نبض أرقام
10:22
توقيت مكة المكرمة

2024/07/24

«البنك الدولي»: تركيبة ميزانية الكويت «مقلقة».. أكثر من تحديات السيولة الحالية

2020/07/26 الأنباء الكويتية

قال الممثل المقيم لمكتب البنك الدولي في الكويت غسان الخوجة إن الاقتصاد الكويتي صغير وتعرض لضربة قوية جدا بسبب جائحة كورونا أدت إلى انخفاض أداء معظم الأنشطة الاقتصادية والذي لم تعرفه البلاد منذ الغزو العراقي في 1990.

وأضاف الخوجة خلال لقاء افتراضي عبر «webex» مع «الأنباء»، أن هناك اختلالات هيكلية في الاقتصاد الكويتي متمثلة في تركيبة الموازنة العامة للدولة التي نراها مقلقة بشكل أكبر من تحدي السيولة، مشيرا إلى أن الرواتب والدعوم المقدمة للمواطنين تلتهم أكثر من 70% من الميزانية، ولا توجد حتى اللحظة خطة لترشيد الإنفاق أو خطة واضحة لتنويع مصادر الدخل، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يتطلب خارطة طريق لإصلاح اقتصادي واضحة المعالم والتنفيذ والمسؤوليات لتحقيق رؤية 2035.

ولفت الخوجة إلى أن سوق العمل في الكويت مازال يعاني من اختلالات كبيرة تتمثل بتركز أعداد كبيرة من القوى العاملة الوطنية في القطاع العام المتخم أساسا بالعمالة الزائدة على حاجته.

ورأى أن سياسات التقشف الحكومية ستؤثر على أعمال الشركات في القطاع الخاص، الذي يعتمد بشكل كبير على المناقصات التي تتعلق ببعض المشاريع الحكومية.

وكشف الخوجة عن أن «البنك الدولي» يعمل حاليا مع الحكومة لمعالجة اختلال سوق العمل ومعالجة اختلال التركيبة السكانية، كما ان هناك خطة عمل مع بلدية الكويت لتطوير استراتيجية إدارة النفايات الصلبة.

وتمنى الخوجة خلال اللقاء أن يمن الله عز وجل على صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بموفور الصحة والعافية.. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

* بداية، كيف تقيم الوضع الاقتصادي الحالي للكويت بعد جائحة «كورونا»؟

- نحن نعلم أن الوضع الاقتصادي العالمي بشكل عام يمر بمرحلة صعبة، حيث إنه في آخر تقرير صدر عن البنك الدولي رأى فيه أن الاقتصادات المختلفة حول العالم تعاني من ركود حاد، كما أن تنبؤاتنا تشير إلى أن الانكماش في السنة المقبلة قد تصل نسبته إلى 5.2% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وهو يعتبر أكبر ركود اقتصادي شهده العالم منذ الحرب العالمية الثانية، وهذا سيؤدي إلى تراجع متوسط نصيب الفرد من الدخل في معظم اقتصادات الدول من الأسواق الصاعدة والبلدان النامية وغيرها.

أما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فقد تنبأ البنك الدولي بانكماش قد يصل إلى 4.2% نتيجة الجائحة ومستجدات سوق النفط العالمي، كما أن الكويت ليست بمعزل عن التأثيرات السلبية التي تواجه الاقتصاد العالمي فاقتصاد الكويت صغير ومنفتح على العالم وقد تعرض لضربة قوية جدا بسبب «كورونا» أدت إلى انخفاض أداء معظم الأنشطة الاقتصادية والذي لم تعرفه الكويت منذ الغزو العراقي الغاشم في 1990.

كما أننا ذكرنا في مارس الماضي أن هناك صدمتين أتتا على الكويت وهي أزمة جائحة كورونا بكل تبعاتها، إضافة إلى الانخفاض الحاد الذي طرأ على أسعار النفط وما تبعه من خفض لإنتاج حصة النفط الكويتي الذي هبط من 2.8 مليون برميل إلى مليوني برميل يوميا فقط وذلك بسبب اتفاق «أوپيك+».

وبناء على تلك العوامل، توقع البنك الدولي انكماش الاقتصاد الكويتي العام الحالي بنحو 5.4% من إجمالي الناتج المحلي، كما توقع بعد هذا الانكماش انتعاشا بنسبة 1% خلال العام المقبل، ولكن ذلك يعتمد على مدى طول مدة أزمة جائحة كورونا (كوفيد-19)، بالاضافة الى مستويات أسعار النفط والوضع الاقتصادي العام.


فالتوقعات منذ بداية الأزمة تتغير بشكل سريع بسبب عدم اليقين بما سيحدث مستقبلا لتأثيرات الجائحة على دول العالم.

كيف ترى تأثير «كوفيد-19»على القطاع الخاص في الكويت؟

- الكويت كانت من أوائل الدول التي قامت بإغلاق الأنشطة الاقتصادية والمطارات والموانئ والمنافذ وغيرها لاحتواء تفشي الجائحة، وكان لذلك تأثير كبير على القطاعين العام والخاص وسوق العمل عموما والذي تسبب في عزل مئات الآلاف في منازلهم لعدة أشهر.

وجراء ذلك الإغلاق انكمش القطاع الخاص تحت وطأة هذه الأزمة بشكل كبير بسبب توقف العمل في مختلف المجالات والقطاعات، مما نتج عن ذلك صدمة من ناحية العرض والطلب، أدى إلى توقف كامل للاقتصاد.

وكان احد التحديات التي واجهت القطاع الخاص هو التقشف الحكومي، كون القطاع يعتمد بشكل كبير على المناقصات والمشاريع المطروحة من قبل الدولة.

أما التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع الخاص فهو كيفية المحافظة على موظفيه عند مستويات ما قبل الأزمة، فجميع الشركات تجد صعوبة في ذلك والتي قد تؤثر على سلاسة الإمدادات والسيولة المالية بشكل مباشر.

* ما رأيك بتقرير «ستاندرد آند بورز» الأخير حول الاقتصاد الكويتي؟
- ضمن قراءتنا في أكتوبر الماضي، اعتمدنا على بيانات وزارة المالية الصادرة في ديسمبر 2019 والخاصة بموازنة الدولة للسنة المالية 2020/2021، حيث توقعت بوجود عجز يقدر بنحو 9.2 مليارات دينار أي ما يقارب الـ 22% من الناتج المحلي الإجمالي، على أساس متوسط سعر 55 دولارا لبرميل النفط الكويتي.

بعد ذلك شهدنا انخفاض أسعار النفط إلى ما دون العشرين دولارا للبرميل، أي انخفضت لأكثر من النصف لما كان متوقعا في الميزانية.

ومنذ أيام قليلة ماضية توقعت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني السيادي للكويت اتساع عجز الموازنة العامة إلى نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي في 20/2021. وهذا يعتبر الأعلى في العالم ومشكلة كبيرة جدا.

* ما توقعاتكم لحجم العجز بالميزانية في ظل هبوط أسعار النفط وجائحة كورونا
؟
- اعتقد أن هناك اختلالات هيكلية في الاقتصاد الكويتي، وعندما نتحدث عن ذلك لا أقصد فقد نقص السيولة على المدى القصير، فتلك المشكلة يمكن معالجتها، ولكن التحديات الهيكلية التي نراها مقلقة بشكل أكبر من تحدي السيولة هي تركيبة الموازنة العامة للدولة، خصوصا أن الرواتب والدعوم المقدمة للمواطنين وما شابه تلتهم أكثر من 70% من ميزانية الكويت - وهي أمور لا يمكن المساس بها.

أضف إلى ذلك ارتفاع مستويات الإنفاق خلال السنوات الماضية، حيث تمت زيادة هذا البند في الموازنة بشكل كبير في مقابل انخفاض البنود التي تخص الاستثمار.

كما أنه لا توجد خطة حتى الآن لترشيد الإنفاق ولا خطة واضحة لتنويع مصادر الدخل، حيث إن 90% من إيرادات الموازنة من النفط.

