نبض أرقام
22:21
توقيت مكة المكرمة

2024/07/11

واير كارد .. ما الذي تعرفه عن الأزمة وكيف تتعلم الدرس؟

2020/06/24 أرقام - خاص

"مصدر فخر لألمانيا وواحدة من شركات التكنولوجيا المالية الأقدم في العالم"، كانت هذه العبارة تسبق غالباً الحديث عن شركة "واير كارد" حتى بداية عام 2019 حينما انقلب كل شيء رأساً على عقب.

 

وفي غضون أشهر قليلة، تحول الحديث عن شركة التكنولوجيا المالية من الفخر والإعجاب إلى الاتهامات والحنق، ليقترن اسمها في عناوين الصحف بكلمات مثل الفضيحة والكارثة والاحتيال.

 

 

حقائق وأرقام

 

- تأسست شركة "واير كارد" العاملة في قطاع التكنولوجيا المالية في مقاطعة بافاريا الألمانية عام 1999.


- تقدم الشركة خدمات الدفع الرقمي للعملاء والشركات ومن ضمن عملائها أسماء شهيرة مثل نادي بايرن ميونخ وشركتي أورانج وإيكيا وغيرها.


- تمكنت من إزاحة "كوميرز بنك" والدخول ضمن مؤشر "داكس" الألماني عام 2018، كما تجاوزت قيمتها السوقية في نفس العام "دويتشه بنك" لتصبح أكبر شركة مالية عامة في البلاد.


- يبلغ عدد العاملين بها أكثر من 5800 موظف وتوجد في 26 دولة حول العالم.


- ارتفعت إيراداتها المعلنة من 49 مليون يورو في عام 2005 إلى 134 مليونا بعد عامين ثم 601 مليون في 2014 وأخيراً بنحو ملياري يورو في آخر تقرير مالي لعام 2018.


- زاد سعر السهم في الفترة بين 2013 وحتى 2017 بنحو 8 أمثال ليصل لقمة بلغت 196 يورو في بداية العام الماضي.

 

خط زمني للأزمة

 

يقولون: معظم النار من مستصغر الشرر، والبداية كانت من تحقيق صحفي نشرته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في نهاية يناير/كانون الثاني 2019 حول اتهامات بالتلاعب المالي في وحدة الشركة في سنغافورة، قبل أن تبدأ جهات التحقيق في تقصي الأمر.

 

بالطبع تهاوى سعر السهم بنسبة 30% في أقل من أسبوعين بعد تحقيقات المخالفات المحاسبية في وحدة سنغافورة، والتي ذكرت الصحيفة أنها استهدفت تضخيما مفتعلا للإيرادات المالية.

 

 

مع استمرار الصحيفة في نشر تحقيقات عن المخالفات المالية لـ"واير كارد" أصدرت الشركة بياناً في الثامن من فبراير/شباط تتوعد فيه "فاينانشيال تايمز" بإجراءات قانونية واصفة هذه التحقيقات بالادعاءات الكاذبة ليتنفس السهم الصعداء مع تفاؤل المستثمرين بالرد القوي لمجلس الإدارة، لكن إعلان جهات التحقيق في سنغافورة مداهمة مكاتب الشركة عاد بالسهم لدوامة الخسائر.

 

تدخلت هيئة التنظيم المالي في ألمانيا في نفس الشهر لوقف نزيف السهم وقررت فرض حظر مؤقت على عمليات البيع على المكشوف أو "الشورت سيلينج" بدعوى دعم "الثقة في السوق وأهمية الشركة للاقتصاد بأكمله" مع تحول السهم لمطمع واضح للمستثمرين المراهنين على مزيد من الهبوط.

 

هدأت الأزمة – أو هكذا تمنت الشركة – وعاد السهم للصعود بقوة قبل أن تعود الصحيفة البريطانية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتضيف صعوبات جديدة لـ"واير كارد" بعد أن ذكرت أن موظفين في الفريق المالي للشركة قاموا بزيادة مفتعلة لإيرادات وأرباح شركات تابعة وخداع المدقق المالي "إرنست آند يونج".

 

ولكن كالعادة رفضت "واير كارد" هذه الاتهامات بل وتقدمت بدعوى قضائية ضد الصحيفة باتهامات تتضمن التواطؤ مع مستثمري البيع على المكشوف.

 

وجاءت الضربة القاضية للشركة التي تصف نفسها عبر موقعها الإلكتروني بـ"واحدة من أسرع المنصات الرقمية للتعاملات المالية نمواً في العالم" مع إعلانها رفض المدقق المالي تمرير القوائم المالية لعام 2019 بسبب اختفاء 1.9 مليار يورو من الحسابات وهو ما يعادل 25% من الميزانية العمومية.

 

وبعد إعلان النبأ تهاوى سعر السهم في نفس اليوم بنحو 62% لتصل القيمة السوقية للشركة دون 5 مليارات يورو لتبتعد كثيراً عن القمة المسجلة في العام الماضي أعلى 24 مليار يورو.

 

وفي اليوم التالي مباشرة أعلنت الشركة استقالة "ماركوس براون" الرئيس التنفيذي وصاحب الفضل الأكبر في الطفرة القوية لـ"واير كارد" والذي تولى المسؤولية في عام 2002.

 

لكن الأوقات العصيبة لم تتوقف عند هذا الحد بالنسبة لـ"براون"، حيث تعرض للاحتجاز من قبل جهات التحقيق الألمانية في إطار رصد الممارسات المحاسبية للشركة.

 

 

إذن يبقى السؤال: أين ذهبت الـ2.1 مليار دولار المختفية؟ في البداية كان الاعتقاد بأن هذه الأموال موجودة في بنكين داخل الفلبين، لكن البنك المركزي في الدولة الآسيوية نفى دخول هذه الأموال للبلاد.

 

وأخيراً، اعترفت "واير كارد" أن هذه الأموال المختفية ربما لم تكن موجودة من الأساس، لتقوم بسحب القوائم المالية لعامي 2019 والربع الأول من العام الحالي مع عدم استبعاد تأثر ميزانيات الأعوام السابقة أيضاً.

 

والآن تدرس الشركة عدة خيارات تتضمن التفاوض مع الدائنين لتأجيل الاستحقاقات المفترضة نهاية هذا الشهر، بالإضافة إلى تدابير إضافية تشمل خفض التكاليف وإعادة الهيكلة والتخلص من وحدات وفئات للأعمال.

 

دروس الماضي تتكرر

 

ربما تبدو هذه الفضيحة المحاسبية مألوفة للبعض وخاصة هؤلاء الذين عاصروا أو حتى قرأوا عن شركة "إنرون" وطريقتها في التلاعب المحاسبي وإخفاء الخسائر عن المستثمرين بحيل رقمية.

 

 

وتحولت شركة الطاقة الأمريكية من واحدة من أكبر الشركات المقيدة في الولايات المتحدة إلى فضيحة تبرز دائماً في الصفحات الأولى لقصص الاحتيال المحاسبي.

 

وتتكرر قصص الاحتيال المحاسبي لأن الكثيرين يتجاهلون دروس الماضي وخاصة مع تنوع الحيل المحاسبية وطمع المستثمرين في تحقيق مزيد من المكاسب بصرف النظر عن حقيقتها ومدى استدامتها.

 

ويكمن الدرس الأول من أزمة "واير كارد" في ضرورة معرفة ما تشتريه، فالمستثمر الراغب في الحفاظ على أمواله يجب عليه فهم تفاصيل الشركة التي يستثمر بها وكيفية عمل نموذج أعمالها ومصدر أموالها وكيف تحققه.

 

كما يجب على المستثمر الوثوق في الحكمة القائلة: "لا دخان بلا نار"، فمع تزايد نشاط "البيع على المكشوف" على سهم الشركة لفترة طويلة وانتشار التقارير الصحفية التي تشكك في القوائم المالية والممارسات المحاسبية كان لا بد للمستثمر أن يطرح تساؤلات بشأن مدى مصداقية الشركة وأعمالها بدلاً من تجاهل هذه المخاوف والاستمرار في استثماره.

 

ولا ينبغي أن ننسى أن مقولة: "الكاش هو الملك" تعتبر الحل الأمثل لكشف أي خداع محاسبي، فادعاء تحقيق أرباح أمر سهل محاسبياً بعدة طرق مثل تسجيل الإيرادات في مرحلة مبكرة جداً من عملية البيع، لكن النقد الداخل للشركة يظل القول الفصل في كشف مدى صحة ذلك من عدمه.

 

ربما تبدو الشركة المتهم الأول والأخير في هذه الفضيحة المالية، لكن الواقع يظهر أن هناك جناة آخرين بدءًا من البنوك التي قدمت تسهيلات مالية للشركة بضمان الأسهم مثل "دويتشه بنك" وحتى مراكز الأبحاث التي لم تكتشف أي أمور مثيرة للريبة في التقارير المالية للشركة، ومروراً بالجهات الرقابية التي لم تفتح تحقيقات في الاتهامات الصحفية ضد "واير كارد" سوى فيما يتعلق بارتفاع سعر السهم، وأخيراً بالمستثمرين الذين فضلوا تجاهل كل الشكوك طوال عام ونصف  العام.

 

المصادر: أرقام – الموقع الرسمي لشركة واير كارد – بورصة فرانكفورت - فاينانشيال تايمز – موني ويك - بلومبرج

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة