في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المالية العامة للدولة من انخفاض أسعار النفط وتراجع إيرادات الدولة التي تعتمد على أكثر من 90% من النفط وتفاقم العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الحالية 2020/2021، ناهيك عن الجهود التي تبذلها الدولة في مواجهة جائحة كورونا والتي تتطلب تحميل الميزانية بمبالغ كبيرة وعدم قدرة الاحتياطي العام للدولة على تحمل تلك الأعباء نظرا لانخفاض السيولة فيه بشكل حاد خلال السنوات المالية الخمس الماضية جراء تسديد العجوزات المالية لتلك السنوات، فلا سبيل على الدولة الا توفير موارد أخرى جيدة منها الاقتراض ولكن تحت وجود ضوابط وعمل حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية والتشريعية حسبما أشار اليه ديوان المحاسبة ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الامة بشأن متابعة اصدار السندات الحكومية لسداد العجز بالموازنة العامة للدولة.
وبناء على تعديل ميزانية 2020/2021، فإن العجز يقدر بـ 14 مليار دينار، حيث تقدر الايرادات بنحو 7.5 مليارات دينار بعد تخفيض سعر برميل النفط في الميزانية الى 30 دولار بدلا من 55 دولارا، فيما استقرت المصروفات عند 21.5 مليار دينار.
وفي الوقت الذي رصدت فيه مصادر مسؤولة لـ «الأنباء» 6 بدائل أخرى لتمويل عجز الميزانية العامة للدولة، رأت ان مشروع قانون الدين العام والذي سبق وأن قدمته الحكومة في 2017 للسماح بالاقتراض بعد انتهاء موعد سريان القانون رقم 50 لسنة 1987، يشير الى توجيه مبلغ 12 مليار دينار للمشاريع الرأسمالية المدرجة بالميزانية، وينبغي لفت النظر الى ان اغلب المشاريع الرأسمالية تتمثل في مشاريع بنية تحتية وغير مدرة للدخل ولا تسهم في تنمية إيرادات الدولة الأمر الذي يحتم معه تصنيف المشاريع الرأسمالية المدرة وغير المدرة للدخل وتوجيه اي مبالغ تقترض في المستقبل للمشاريع المدرة للدخل والتي تسهم في سداد اصل القروض وتحمل خدمة هذا الدين.
وقالت ان الحد الاقصى لمبلغ الاقتراض حدد بـ 20 مليار دينار ولا تتجاوز ما نسبته 60% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي السنوي وبما يمثل 24 مليار دينار، الامر الذي يشير الى عدم جدوى الاسترشاد بالناتج المحلي الإجمالي كمحدد لقيمة الاقتراض نظرا لارتفاعه عن الحد الأقصى للاقتراض المحدد بمشروع القانون مع قابلية زيادته بنسبة كبيرة خلال مدة هذا القانون ما يتطلب إعادة النظر بهذه النسبة، كما ان القانون أشار الى استخدام أدوات عديدة في الاقتراض ومنها إحدى الأدوات الإسلامية (الصكوك)، وفي نفس الوقت تم اعتماد مجلس الوزراء قانون مستقل للصكوك كأداة جديدة للاستدانة ما سيزيد من الحدود القصوى لمبالغ الاقتراض في حالة تم اقرار القانونين.
ورصدت البدائل الأخرى المقترحة لتغطية عجز الميزانية وهي كالتالي:
1 ـ تحويل الأرباح المحتجزة لدى مؤسسة البترول الكويتية
ضرورة تحويل الأرباح المحتجزة لدى مؤسسة البترول لصالح الاحتياطي العام كاملة خلال هذه السنة وفق القوانين المنظمة لها خاصة الأموال التي لا يتم استغلالها لتنميتها وبما لا يؤثر على تسييلها في وقت غير مناسب لذلك تؤكد الجهات الرقابية ضرورة تعزيز موارد الاحتياطي العام وتحويل الأموال السائلة حسب التسوية التي تمت بين «مؤسسة البترول» ووزارة المالية إلى حساب الاحتياطي العام وكذلك يتم تحويل اي أموال أخرى مستحقة للخزانة العامة للدولة لدى بعض الجهات الحكومية الأخرى ان وجدت مثل المؤسسة العامة للموانئ.
