أوضح البرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات) أن مجال إدارة مرافق الجهات العامة والذي يشمل أعمال التشغيل والصيانة وما تتطلبه من كوادر بشرية تتمتع بخبرات فنيّة متخصصة؛ يُعد اليوم من أكثر القطاعات المهنية الواعدة لما يتصف به من استقرار وقلة التأثر بالظروف المتغيرة، نظراً إلى استدامة الطلب على عقود التشغيل والصيانة وحاجة المرافق بأنواعها إلى فنيين خبراء يساهمون في الحفاظ على الأصول والممتلكات، وهو ما ينعكس إيجابياً على استقرار الوظائف في هذا القطاع وطول عمر عقود التوظيف فيه. وانطلاقاً من هذه الرؤية فقد اتجهت حكومة المملكة العربية السعودية نحو رفع كفاءة إدارة مرافق الجهات العامة، وتوطين وظائف التشغيل والصيانة.
يأتي هذا التوجه عملاً بالخطة الحكومية التي يتواصل تنفيذها منذ صدور قرار مجلس الوزراء رقم 337 وتاريخ 25/6/1439ه وذلك بهدف رفع نسبة توطين وظائف التشغيل والصيانة في المرافق العامة، وذلك بصورة تدريجية، والتنسيق بين الجهات الحكومية المعنيّة بهذا القطاع لتلبية جميع مُتطلبات الخطة التي وُضعت استجابة لـمُستهدفات رؤية المملكة 2030 من توطين للوظائف وخفض البطالة وفتح المزيد من الفرص الوظيفية الجديدة أمام المواطنين.
ويتميز قطاع التشغيل والصيانة في الجهات العامة بوفرة الفرص الوظيفية الملائمة للتوطين على عدة مستويات، مع إمكانية شغلها بالمواطنين المؤهلين بحسب طبيعة واحتياج المرفق الحكومي، بالإضافة إلى ما تم رصده بعد دراسة القطاع من انخفاض نسبة التوطين فيه والتي لم تكن تتجاوز 17% من الوظائف. لذلك جاء قرار وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مطلع العام الحالي في تاريخ 21/2/1441ه ليُقرّ المستويات والمجالات المستهدفة ونِسب التوطين المعتمدة في جميع عقود التشغيل والصيانة في الأجهزة الحكومية وكذلك في الشركات التي تشارك الحكومة في رؤوس أموالها بنسبة 51% فأكثر.
ومنذ اتخاذ قرار رفع نسبة التوطين؛ تتكاتف لتحقيقه مجموعة من الجهات العامة في اللجنة التوجيهية لتوطين عقود التشغيل والصيانة، وتضم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة المالية، والبرنامج الوطني لدعم إدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات)، وصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومركز تحقيق كفاءة الإنفاق، والجهات الحكومية. وتتواصل اجتماعات هذه اللجنة منذ منتصف عام 1440ه، وقد انطلقت بوضع برنامج عملٍ بدأ بالإعداد والتخطيط، ثم اتجهت إلى تجهيز المتطلبات والتعليمات، والاجتماع مع عدد من مسؤولي الجهات، تمهيداً لتطبيق القرار على الجهات الحكومية، ومتابعة التطبيق والرقابة لضمان استمرار عملية التوطين في القطاع.
بدأ تجهيز المتطلبات والتعليمات بإعداد "دليل التوطين" الذي تولى البرنامج الوطني لإدارة المشروعات والتشغيل والصيانة في الجهات العامة (مشروعات) العمل عليه، والذي يهدف إلى توفير مرجع شامل للجهات لتحقيق التوطين المطلوب، وكذلك تمكين شركات التشغيل والصيانة من الاطلاع على متطلبات التوطين وتحقيقها في عروضهم المقدمة إلى الجهات العامة، وقد اعتمد معالي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية دليل التوطين بتاريخ 27/4/1441ه و وتم تعميمه على الجهات الحكومية وإلزامها بتطبيقه عند إعداد الشروط والمواصفات وتوصيف الوظائف ومتطلبات شغلها في عقود التشغيل والصيانة.
وانطلاقاً من هذه الرؤية الموحدة؛ بدأ كافة الأعضاء في اللجنة التوجيهية تنفيذ برنامج العمل، فتم بالفعل إدراج متطلبات التوطين في نماذج العقود الموحدة للمشتريات الحكومية الذي تمّ اعتماده من قبل وزارة المالية خلال مايو الماضي. كما توسعت الشراكة ضمن الجهات العامة لتحقيق التوطين عبر توقيع 17 مذكرة تفاهم مع 9 جهات كبرى و8 أمانات للمناطق. وفيما يتعلق بطرح الوظائف، فقد تم تجهيز مسار خاص للإعلان عن وظائف التشغيل والصيانة في البوابة الوطنية للعمل "طاقات" التابعة لصندوق الموارد البشرية (هدف)، بينما يتم العمل على إعداد 3 حقائب تدريبية بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لبناء قدرات المواطنين في مجالات إدارة المرافق والخدمات العامة، بالإضافة إلى تنفيذ ورش عمل واجتماعات لمنسوبي وقيادات الجهات الحكومية لشرح متطلبات التوطين وآلياته وخطته.
ولا يقتصر التعاون لصالح توطين الوظائف في هذا القطاع الواعد على الجهات الحكومية فقط، لأن القطاع الخاص ممثلاً بشركات التشغيل والصيانة يُعدّ شريكاً أساسياً في تحقيق أهداف التوطين، وقد شارك القطاع الخاص بكثافة في الملتقى الذي نظمه (برنامج مشروعات) في مارس الماضي، وركز على إشراك القطاع الخاص في تنفيذ خطة رفع نسب التوطين من خلال التزام شركات التشغيل والصيانة بتوجيه نسبة من الوظائف المطروحة في عقود التشغيل والصيانة للسعوديين. وقد حضر الملتقى الذي استهدف توعية الشركات بأهمية دورها، و إطلاعها على خطط التوطين والدعم الحكومي المقدم للشركات، أكثر من 190 شركة عاملة في تشغيل وصيانة مرافق الجهات العامة.
وكانت ثمرة هذا العمل الجاد والدؤوب هي النتائج الملموسة في مجال التوطين، فقد أعلن بالفعل عن أكثر من 4200 وظيفة مطروحة للسعوديين في الفترة من شهر صفر وحتى شوال 1441ه من خلال مسار توطين عقود التشغيل والصيانة عبر البوابة الوطنية للعمل "طاقات"، مع استهداف جميع عقود الخدمات المستمرة في الجهات الحكومية بالتوطين. ولا شك أن القطاع وخطة توطين وظائف التشغيل والصيانة تواجه تحدياتٍ متنوعة؛ إلا أن هذه النتائج الواعدة تُبشر بفاعلية النهج الـمُتّبع للتوطين والذي تُنفذه اللجنة التوجيهية بالتعاون مع الشركاء من الجهات العامة والقطاع الخاص. ويمنح هذا النمو المتدرج في عملية التوطين فرصة كافية لجميع الأطراف للاستعداد بالإمكانات المادية والبشرية، وتهيئة قطاع التشغيل والصيانة في الجهات العامة الثري بالفرص الوظيفية ليتحول إلى أحد أهم وجهات العمل القادرة على استيعاب قدرات السعوديين والسعوديات واستثمارها في قيادة القطاع نحو تحولٍ شامل من ناحية الفاعلية والكفاءة، ومفهوم وتطبيقاتٍ جديدة في إدارة المرافق.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}