
هكذا تبدو "ووهان" بعد انتهاء الإغلاق
على مدار أكثر من شهرين، عاش شعب "ووهان" في إغلاق تام وقبع المواطنون في منازلهم خشية الإصابات والوفيات التي كانت تحيط بهم من كل مكان إلى أن انحسرت الإصابات تدريجياً حتى تم رفع الإغلاق في الثامن من أبريل.
الآن، من المفترض عودة الحياة إلى طبيعتها، لكن هذه العودة يفسدها الحذر؛ فالمواطنون خائفون على مستقبلهم وشكل حياتهم بعد ما واجهوه وعانوه من ألم وحزن وفقدان لأقرباء أو أصدقاء.
يمتزج الشعور لدى مواطني "ووهان" الآن ما بين الخوف والقلق وعدم اليقين والغضب والأمل في نفس الوقت نحو مستقبل في عالم جديد.
إنهم يخرجون شيئاً فشيئاً يستشعرون الأماكن في المدينة كما لو كانوا يرونها لأول مرة، يعيدون اكتشاف حياتهم ومنازلهم وحتى انفسهم ويبحثون عن طريقة للتعويض عما فقدوه.
أعيد افتتاح العديد من المتاجر والمطاعم في "ووهان" التي تعود تدريجياً، وربما لا يكون للحياة مذاق بعد فقدان البعض أفراداً من أسرهم أو أصدقائهم، وهذا ما وصفه أحدهم الذي جلس في مقهى يطلب أول مشروب قهوة له منذ أكثر من شهرين، فبدا الأمر مختلفاً، وبدت التجربة غير مبهرة.
بالطبع، أفضل من لا شيء، فقبل أسابيع قليلة، لم يكن بمقدور أي مواطن الجلوس في متنزه أو مقهى أو مطعم، أما الآن، ورغم التحذيرات بضرورة التواجد في المنازل قدر الإمكان، لم يعد في وسع أحد تحمل الجلوس في المنزل مع إتاحة الخروج.
أصبح مجرد رؤية السيارات والزحام - الذي طالما كان أزمة للكثيرين في المدينة - أمراً مبهجاً، فالحياة تدب في "ووهان" من جديد، لكن تظل التحذيرات وبعض القيود قائمة حيث لا يمكن السماح بزيارات الأصدقاء أو التنزه معهم كما في السابق.
وصف مواطنون في "ووهان" الشعور بالتحدث مع صديق وجهاً لوجه بعد كل هذه الفترة من الإغلاق بـ"الغريب".
عودة صعبة وغير مرغوبة
ليس الأمر هيناً بعد التعرض لجائحة "كورونا" وتفشي الفيروس في المدينة بحيث لا صوت يعلو فوق صوت المرض والألم والحزن، ومن ثم فإن العودة وإعادة المتاجر والمقاهي والمطاعم والمتنزهات وبعض مظاهر الحياة العامة للعمل لن تكون عادية.
لنتخيل أن الأمر انتهى وتمت السيطرة على "كورونا" في مجتمع ما وقيل لهم اخرجوا، يمكنكم العيش والخروج بسلام وأمان، هل سيتحول شعور الخوف والعزلة إلى شعور آخر بالسعادة والانطلاق واستعادة الحياة السابقة؟ بالتأكيد لا.. لن يكون الأمر بهذه السهولة.
يشعر الكثيرون بعدم الأمان في "ووهان"، وربما ذلك ما فسر السفر والخروج بكثافة من جانب المواطنين عندما تم تخفيف القيود، والبعض منهم لن يعود إلى المدينة إلا بعد انتهاء الأزمة تماماً.
أثناء العزل والبقاء في المنازل، تعلم مواطنو "ووهان" وغيرهم في دول العالم مهارات جديدة كالطهي، وأخذ آخرون على عاتقهم اكتساب المواهب والهوايات كالقراءة، كما استكشف البعض الآخر طرقاً مختلفة للتواصل مع غيرهم.
مع موسم الربيع، هناك بعض التقاليد والطقوس الشعبية في الصين كتناول أطعمة معينة أو حضور مهرجانات، لكن فكرة تجنب الخطورة والحذر والخوف هي السائدة على المجتمع في "ووهان" وغيرها من المدن.
لا تزال هناك مخاوف من مواجهة موجة ثانية أكثر شراسة لفيروس "كورونا" في الصين، واكتشف في الأسبوع الماضي بالفعل حالات إصابة جديدة بالفيروس بعد عدم تسجيل أي حالة إصابة منذ أكثر من شهر.
يرى مسؤولون أن "ووهان" ضحت وعانت كثيراً من أزمة "كورونا"، وهو ما يلقي على الجميع مسؤولية الحفاظ على سلامتهم وسلامة غيرهم واتباع الإرشادات الحكومية والصحية.
المصدر: نيويورك تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}