2 ـ سحب الودائع الحكومية من البنوك المحلية
يمكن استخدام الودائع الحكومية في البنوك المحلية المقدرة بنحو 7.5 مليارات دينار في اقتراض تلك الأموال من الجهات الحكومية وفقا لما تسمح به قوانين انشائها كما يتطلب التنسيق مع بنك الكويت المركزي في حال اللجوء الى هذا البديل لتجنب التأثير على السيولة النقدية داخل الدولة بما يتوافق مع السياسة النقدية التي ينتهجها البنك.
3 ـ شراء احتياطي الأجيال القادمة الأموال غير السائلة من الاحتياطي المال العام
يمكن اللجوء الى تنفيذ بديل شراء احتياطي الأجيال القادمة الأموال غير السائلة من الاحتياطي المال العام من خلال التنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار وتقييم الأصول المشتراة تقييما عادل وبما يعبر عن حقيقة مركزها المالي والاستفادة من السيولة في دعم الاحتياطي المال العام.
4 ـ الاقتراض من احتياطي الأجيال القادمة
سبق ان قامت الحكومة بالاقتراض من حساب احتياطي الأجيال القادمة في فترة الغزو العراقي الغاشم لتغطية تكاليف الحرب وإعادة اعمار مرافق الدولة وتم تسديد المبلغ خلال السنوات المالية اللاحقة عندما تحققت فوائض مالية للدولة، ويتطلب تطبيق هذا المقترح صدور قانون يسمح بذلك على ان يؤخذ بعين الاعتبار معدلات العائد المحقق على الأموال المستثمرة باحتياطي الأجيال القادمة مقارنة بمعدلات العائد على الاقتراض الخارجي.
5 ـ الاقتراض من بنك الكويت المركزي
ينبغي التنسيق مع بنك الكويت المركزي في حال اللجوء الى هذا الخيار بما يتماشى مع الاحكام المقررة في القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية.
6 ـ الاقتراض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
ينبغي مراعاة نص المادة 2 من القانون رقم 25 لسنة 1974 بإعادة تنظيم الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية التي تنص على ان «غرض الصندوق هو.. كما يدخل في أغراضه تقديم القروض للوزارات والمؤسسات العامة القائمة على تنفيذ مشروعات الرعاية السكنية بالكويت وكل ما يرتبط بها من بنية أساسية وخدمات رئيسية ومرافق عامة، على الا يجاوز رصد هذه القروض في أي وقت 25% من رأسمال الصندوق، وتمنح هذه القروض وفقا للإجراءات السارية في شأن القروض التي يقدمها الصندوق للدول الأخرى»، ويتضح من هذا النص أن المشرع قيد من اقتراض الوزارات او المؤسسات العامة من الصندوق بحيث لا يخرج عن تنفيذ المشروعات السكنية وملحقاتها بما لا يجاوز النسبة المقررة بالنص، الامر الذي يلزم معه تعديل القانون في حال اختيار هذا البديل.
الى ذلك، قالت المصادر ان ديوان المحاسبة كان قد قدم بعض بعض مقترحات من اجل إيجاد موارد مالية جديدة تسهم في تمويل الميزانية في ظل تلك الظروف الطارئة وهي استغلال السندات المصدرة من الصندوق الكويتي للتنمية بحدود 500 مليون دينار سبق ان أصدرها الصندوق لصالح بنك الائتمان منذ 2001 بموجب قرار من مجلس الوزراء لدعم موارد البنك سوف تستحق قريبا يمكن إعادة إصدارها لصالح الحكومة ويتم بالتنسيق مع الصندوق الكويتي للتنمية، حيث ان لدى الصندوق الكويتي للتنمية بعض الأموال المحولة من الحكومة مودعة في بنوك تخص منح حكومية لم تستغل يمكن ارجاعها لتعزيز الموارد المالية للدولة.
تجدر الاشارة الى انه قرب موعد استحقاق الشريحة الأولى من القرض العالمي بمبلغ 3.5 مليارات دولار ما يعادل 1.078 مليار دينار واجبة السداد في مارس 2022 علاوة على بعض السندات المصدرة محليا وتدبير الاعتمادات المالية لسدادها.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}