من بين جملة التداعيات والأضرار التي سببها فيروس "كورونا" تعطيل الإنتاج الزراعي وسلاسل الإمداد حول العالم خاصة أن المزارعين عانوا في الأساس من صعوبة إرسال محاصيلهم للأسواق البعيدة فضلا عن تضرر الطلب.
لكن من بين أفضل المزايا التي توفرها المزارع العمودية تجنب المشكلات اللوجستية التي ظهرت بوضوح في ظل أزمة "كورونا"، فضلا عن أنها تمثل حلاً واقعياً في توفير الغذاء قرب الكثافات السكانية وتأمين الطعام مستقبلاً.
ثورة المزارع العمودية و"كورونا"
- على مدار العشر سنوات الماضية، ظهرت عدة مزارع عمودية يجري تجهيزها داخل مستودعات أو مراكز ومختبرات خاصة على مستوى العالم لا سيما في المدن الكبرى بالدول الصناعية.
- تحتل هذه المزارع مساحات في مبانٍ متعددة الطوابق بحيث تنمو زراعات ومحاصيل وأغذية في مياه أو تربة مبتلة أو هواء مفعم ببخار الماء والضباب مع تسليط مصابيح "ليد" لتعويض ضوء الشمس وتوفير بيئة جيدة ومؤتمتة من التمثيل الضوئي.
- في ظل أزمة "كورونا" وعمل الكثير من الموظفين من منازلهم وبالتبعية خلو المباني والمقار الإدارية من العمالة، على الأرجح، ستشهد المزارع العمودية طفرة جديدة كي تحل محل هذه الأماكن الشاغرة خاصة أن دراسة أجرتها شركة "جارتنر" البحثية أشارت إلى أن 82% من الشركات في مسح - أجرته مؤخراً - طلبت من موظفيها العمل من المنازل بشكل دائم.
- نتيجة لذلك، شهدت مشروعات المزارع العمودية نموا في الأغلب سواء على صعيد الاستثمارات أو المبيعات لا سيما بعض النباتات العطرية والأعشاب الطبية، كما تتميز المحاصيل الناتجة بصحيتها كونها خالية من ملوثات التربة والمبيدات الحشرية.
- مع زيادة الطلب على المحاصيل الزراعية والأغذية والتوقعات بنمو عدد السكان عالمياً، من المتوقع زيادة عدد مشروعات المزارع الرأسية داخل المباني لإنبات الخضراوات والفواكه.
- لم تعد المزارع الرأسية مجرد خيال مستقبلي، بل أصبحت واقعاً ملموساً يشهد المزيد من التطور في الأدوات والبنية التحتية والأفكار التي تحقق أفضل المنتجات الزراعية من حيث الجودة والكم.
- دخلت على هذه المشروعات وسائل تكنولوجية حديثة مثل الذكاء الصناعي الذي أصبح بإمكانه التحكم في أدوات لتوصيل المغذيات والضوء لكل نبتة مزروعة، كما أن المساحة التي تبنى داخلها هذه المزارع تحول دون حدوث أمور غير متوقعة كتغيرات الطقس وعوامل التربة.
- يوفر هذا التحكم كذلك المزيد من التطوير والتجارب لتحسين ظروف الإنبات وتحقيق أكبر كم وجودة للمحاصيل وخفض التكلفة المهدرة في مكافحة الآفات الزراعية التقليدية.
- هناك العديد من المزارع العمودية التي طورتها شركات ناشئة في أوروبا والولايات المتحدة ومختلف المناطق حول العالم لأغراض متنوعة كالتأمين الغذائي والتصدير وإنتاج محاصيل محسنة.
المزارع العمودية نحو المستقبل
- قدمت المزارع العمودية حلولا عملية وبناءة في ظل أزمة فيروس "كورونا" التي أضرت بكافة القطاعات والطلب على المنتجات كما تسببت في تعطل سلاسل الإمداد الغذائية، ومن ثم أثيرت مخاوف حول توفير الطعام.
- بالتزامن مع ذلك، هناك مشاكل كانت ولا تزال قائمة مثل ارتفاع درجات الحرارة وندرة المياه وزيادة تكلفة الطاقة، بالتالي كان من الضروري البحث عن حلول عملية للزراعة وتوفير الغذاء بعيدا عن هذه المشاكل.
- لجأ العديد من رواد الأعمال حول العالم لإنشاء المزارع العمودية للاستفادة من ثورتها وأيضاً لمعالجة النقص في الغذاء والأراضي الصالحة للزراعة، ورغم أن الأمر يستغرق من 30 إلى 40 يوماً لإنبات خضراوات ورقية في التربة العادية، إلا أنه يستغرق فقط من 10 إلى 12 يوماً لإنباتها في مزارع عمودية.
- مع المشاكل المحيطة بالوقود الأحفوري، تتزايد التقنيات الحديثة التي تدخل في مشروعات المزارع العمودية والتي بالطبع من بينها الطاقة المتجددة.
- تستعين الشركات الناشئة بخبرات أكاديمية ومراكز بحثية عدة للحصول على أفضل النتائج وبأقل التكاليف على كافة الأصعدة كالطاقة والتي تشغل فقط بطاريات كهربائية ومصابيح "ليد" وألواحا شمسية رخيصة.
- على المدى الطويل، تشكل التغيرات المناخية تهديدا للعالم وأمانه الغذائي، ومن هنا يأتي دور التكنولوجيا المتمثلة في حلول كالمزارع العمودية، كما أن أزمات مثل "كورونا" وما ارتبط بها من عزل وقيود إغلاق ربما تسبب كوارث أكبر من كونها مجرد أزمة صحية.
- يرى خبراء أن مشروعات المزارع العمودية مع التطور المستمر الذي تشهده ستكون بمثابة نقلة نوعية نحو المستقبل.
المصادر: وول ستريت جورنال، دويتشه فيله
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}