في نوفمبر الماضي، كشفت "ماري بارا" الرئيس التنفيذي لشركة السيارات الأمريكية جنرال موتورز، عن عزم شركتها خوض غمار رهان كبير في صناعة السيارات الكهربائية من خلال طرح 30 طرازًا منها بحلول عام 2025، مؤكدة حرص شركتها على استعادة مكانتها باعتبارها اللاعب رقم واحد في سوق السيارات الكهربائية في أمريكا الشمالية.
رغم أن "بارا" لم تذكر "تسلا" بالاسم إلا أن مديرة شركة السيارات الأمريكية الشهيرة كانت تتحدى "تسلا" بشكل واضح، فقبل ما يقرب من عقد من الزمان، كانت "جنرال موتورز" هي الشركة الرائدة في مجال السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، ولكن تبدل الحال الآن وسيطرت "تسلا" على هذه المكانة.
من استعادة مجدها التليد
في عام 2012– وهو نفس العام الذي أطلقت فيه "تسلا" " مودل إس" – تمكنت جنرال موتورز من بيع أكثر من 23 ألف سيارة كهربائية من طراز "شيفروليه فولت"، وما يقارب ضعف مبيعات أقرب منافس لها حينها "تويوتا بريوس"، مستحوذة في ذلك الوقت على 18% من إجمالي سوق السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة.
ولكن منذ أن بدأت "تسلا" بيع "مودل ثري" قبل عامين تغيرت أحوال السوق رأسًا على عقب، حيث تمكنت تلك السيارة من تحطيم أرقام مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة – التي لا تزال تمثل شريحة صغيرة في سوق السيارات الأمريكي – لتتحول "جنرال موتورز" من مهيمن إلى مستضعف.
في عام 2019 سيطرت "تسلا" على أكثر من نصف سوق السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، وبالتحديد على 58% منه، وتشير بعض التقديرات حاليًا إلى أن حصتها في النصف الأول من عام 2020 وصلت إلى ما يزيد على 80% من السوق.
في محاولة للحاق بالركب قررت "جنرال موتورز" استثمار 27 مليار دولار في تطوير السيارات الكهربائية على مدار السنوات الخمس المقبلة، على أمل أن تتمكن من بيع مليون سيارة كهربائية في عام 2025 وحده.
ولكن بهذا المعدل، من غير المرجح أن تتفوق "جنرال موتورز" العتيقة قريبًا على منافستها المملوكة للملياردير الأمريكي "إيلون ماسك".
في الوقت الحالي تمتلك "تسلا" ميزة كبيرة على منافسيها تتمثل في قدرتها على صنع بطاريات بتكلفة أرخص من المنافسين، وفي مجال السيارات الكهربائية تعتبر البطارية هي التحدي الأساسي أمام المنتجين، فبطارية رخيصة تعني سيارة رخيصة تصبح خيارًا لمجموعة أكبر من العملاء.
"تسلا" لا تزال بدون منافس
في عام 2019 باعت "تسلا" ما يقرب من 155 ألف سيارة من طراز "مودل ثري" البالغ سعرها 38 ألف دولار لتصبح أكثر السيارات الكهربائية مبيعًا في البلاد، متفوقة بذلك على نفسها، حيث احتلت المركز الثاني في قائمة أكثر السيارات الكهربائية مبيعًا سيارتها "مودل إكس" التي تترواح أسعار إصدارتها المختلفة بين 19 و80 ألف دولار.
المنافسة تشتعل في السنوات الأخيرة في صناعة السيارات الكهربائية باعتبارها مستقبل قطاع النقل، فوفقًا لتقديرات شركة البحوث "آي دي تيك إي إكس" من المرجح أن تشكل السيارات الكهربائية ما يقرب من 20% من سوق السيارات العالمي بحلول عام 2030، قبل أن تصل إلى 80% بحلول عام 2040.
وفي هذا الإطار يساعد توافر الكثير من الطرازات التي تعتزم "جنرال موتورز" وغيرها من شركات السيارات المتنافسة في مجال السيارات الكهربائية تقديمها على توافر خيارات أكبر أمام المستهلكين مما يساهم في سرعة تحول العالم ناحية السيارات الكهربائية.
تتجاوز القيمة السوقية لشركة "تسلا" حاليًا 800 مليار دولار، بالمقارنة مع أقل من 78 مليار دولار لفخر الولايات المتحدة ورمز مجدها الضائع "جنرال موتورز"، مما يمنح الأولى ميزة الكبيرة على الأخيرة تتمثل في توافر رأس المال اللازم للبحث والتطوير.
ميزة أخرى تمتلكها "تسلا" تفتقر إلى مثلها "جنرال موتورز" تتمثل في أن الأولى شركة متخصصة حصرا في صناعة السيارات الكهربائية، وهو ما يعني خلوها من الصراعات الداخلية التي قد تعيق جهودها في هذا الإطار ويسمح لها بتوجيه جميع نفقاتها الرأسمالية نحو السيارات الكهربائية ويمنحها ميزة في جذب المواهب الهندسية، وذلك على عكس "جنرال موتورز".
باختصار، يوجد أمام "جنرال موتورز" طريق طويل لتقطعه قبل أن تتمكن من تجاوز "تسلا" في مجال السيارات الكهربائية، وعلى الأغلب لن تتمكن من اجتياز هذا الطريق هذا العقد، ربما العقد القادم، ومن الآن وإلى أن يحدث ذلك، ستستمر "تسلا" في سيطرتها شبه المطلقة على السوق الذي استثمرت فيه أموالًا ووقتًا أكثر من الجميع، وهو ما تجني الشركة ومؤسسها ثماره الآن.
المصادر: أرقام – فاينانشيال تايمز – بلومبرج – فوربس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}