يستمر توجه البنوك إلى إغلاق المزيد من الفروع المصرفية وتخفيض أعداد الموظفين خلال الفترة المقبلة، الأمر الذي يرتبط بالتوجه الرقمي الذي بدأته البنوك منذ عدة سنوات، ويتسارع بسبب تداعيات فيروس كورونا وما أفرزه من تغير في سلوك العملاء، وفي رغبة البنوك بضبط التكاليف في وقت تتراجع فيه الأعمال والإيرادات.
وأفاد خبراء في القطاع، أن التوجه المصرفي في السوق المحلي ليس بعيداً عن التوجه العالمي لا سيما في البلدان المتقدمة كأوروبا التي يرجح أن تتقلص أعداد فروع المصارف فيها بحسب إحدى الدراسات بنسبة 25% خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأكدوا أن احتياجات المصارف من الموظفين تتغير لجهة الاهتمام بتوظيف كوادر قادرة على خدمة الاستراتيجية الرقمية طويلة الأمد، ما من شأنه الدفع إلى تدوير جزء من الموظفين الحاليين ضمن أقسام غير التي يعملون ضمنها وكذلك إلى إنهاء خدمات جزء آخر.
وكانت بعض البنوك رفضت التعليق على استفسارات «الرؤية» المتعلقة باستراتيجيتها الخاصة بتخفيض النفقات وما قد تشمله من إغلاق فروع وتسريح موظفين.
وأفاد عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي وضاح الطه، أن البنوك في دولة الإمارات من أكثر المؤسسات المالية تطوراً من الناحية التكنولوجية ومن أسرع البنوك لجهة التوجه الرقمي، وبالتالي فهي ليست بعيدة عن الاتجاه العالمي الخاص بتقليص عدد الفروع وتخفيض أعداد الموظفين.
وأشار الطه إلى دراسة قامت بها مؤسسة أبحاث تعنى بشؤون البنوك الأوروبية، وشملت أكثر من 90 بنكاً في أوروبا، حيث بينت أن التوجه الرقمي من شأنه الدفع إلى إغلاق ربع الفروع المصرفية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وأوضح أن التوجه إلى التخلي عن جزء من الفروع المصرفية في السوق المحلي أو الأسواق العالمية بات أكثر تسارعاً بعد التداعيات التي رافقت فيروس كورونا، لافتاً إلى أن تداعيات الجائحة أسهمت في تغير سلوك العملاء لصالح تفضيل الخدمات الرقمية من جهة، كما دفعت البنوك إلى تسريع عملية التبني الرقمي سعياً لتلبية رغبة العملاء ولتخفيض النفقات بالتزامن مع تراجع الإيرادات وحجم الأعمال.
وقال «إن عملية التخلي عن جزء من الموظفين قد يكون أمراً لا بد منها، لكنه أشار إلى أهمية أن تكون هذه الخطوة مدروسة بدقة، وأن تلي محاولات تدوير الموظفين داخل البنك بحيث يمكن الاستفادة من الموظفين المدربين في مراكز أخرى أو في أعمال غير التي اعتادوا على القيام بها».
ومن جهته أفاد المحلل المالي حسام الحسيني، أن البنوك بدأت باستراتيجية التوجه الرقمي منذ سنوات، فبعد أن زادت البنوك من فروعها بشكل كبير لا سيما بين عامي 2012 و2014، اكتشفت أن تلك السياسة لا تخدم توجهاتها الاستراتيجية على المدى الطويل ولا تصب في إطار تلبية تطلعات العملاء الراغبين في إتمام معظم عملياتهم المصرفية دون زيارة الفروع.
وقال «بالفعل وخلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية كانت هناك إعادة هيكلة من ناحية توجيه الموظفين وتغيير اختصاصات عملهم أو الاستغناء عن بعضهم وتوظيف كوادر جديدة قادرة على خدمة الاستراتيجية الرقمية الجديدة بشكل أفضل».
وأشار إلى أن البنوك تعمل خلال الفترة الحالية جاهدة من أجل ضبط النفقات، وهذه الاستراتيجية تخدم مصلحة البنوك على المديين القصير والطويل.
ومن جهته أفاد مختص مالي فضل عدم ذكر اسمه، أن التوجه المصرفي إلى التخلي عن جزء من الكوادر البشرية والفروع واضح وقد ظهر خلال السنوات الماضية، لكنه كان أكثر حدة خلال الأشهر التي تلت جائحة كورونا.
وأشار إلى أن البنوك تسعى إلى الحفاظ على حدود معينة من الربحية، وبالتالي فهذه الاستراتيجية تخدم مصلحة المصارف على الأقل على المدى القصير.
وأوضح أنه وحتى تخدم هذه الاستراتيجية مصلحة البنوك على المدى الطويل فلا بد من أن تكون عمليات التخلي عن الموظفين مدروسة بعناية، وألا تتسبب في عجز البنك عن خدمة عملائه عند عودة نشاط السوق إلى سابق عهده.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}