أثار إعلان شركة المدفوعات "باي بال" خطة لإتاحة شراء وبيع واستخدام العملات المشفرة خليطاً من ردود الأفعال المتباينة في أوساط المهتمين بالبيتكوين ونظرائها.
ورغم صعود أسعار العملات المشفرة بشكل ملحوظ بعد الإعلان، فإن البعض أبدى قلقه حيال تغيرات محتملة في هوية وأساس العملات المشفرة.
مفاجأة "باي بال"
- أعلنت "باي بال" في الحادي والعشرين من أكتوبر أنها ستسمح لعملائها بشراء وبيع والاحتفاظ بالعملات المشفرة عبر حساباتهم لديها، مع القيام بمشتريات للسلع والخدمات باستخدام عملات "البيتكوين" و"الإيثريوم" و"البيتكوين كاش" و"الليتكوين".
- يسمح قرار شركة المدفوعات الإلكترونية باستخدام عملائها البالغ عددهم 346 مليون شخص لهذه الأموال الافتراضية للتسوق لدى 26 مليون تاجر مسجل عبر شبكتها بداية من العام المقبل.
- شركة المدفوعات أعلنت أنها تعتزم بدء تنفيذ الخطة في الولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، قبل أن تتوسع لأسواق أخرى في النصف الأول من العام المقبل.
- "باي بال" تهدف أيضاً لزيادة فهم وتعامل المستهلكين مع العملات المشفرة، من خلال تعهدها بتوفر محتوى تعليمي لمساعدة عملائها على فهم نظام عمل هذه العملات.
- حصلت شركة المدفوعات الأمريكية على ترخيص عملياتها الخاصة بالعملات المشفرة من إدارة الخدمات المالية في "نيويورك"، في أول حدث من نوعه.
- لا تعتبر "باي بال" شركة المدفوعات الوحيدة التي تسمح بالتعامل بالعملات المشفرة، حيث سبقتها خدمات مثل "سكوير كاش" و"ريفولت"، لكن الأولى تمتلك أكبر شبكة لمقدمي السلع والخدمات حول العالم.
- تبدو تجربة "سكوير كاش" مثيرة للتفاؤل بالنسبة لـ"باي بال"، حيث ارتفعت حصة العملات المشفرة من الإيرادات الإجمالية للشركة في الربع الثاني من هذا العام إلى 2.6% مقارنة بـ0.4% في نفس الفترة قبل عام مضى.
- تتمثل خطة "باي بال" في تحويل العملات المشفرة إلى أخرى وطنية تحصل عليها الشركات مقابل السلع المشتراة، ما تعتبره شركة المدفوعات أنه "يمثل يقينا بشأن القيمة مع عدم وجود رسوم إضافية على المستهلكين".
- لم تكن هذه المحاولة الأولى لشركة "باي بال" لدخول عالم العملات الرقمية، حيث كانت شريكاً سابقاً في خطة إطلاق عملة "ليبرا" التابعة لـ"فيسبوك"، قبل أن تنسحب من المشروع مع تزايد الانتقادات له.
- بعد ساعات من الإعلان، ذكر تقرير أن "باي بال" تدرس خيارات للاستحواذ على منصات للعملات المشفرة، مع محادثات تجريها بالفعل مع "بيت جو".
ترحيب ومخاوف متصاعدة
- استقبل كثير من المهتمين بعملة البيتكوين وغيرها من العملات الافتراضية إعلان "باي بال" بمزيج من التفاؤل والترحيب بما اعتبروه تأكيداً لصدق رؤيتهم بشأن أهمية ومستقبل هذا النوع من المدفوعات الرقمية.
- بالفعل، ارتفع سعر البيتكوين من 11.9 ألف دولار قبل قرار "باي بال" إلى نحو 13.7 ألف دولار خلال تعاملات اليوم الثامن والعشرين من أكتوبر، مسجلة أعلى مستوى منذ يونيو 2019.
- لكن على الجانب الآخر، حذر بعض المتابعين من التعامل مع "باي بال" فيما يخص العملات المشفرة، مبررين ذلك بالشعار التقليدي: "إذا لم يكن مفتاحك، فإنها ليست عملتك".
- الواقع أن إعلان "باي بال" أشار إلى أنه بإمكان العملاء الاحتفاظ وشراء السلع من خلال العملات المشفرة، لكن مع عدم إمكانية تحويلها إلى محافظ خارجية أو أخرى ضمن شبكة شركة المدفوعات نفسها.
