نبض أرقام
09:30 م
توقيت مكة المكرمة

2024/12/22
2024/12/21

درس "آبل" و"مايكروسوفت".. لا تقتل خصمك لأن وجوده قد يجعلك أقوى

2020/08/15 أرقام - خاص

تقترب القيمة السوقية لشركة آبل سريعًا من كسر حاجز التريليوني دولار لأول مرة في التاريخ الأمريكي، في دليل جديد على تفوق شركات التكنولوجيا.
 

لكن الأمر لم يكن كذلك قبل 23 عامًا، بل أن آبل احتاجت آنذاك لمساعدة عاجلة من المنافسين لتفادي خطر الإفلاس التام.
 

العودة والأمل
 

 

في السادس من أغسطس عام 1997 اعتلى "ستيف جوبز" منصة المسرح مواجهاً العشرات من جمهور معرض "ماك ورلد " في بوسطن وفي جعبته الكثير من الأخبار المفاجئة.
 

لقد عاد المؤسس المشارك للشركة بعد إبعاده لسنوات من قيادة آبل، لكن العودة تزامنت مع أزمة عاصفة قد تدمر كل شيء.
 

في الفصول الأربعة السابقة خسرت آبل نحو مليار دولار، وانخفضت الإيرادات ما يزيد على 11 مليار دولار في عام 1995 إلى 7 مليارات فحسب بعد عامين، وانهار سعر السهم بنحو 80% في غضون 6 سنوات، كلها إشارات متزايدة بأن شركة التكنولوجيا تقترب بسرعة من كابوس الإفلاس.
 

وقف "جوبز" أمام الجمهور ليعلن سلسلة من الاتفاقات بين آبل ومايكروسوفت تتضمن تعهداً بإطلاق برامج "الأوفس" على ماكنتوش لمدة 5 سنوات والتعاون سوياً في تطوير "الجافا" مع جعل "إنترنت إكسبلورر" المتصفح التلقائي على جهاز الحاسب الآلي الشخصي لآبل.
 

لكن القرار الأهم كان استثمار مايكروسوفت 150 مليون دولار في شراء أسهم بدون حقوق للتصويت في آبل، ما يقدم طوق النجاة للشركة التي تعاني من مشكلة سيولة خانقة.
 

أعلن "جوبز" هذه القرارات أمام الجمهور الذي كان رد فعله مزيجاً من التصفيق والاستياء، قبل أن يطلب الترحيب بالضيف المنضم للحديث عبر القمر الصناعي.
 

رحبوا بمنقذنا الحالي وخصمنا اللدود سابقاً، رحبوا بـ"بيل جيتس".
 

 

سنوات من الشد والجذب والاتهامات
 

الواقع أن دهشة واستياء عدد كبير من الحضور بهذه القرارات وظهور "بيل جيتس" لم يكن أمراً مفاجئاً، بالنظر لتطورات العلاقة بين الشركتين خلال السنوات السابقة.
 

في الحقيقة كانت العلاقة بين "جيتس" و"جوبز" في البداية تعاونية، حيث ساعدت مايكروسوفت في تطوير جهاز ماكنتوش الخاص بشركة آبل في إطار اتفاق بين الجانبين يقضي بتصميم الأولى برمجيات تستخدمها الثانية.
 

 

لكن العلاقة بدأت في التدهور بشدة بعد إعلان "مايكروسوفت" في عام 1985 أول إصدار من "ويندوز"، والذي دفع "ستيف جوبز" لاتهام "بيل جيتس" وشركته بسرقة ماكنتوش.
 

بالطبع نفى مؤسس مايكروسوفت الاتهامات تماماً معتبراً أن الفكرة لم تكن خاصة بـ"آبل" بشكل حصري لكنها اقتبست الواجهة الرسومية من مختبرات "زيروكس بي أيه أر سي" البحثية.
 

تسارع التراشق اللفظي بين الرجلين ليصل إلى تصريح جوبز: "لقد سرقونا بشكل كامل، بيل جيتس لا يخجل"، ليردعليه الأخير بقوله: "إذا كان يصدق ذلك فإنه دخل حقاً في حالة خاصة من تشويه الواقع".
 

ورغم استمرار الخلافات والاتهامات وحتى الأوصاف المهينة أحياناً بينهما، فإن بيل جيتس كان يرى أن "جوبز" لا يعلم الكثير عن التكنولوجيا لكنه يمتلك غريزة مذهلة لتحديد المنتجات التي قد تنجح.
 

لكن حتى بعد خروج "جوبز" من شركة آبل في عام 1985 وتأسيسه لشركة أخرى تحمل اسم "نيكست"، فقد استمرت الحرب الكلامية والخلاف العلني مع "جيتس".
 