وبناء على تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في مارس الماضي، توقع ان تكون احتياجات الكويت لسد عجز الموازنة في الخمس سنوات المقبلة هي 180 مليار دولار، فمن أين ستأتي تلك الأموال لسد العجز بالتزامن مع التحديات الهيكلية التي ذكرناها؟.. أنا أرى بحلول السنوات القادمة ستتفاقم تلك الأمور.

* برأيك، كيف يمكن الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الكويت؟
- هناك خطة رائعة وضعها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وهي رؤية 2035 لجعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا، وهذه الرؤية تضع النقاط على الحروف وتجعل الكويت في مصاف الدول المتقدمة.

* ما الحل من تغطية العجز في السيولة.. وهل ترى أن الاقتراض من صندوق الأجيال هو الحل؟
- هذا موضوع مهم جدا، ولكن يجب ألا نختزل المشكلة على أنها تحدي سيولة فقط، بل يجب معالجة التحديات الهيكلية لسد الثغرات المالية في الاقتصاد.

وعلى سبيل المثال هناك أخبار متداولة أن السيولة في صندوق الاحتياطي العام نفذت باستثناء بعض الأصول، كما ان إصدار قانون الدين العام يسمح للكويت باقتراض ما يقارب الـ 20 مليار دينار وهذا يعتبر بحجم العجز الحالي تقريبا.


والسؤال هنا: اذا استطاعت الكويت سد العجز في السنة المالية الحالية، فماذا ستفعل مستقبلا؟ لذلك نرى العديد ممن يتكلمون بقرارات أحادية حول قانون الدين العام، واسترداد أرباح الشركات والعديد من الأمور، ولكن اعتقد أن ما يتطلبه الأمر هو خارطة طريق لإصلاح اقتصادي واضح المعالم والتنفيذ والمسؤوليات لتحقيق رؤية 2035.

كيف ترى الدعوات المنادية للاقتراض من صندوق الأجيال لصالح الاحتياطي العام؟

- ذكرنا مرارا أن الحل الآن يجب أن يكون جامعا لأنه تحد للكويت وليس لفرد أو جهة، لذلك يجب وضع خارطة طريق تحدد المسؤوليات لمعالجة التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد، فالحل ليس بالاقتراض أو بإصدار قانون للدين العام فإذا تم حل المشكلة اليوم، فذلك قد يخلق مشاكل أكبر في المستقبل في حال لم تعالج المشاكل الهيكلية.

* ما المشاريع التي تقومون بها حاليا في الكويت بالتعاون مع الحكومة؟
- تربطنا علاقات تاريخية مع الكويت منذ عام 1961 وتربطنا علاقات ذات عمق استراتيجي مع الكويت وتم افتتاح مكتبنا في البلاد عام 2009، وقمنا بجهود حثيثة بالتعاون مع السلطات المختصة لتحسين ترتيب الكويت في مؤشر بيئة الأعمال، حيث رأينا أن الكويت جاءت واحدة من ضمن أفضل 10 دول في تحسين مؤشر ممارسة الأعمال.

كما أنه منذ بداية العمل مع الكويت تحسن ترتيبها العالمي من المركز 106 إلى 83.

وأيضا عملنا بشكل كبير لدعم التمكين الاقتصادي للمرأة الكويتية ودعم الإصلاحات والقوانين لانضمامها إلى سوق العمل وخاصة في القطاع الخاص، إضافة إلى برنامجنا دعم المنافسة في القطاع الخاص من خلال دعم هيئة حماية المنافسة، وكذلك لدينا برنامج مع ديوان المحاسبة لتحسين جودة التدقيق وبناء قدرات الموظفين، كما نعمل حاليا مع الحكومة بشأن استراتيجية وطنية لمعالجة اختلال سوق العمل ومعالجة قضية التركيبة السكانية في، ولدينا خطة عمل مع بلدية الكويت لتطوير استراتيجية إدارة النفايات الصلبة.

* ما تقييمكم للقطاع المصرفي في الكويت؟
- نحن لا نعمل مع القطاع المصرفي مباشرة أو مع بنك الكويت المركزي، ولكن في ضوء قراءتنا لتقارير صندوق النقد الدولي فالبنوك الكويتية تتمتع بملاءة مالية قوية ومتانة اقتصادية.