- عادة يمتلك مالك العملة المشفرة ما يطلق عليه "المفتاح الخاص"، والذي يعني فعليا امتلاكك تأكيداً بأحقية إنفاق العملة من محفظة معينة، لكن إعلان "باي بال" جاء ليشير إلى أن المستخدمين لن يتحكموا في المفاتيح الخاصة التي تسمح لحاملها بنقل أصولهم الرقمية.
- يجادل البعض بأن "باي بال" ستحدد بشكل أو بآخر ما يمكن للمستخدمين فعله بعملاتهم المشفرة وربما يمكنها تجميد حساباتهم عند الحاجة، وهو ما لا يتماشى مع الهدف والمغزى الأساسيين من الصناعة التي تعتمد في الأساس على حرية التصرف والهروب من سيطرة المؤسسات الرسمية أو الخاصة.
- يرى أخرون أن "باي بال" قد تسمح مستقبلاً بامتلاك المستخدمين لملكية عملاتهم المشفرة من خلال إضافة خيارات جديدة، معتبرين أن هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية ضخمة في سبيل زيادة الطلب على العملات الإلكترونية.
- أمر آخر أثار بعض اللغط، وهو حقيقة فشل استخدام البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى في عمليات شراء السلع في حصد كثير من الاهتمام من جانب المستهلكين، مع تغلب التوجه الاستثماري على الرؤية الخاصة بالمستخدمين وعدم الرغبة في التضحية بأصل استثماري قد يحقق مكاسب محتملة مستقبلاً.
الانتشار مقابل الهوية؟
- لم تقتصر الأنباء الإيجابية على خطة "باي بال" فحسب، لكن الأشهر الماضية شهدت إعلان "فيلدتي إنفيسمنت" إطلاق صندوق للبيتكوين موجه للمستثمرين الأثرياء.
- يظهر توجه عام من جانب الشركات والبنوك الخاصة الاهتمام بالعملات المشفرة، وهو ما ظهر مثلاً في إعلان "جيه بي مورجان" بداية استخدام عملتها الإلكترونية الجديدة.
- مع تزايد التفاؤل حيال تطورات العملات المشفرة، شهدت البيتكوين ارتفاعا بنسبة 30% في شهر أكتوبر الجاري وصعوداً بحوالي 85% منذ بداية عام 2020.
- رغم الصعود الملحوظ للعملة المشفرة في العام الحالي حتى الآن، إلا أنها لا تزال بعيدة عن المستوى القياسي المسجل قبل ثلاثة أعوام قرب 20 ألف دولار والذي أعقبه انهيار في غضون أشهر قليلة إلى 3136 دولار.
- تعتبر معضلة التقلبات السريعة والحادة في أسعار العملات المشفرة مقارنة بالعملات التقليدية الخاضعة لسيطرة البنوك المركزية أحد أبرز الأسباب التي أدت لتهميش المستخدمين الراغبين في تبادل السلع لخيار استخدام العملات المشفرة.
- يرى "مايكل نوفوجراتز" المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"جالكسي إنفستمينت بارتنرز" أنه من غير المرجح استخدام عملة "البيتكوين" كوسيلة للتبادل في السنوات الخمس المقبلة، معتبرًا أنها بمثابة مخزن للقيمة حالياً.
- ورغم ذلك، توقع "نوفوجراتز" أن تحذو شركات أخرى حذو "باي بال" في غضون عام لتقديم منصات يمكنها التعامل في العملات المشفرة، مثل "فيزا" و"ماستركارد".
- يقول "دان شولمان" رئيس شركة "باي بال" إن التحول للأشكال الرقمية من العملات يعتبر أمرا لا مفر منه، كما أنه يجلب مزايا كبيرة من الشمول المالي وكفاءة نظام المدفوعات وسرعته ومرونته.
- في النهاية، يبدو أن العملات المشفرة قد تكسب مزيدا من الأرض مع مرور الوقت، لكن ذلك قد يكون على حساب هويتها الأساسية والتي تتمثل في مقاومة كل أشكال الرقابة.
المصادر: أرقام – باي بال – ماركت كوين كاب – كوين ديسك - فوربس – بلومبرج – بي بي سي – فاينانشيال تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}