ومع اتجاه الرئيس التنفيذي لآبل آنذاك "جيل أميليو" لشراء "نيكست" في عام 1996 وإعادة "جوبز" للشركة، حاول "بيل جيتس" إقناعه بعدم تنفيذ ذلك بعبارات حاسمة: "إنه لا يعلم شيئاً بشأن التكنولوجيا، إنه مجرد بائع ماهر فقط، لا أصدق أنك ستقوم بهذا القرار الغبي".
 

لكن بعد عام واحد تولى "ستيف جوبز" قيادة آبل التي كانت تعاني من أزمة طاحنة، ليقرر الاتصال بعدوه ومنافسه "بيل جيتس" عارضاً إنهاء الخلافات وفتح صفحة جديدة.
 

 

وقال جوبز في مؤتمر بوسطن: "العلاقات الهدامة والمدمرة لا تساعد أي جهة في الصناعة حالياً، آبل تحتاج لمساعدة شركائها الآخرين وتحتاج أيضاً لتقديم يد المساعدة لهم".
 

وتابع وسط صمت الحضور: "علينا أن نتجاهل الشعور بأنه من أجل فوز آبل يجب أن تخسر مايكروسوفت، لقد انتهى عصر التنافس المدمر بين الشركتين".
 

لماذا تنقذ منافسك؟
 

يبدو من المفهوم والمنطقي تماماً قرار آبل بالتعاون مع مايكروسوفت، في مسعى للعودة للمسار الصحيح والفرار من شبح الإفلاس.
 

لكن ما قد يبدو غريباً للكثيرين هو موافقة مايكروسوفت على إنقاذ منافستها اللدود في الوقت الذي تقترب فيه أكثر من أي وقت مضى من الانهيار.
 

وعندما تقدمت مايكروسوفت لمساعدة آبل كانت أكبر حجماً وأكثر نجاحاً واستقراراً بفارق ملحوظ، وتسيطر بشكل كبير على سوق برمجيات الحاسب الآلي.
 

والواقع أن قرار "بيل جيتس" كان مبنياً على المصلحة وليس العاطفة أو الشفقة كما قد يتخيل البعض، لقد رأى الرجل أن فرص الاستفادة من بقاء آبل أكثر من انهيارها.
 

يقول "بيل جيتس" في مؤتمر بعام 2007: "في الواقع كان قرار الاستثمار في آبل ناجحاً جداً بالنسبة لنا، كل بضعة سنوات كان هناك شيء يمكن عمله في أجهزة ماك، لقد كان عملاً رائعاً لنا".
 

كما تضمنت الصفقة بين آبل ومايكروسوفت في عام 1997 تسوية نهائية لاتهامات الأولى بقيام شركة "بيل جيتس" بسرقة براءات اختراع، وهي الأزمة التي استمرت لسنوات بين الجانبين.
 

كما أن مايكروسوفت كانت تواجه تحقيقات خاصة بالاحتكار من قبل وزارة العدل الأمريكية، وبالتالي فإن مساعدة المنافسين – مثل آبل – دعم موقف الشركة لينتهي التحقيق بتسوية وعقوبات ضعيفة.
 

لكن الأهم هنا هو أن نجاحات آبل التالية قدمت الدافع لمايكروسوفت للإبداع ومحاولة اللحاق بركب الأحداث، باختصار كان وجود منافس قوي سبباً في استمرار التطور والنجاح لشركة "بيل جيتس".
 

 

في الواقع، لم تنهِ صفقة عام 1997 المنافسة بين مايكروسوفت وآبل، لكنها استمرت بشكل إيجابي دفعهما معاً لتشكيل مستقبل صناعة الحاسب الآلي بأكملها.
 

الآن تعتبر آبل هي أكبر شركة أمريكية من حيث القيمة السوقية والتي تتجاوز 1.8 تريليون دولار يليها مايكروسوفت بـ1.6 تريليون دولار بنهاية تعاملات 6 أغسطس الجاري.
 

بالطبع تجاوزت آبل العديد من العوائق للوصول إلى هذه المكانة، لكن تظل ذكرى تدخل مايكروسوفت لإنقاذها العلامة الفارقة التي مهدت الطريق لكل النجاحات التالية للشركة.
 

وتوضح ذكرى إنقاذ مايكروسوفت لشركة آبل أن المنافسة قد لا تكون الطريقة الوحيدة للفوز، لكن في بعض الأوقات قد يكون التعاون الحل الأمثل للجميع.

 

 

المصادر: ماك هيستوري - بيزنس إنسايدر – سي إن بي سي

تسجيل     Macworld Boston 1997-The Microsoft Deal

تسجيل D5 Conference 2007

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.