* كيف ترى مستقبل الاقتصاد الكويتي عموما؟
- يجب أن ننظر إلى النتائج التي تطمح الكويت إلى رؤيتها، وفق ما دعا إليه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد في جعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا عام 2035، وتحويل الاقتصاد الكويتي إلى اقتصاد معرفي عن طريق موارد بشرية تستطيع تنفيذ ذلك، وأرى أن المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية يعمل جاهدا على تطوير سوق العمل، ليتواءم مع خطط التنمية الوطنية.

الكويت لم تستثمر في التعليم الإلكتروني

ذكر غسان الخوجة أن هناك تحديات ومعوقات كبيرة واجهة بعض دول العالم فيما يخص التعليم بسبب الإغلاق وتوقف المدارس والجامعات في ظل الجائحة الحالية، لكنها انتقلت بشكل سريع من التعليم الصفي إلى «التعليم عن بُعد» مثل السعودية والإمارات والأردن.

أما الكويت، فرأى الخوجة أنها لم تكن مستعدة بالشكل الكامل للتعليم عن بعد ولم تستثمر بشكل كبير بالمنصات الالكترونية، حيث بقيت معتمدة بالغالب على التعليم الصفي، كما أنها لم تبادر بتدريب وتهيئة كوادر كافية من المعلمين والمعلمات للقيام بتلك المهمة.

سوق العمل الكويتي يعاني اختلالات عديدة

أشار الخوجة إلى أن سوق العمل في الكويت يعاني من اختلالات كبيرة وهي تتمثل في أن معظم قوة العمل الكويتية تتجه للقطاع الحكومي، أما القطاع الخاص فيعمل به ما يقارب 3% فقط ولا يتجاوز عددهم 70 ألف عامل وهذا يعد الاختلال الأول.


أما الاختلال الثاني فيتمثل في نوعية الأعمال في القطاع الخاص، حيث إن 65% من العاملين في القطاع لديهم تحصيل علمي ابتدائية أو ما دون، لذلك ما نراه في هذا القطاع لا يخدم الاقتصاد المعرفي.

في المقابل نرى أعدادا كبيرة من الخريجين الكويتيين يرغبون في العمل في القطاع الحكومي الذي يعد أصلا قطاعا متخما بالعمالة الزائدة عن حاجته، ومن هنا يجب تغيير تركيبة سوق العمل لتخدم الاقتصاد المعرفي في الكويت.

بيئة الأعمال الكويتية تحسنت.. ولكن ما زال أمامها الكثير!

قال الخوجة إن الكويت قامت بوضع برنامج طموح لتطوير بيئة الأعمال عن طريق هيئة تشجيع الاستثمار المباشر، وهو عمل يقدر لها، لما قاموا به من جهود حثيثة لتحسين بيئة ومكانة الكويت، حيث جعلها في مصاف أفضل 10 دول قامت بإصلاحات على مستوى العالم خلال العام الماضي، وهذا العمل جاء نتيجة توصيات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، ونتوقع أن تشهد تحسن إضافي في المستقبل القريب.

وفي ذات الوقت، هناك دول تتقدم بشكل أسرع من الكويت حيث ان الكويت تأتي في المرتبة السادسة مقارنة بدول مجلس التعاون الخليجي فهناك 11 مؤشرا لتحسين بيئة الأعمال تقدمت الكويت في بعضها.

ولكن يجب على الحكومة أن تتقدم في مؤشر أساسي يخص التعثر، ونحن نحثها على ذلك بعد أن رأينا الحاجة الملحة لقانون التعثر في ظل الجائحة الحالية.

ومن هنا يجب أن تعمل الحكومة بالتعاون مع مجلس الأمة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني على تحسين مؤشرات بيئة الأعمال.

ونحن الآن نعمل مع الهيئة العامة لتشجيع الاستثمار المباشر وفق برنامج محدد وندعمهم تقنيا وفنيا.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة