نبض أرقام
05:06 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

لماذا يراهن الجميع على هبوط الدولار الأمريكي؟

2020/07/05 أرقام - خاص

أثبت الدولار الأمريكي قبل بضعة أشهر أنه لا يزال الحصان الرابح في أسواق الصرف العالمية مع بداية انتشار وباء كورونا وتدافع الجميع لحيازته طلباً للأمان والحماية من التقلبات وعدم اليقين.
 

لكن الورقة الخضراء تعرّضت مؤخراً لهبوط ملحوظ دفع العديد من بنوك الاستثمار لتوقع مزيداً من المعاناة لعملة الاحتياط الأولى في العالم بل والحديث عن نهاية عهد "الامتياز الباهظ".

 

   

مشاهد الصعود والهبوط
 

الدولار مثل أي عملة يتم قياس أدائه نسبة إلى عملة أخرى أو مجموعة من العملات، أي يقال الدولار يرتفع مقابل اليورو أو ينخفض أمام الين، وبالتالي لا وجود لارتفاع مطلق أو هبوط في العموم.
 

وعندما نتحدث عن الدولار مقابل العملات الرئيسية فنحن نعني مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل 6 عملات وهي اليورو والإسترليني والين والفرنك والدولار الكندي والكرونة السويدية، مع حقيقة أن وزن العملة الأوروبية الموحدة يمثل أكثر من 57% من إجمالي المؤشر.
 

والمؤشر الذي تم استحداثه في عام 1973 عند مستوى 100 نقطة سجل في العشرين من مارس 102.9 لكنه فقد 5% من قيمته منذ ذلك الوقت.
 

  

وكان أحد أبرز أسباب صعود الدولار مع بداية ظهور وحشية وباء "كوفيد-19" في مارس يتمثل في ارتفاع الطلب العالمي الطارئ على العملة الخضراء، وهو ما استدعى عقد بنك الاحتياطي الفيدرالي اتفاقات مبادلة للعملة مع عدة بنوك مركزية حول العالم لإمدادها بالورقة الخضراء.
 

ومن المنطقي أن يرتفع الدولار مع زيادة الطلب العالمي عليه، لكن في المقابل ماذا تتوقع عندما يهدأ هذا النهم؟

يقول "سمير جول" كبير محللي الاقتصاد الآسيوي في بنك "دويتشه بنك" إن الدولار قد يتعرض للهبوط أمام نظرائه من عملات الدول المتقدمة مع تراجع الطلب الطارئ على العملة.
 

وبالفعل أصدر بنك إنجلترا بياناً يعلن فيه اتفاقه مع ثلاثة بنوك مركزية أخرى وهي المركزي الأوروبي وبنك اليابان والمركزي السويسري من أجل تقليص عمليات مبادلة العملة مع الاحتياطي الفيدرالي إلى ثلاث مرات أسبوعياً بدلاً من العمليات اليومية المنفذة سابقاً بسبب هدوء الطلب وتحسن ظروف التمويل الدولاري.
 

بينما يرى جولمان ساكس أن الدولار مرشح لهبوط أكبر في الفترة المقبلة ربما يصل إلى 20% من قيمته المسجلة في مارس/أذار، على خلفية التعافي الاقتصادي العالمي.
 

وساهم اليورو الذي يمتلك وزناً نسبياً ملحوظاً في هبوط مؤشر الدولار مؤخراً، بعد بيانات اقتصادية أظهرت تعافياً يتجاوز التوقعات للنشاط الصناعي والخدمي في منطقة العملة الموحدة خلال يونيو.
 

كما أن الحزمة التحفيزية لإدارة الرئيس دونالد ترامب والتي قاربت 3 تريليونات دولار والعجز الحاد المتوقع في الموازنة الفيدرالية وتسهيلات الإقراض التي قدمها بنك الاحتياطي الفيدرالي تضع ضغوطاً هبوطية على الدولار.

 

  

وحتى على الجانب الصحي، تشهد الولايات المتحدة تسارعاً في حالات الإصابة بالفيروس وتتصدر بلا منازع قائمة الدول الأكثر تضرراً من الوباء ما يهدد بوقف أو إبطاء العودة التدريجية لعمل الاقتصاد، بينما على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي تبدو الأمور في القارة العجوز في تحسن نسبي.
 

وبالتالي يبدو أن الولايات المتحدة التي دخلت أزمة الوباء بعد نظرائها في أوروبا وآسيا ستكون بحاجة لمزيد من الوقت للتعافي صحياً واقتصادياً.
 

كما أوصى "جي بي مورجان تشيس" المستثمرين ببيع الدولار الأمريكي لصالح عملات مجموعة العشرة التي تتمتع بفائض قوي للحساب الجاري مثل الكرونة السويدية أو الين الياباني.
 

إذاً يبدو الإجماع واضحاً على أن الدولار من المرجح أن يشهد أداءً أكثر سوءاً على المدى القريب، لكن البعض يذهب بعيداً للحديث عن نهاية عصر "الامتياز الباهظ" للدولار وبداية نظام عالمي جديد.

 

نهاية الامتياز الباهظ؟
 

يثير الدولار حنق الكثيرين منذ سنوات بعيدة، ويأتي على رأس أشهر الناقمين وزير المالية الفرنسي في ستينيات القرن الماضي "فاليري جيسكار" الذي أطلق جملة "الامتياز الباهظ للدولار" لوصف استغلال الولايات المتحدة نظراً لامتلاكها عملة الاحتياط الأولى في العالم لزيادة رفاهية شعبها على حساب الدول الأخرى.
 

وأشار "فاليري" في وصفه الشهير إلى أن الولايات المتحدة تقوم بطباعة الدولار وشراء كل ما تحتاجه من سلع وخدمات من باقي الدول بتكلفة تكاد لا تذكر، مع حقيقة حاجة العالم للورقة الخضراء في كل معاملاته.
 

لكن البعض ذهب في رؤيته مؤخراً إلى أن الولايات المتحدة قريبة من فقدان هذه الميزة بسبب تطورات اقتصادية وسياسية بعد تفشي الوباء.
 

"عصر الامتياز الباهظ للدولار كعملة احتياط عالمية يقترب من النهاية"، هكذا وصف "ستيفن روش" عضو جامعة يل الأمريكية والرئيس السابق لوحدة آسيا في بنك مورجان ستانلي رؤيته لمستقبل الدولار وسبب تقديراته حول هبوط 35% لعملة الاحتياط الأولى عالمياً.
 

ويلخص "روش" رؤيته في أن أي عملة تتوازن بين عاملين: الأساسيات الاقتصادية محلياً والتصور الأجنبي لقوة أو ضعف هذه الدولة، ولكن مع توقعات مكتب الموازنة في الكونجرس لارتفاع عجز الموازنة الأمريكية إلى 17.9% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وتقديرات تراجع معدل الإدخار المحلي واتساع عجز الحساب الجاري فإن الدولار قد يتعرض لضغوط هبوطية شديدة.

  

تكهنات قديمة – جديدة
 

لا يمكن اعتبار التكهنات الخاصة بهبوط الدولار أو فقدانه مكانته العالمية أمراً جديداً، حيث تزايد وتيرة هذا الحديث طوال السنوات الماضية.
 

وبعد استحداث اليورو كعملة موحدة لعدد من الدول الأوروبية ظهرت تكهنات مستمرة حول منافستها أو حتى تجاوز الدولار في سباق العملات الأكثر استخداماً عالمياً في غضون عقد واحد.
 

وبعد الأزمة المالية العالمية ثم أزمة الديون السيادية في أوروبا، تحول الحديث بعيداً عن اليورو إلى اليوان الصيني بدعوى الحجم الكبير للدولة والنمو الاقتصادي المثير للإعجاب الذي سجلته على مدار عقدين متتاليين ثم أخيراً جهود عولمة الرينمبي ونشر استخدامه على الصعيد الدولي.
 

لكن الواقع لا يزال يشير إلى أن الدولار هو عملة الاحتياط الأولى في العالم، ورغم تراجع حصته في الاحتياطات الدولية للبنوك المركزية إلى 60.8% بنهاية الربع الأخير من العام الماضي مقابل 61.5% قبل ثلاثة أشهر، فإنه يظل بعيداً عن اليورو الذي يمثل 20.5% واليوان الصيني الذي يقف عند 1.9% من إجمالي الاحتياطات الدولية.

  

المصادر: أرقام – دولار إنديكس – بنك إنجلترا – بيانات صندوق النقد الدولي - فوربس – بلومبرج – سي إن بي سي
 

دراسة: The international role of the dollar: Does it matter if this changes؟

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.