نبض أرقام
01:00 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

العالم لم يعد قرية صغيرة .. هل يتم وأد شبكة الإنترنت التي نعرفها؟

2021/03/20 أرقام - خاص

في شهر ديسمبر من عام 2017، بعث اثنان من أصحاب الفضل في تطوير الشبكة العنكبوتية العالمية بشكلها الحالي، برسالة إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، يخبرونها بأنها "لا تفهم كيفية عمل تكنولوجيا الإنترنت".


كان ذلك قبل التصويت مباشرة على إلغاء مبادئ "حياد الإنترنت" في البلاد، وقال الأب الروحي لتكنولوجيا الإنترنت "فينت سيرف" و"تيم بيرنز لي" مخترع الشبكة العنكبوتية العالمية، إن هذه الخطوة سيكون لها عواقب وخيمة وستخنق الابتكارات وتخفض استثمارات الإنترنت التي تقود جزءًا كبيرًا من الاقتصاد.



على أي حال، لم تمنع رسائل وتحذيرات المطورين الأوائل وقادة التكنولوجيا، إدارة الرئيس السابق "دونالد ترامب" من إلغاء المبادئ التي تضمن المساواة في معاملة بيانات المحتوى المقدمة عبر الإنترنت، لكن لم يكن ذلك منتهى المخاطر بالنسبة لهم. (تعرف على "حياد الإنترنت" من هنا).


"بيرنرز لي" كثيرًا ما انتقد علانية سلوكيات الشركات الكبرى بشأن خصوصية المستخدمين، وأطلق حملة أسماها "عقد الويب"، والتي تهدف إلى احترام خصوصية بيانات المستهلكين وتحث الحكومات على ضمان وصول الجميع إلى الشبكة.


عدم الفهم الدقيق للهيئات التنظيمية وإساءة استغلال الشركات للخصوصية، ليست التهديدات الوحيدة للشبكة التي جعلت من العالم قرية صغيرة، هناك أيضًا، خطر الانقسام السياسي المتزايد وعدم الثقة بين التيارات المختلفة. 


مثال ذلك؛ إعلان روسيا استعدادها للانفصال قانونيًا وتقنيًا عن الشبكة الدولية، إضافة لاعتماد الصين المتزايد على الشبكات والمواقع الأقل انفتاحًا على العالم، وتقييد الوصول لمنصات التواصل الاجتماعي الأوسع انتشارًا.


معاداة الشركات 


- كما يبدو من السطور القليلة السابقة، فإن مشكلة الإنترنت ليست أزمة خاصة بالشرق أو الغرب أو حتى مرتبطة بتيار فكري واحد دون البقية، وهي أزمة آخذة في التزايد، وفي العام الماضي، بدت شبكة الويب العالمية أقل عالمية بخلاف اسمها.


- تعمل أوروبا على لوائح يمكن أن تفرض حظرًا مؤقتًا على شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تنتهك قوانينها، وكانت الولايات المتحدة على وشك حظر "تيك توك" و"ويشات"، وتعيد إدارة "جو بايدن" الآن التفكير في هذه الخطوة.



- حظرت الهند هذين التطبيقين بالفعل بالإضافة إلى عشرات غيرهما، وأصبحت الآن على خلاف مع "تويتر"، وفي فبراير الماضي، اشتبكت "فيسبوك" مع الحكومة الأسترالية بشأن مقترح قانون للدفع للناشرين مقابل محتواهم، وحجبت الشركة صفحاتهم مع تصاعد الخلاف، قبل التوصل إلى اتفاق مبدئي.


- "فيسبوك" ألمحت في إعلانها عن الاتفاق إلى احتمال وقوع اشتباكات مماثلة في المستقبل، قائلة إنها تقاوم الجهود التي تبذلها التكتلات الإعلامية لتعزيز الأطر التنظيمية التي لا تأخذ في الاعتبار تبادل القيمة الحقيقية بين الناشرين ومنصات التواصل الاجتماعي.


- إذا أصبحت مثل هذه الاتفاقيات الإقليمية أكثر شيوعًا، فإن الإنترنت المتصل عالميًا الذي نعرفه سيصبح أشبه بما أطلق عليه البعض اسم "splinternet" الذي يشير إلى سيناريو "انقسام الإنترنت" الذي حذر منه البعض قبل سنوات، ويعني ظهور مجموعة من الشبكات الداخلية المختلفة التي تضع حدودها الوطنية أو الإقليمية الخاصة.


الخلاف يعمق الاحتياج


- منذ ابتكر "بيرنرز لي" الفكرة في عام 1989، غيرت شبكة الويب وجه العديد من الصناعات تمامًا، لا سيما الموسيقى وتجارة التجزئة والنشر والسفر والنقل، وشهد التعليم تحولًا كبيرًا خلال العام الماضي؛ حيث دفعت جائحة "كوفيد -19" المعلمين والطلاب إلى التعلم عبر الإنترنت.


- تزامنا مع الاحتفال مؤخرًا بالعيد 32 للشبكة، قال "بيرنرز لي" إن الكثيرين يفتقرون إلى البيانات والأجهزة والاتصال الموثوق الذي يحتاجون إليه لتحقيق أقصى استفادة من الويب، مستشهدًا ببيانات "يونيسيف" تقول إن 2.2 مليار شاب حول العالم بدون وصول ثابت للتعلم عبر الإنترنت.


- مع ذلك، يبدو أن المشاكل تزداد عمقًا وتنذر بالمزيد من الخلاف والتفرقة، قالت "دافني كيلر"، مديرة برنامج تنظيم المنصات في مركز السياسة الإلكترونية بجامعة ستانفورد، إن هناك اتجاهًا عالميًا نحو تفتيت شبكة الإنترنت أكثر بكثير مما كانت مجزأة في الماضي.



- كما أظهرت الأحداث الأخيرة، لا يلزم حظر المنصات أو إغلاقها تمامًا حتى يحدث هذا التفتت، فعندما توقفت "فيسبوك" عن عرض صفحات المنافذ الإخبارية لمستخدميها الأستراليين، لم يعد بإمكان المستخدمين خارج البلاد أيضًا الوصول إلى المحتوى من منافذ الأخبار الأسترالية، وفي ذلك تعارض مع فرضية "التدفق الحر للمعلومات عالميًا عبر الشبكة".


- في الهند، تم تحذير "تويتر" من أنه "مرحب بها للقيام بأعمال تجارية" ولكن "يجب أيضًا أن تحترم القوانين"، وسعت الشركة إلى حل وسط من خلال حجب بعض الحسابات التي كانت تستخدم ما وصفته الحكومة بـ"الوسوم المحرضة التي لا أساس لها". لم تعد مرئية داخل البلد ولكن لا يزال من الممكن الوصول إليها من الخارج.


الخطر جسيم


- قبل خمس سنوات، تحدث "مارك زوكربيرغ"، الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، عن هدفه المتمثل في الوصول إلى 5 مليارات مستخدم، أو غالبية سكان العالم، وتمتلك الشركة بالفعل أكثر من 3 مليارات مستخدم نشط شهريًا عبر تطبيقاتها المختلفة.


- الآن، تتجه الشركة بدلاً من ذلك إلى ما أصبح تهديدًا اختبرته ويجري اختباره، ويحتمل تبنيه بشكل متزايد من قبل لاعبين آخرين من كبار صناعة التكنولوجيا، وينطوي على سحب منتجات الشركات من الأسواق في مواجهة القواعد التنظيمية غير المواتية.


- في الولايات المتحدة، قُدم تشريع إلى مجلس النواب بهدف سد الفجوة الرقمية بشكل نهائي، لكنه يتطلب 80 مليار دولار من أجل إنترنت يمكن الوصول إليه بأسعار معقولة للجميع، لنشر البنية التحتية للنطاق العريض مع التركيز على المجتمعات الريفية والحضرية التي ليس لديها حاليًا وصول موثوق به وبأسعار معقولة إلى الإنترنت.


- هذه التكلفة والتي ما زالت محل دراسة، تعطي لمحة عما تحتاجه أماكن أخرى من العالم، وما يجعل الأمر أكثر صعوبة؛ القيود التي تفرضها الهيئات التنظيمية والتي تصعب على الشركات مثل "فيسبوك" و"جوجل" وغيرهما ضخ الاستثمارات من أجل تقريب هذا الهدف في المناطق الأكثر احتياجًا.



- يقول "بيرنرز لي" إن خطة أستراليا لجعل عمالقة التكنولوجيا يدفعون لمنافذ الصحافة يمكن أن تجعل الإنترنت كما نعرفه "غير عملي"، وقد تعطل النظام الثابت للشبكة، محذرًا من التداعيات السلبية لانتشار هذا المفهوم عالميًا.


- "تفتت الإنترنت" إذا أصبح حقيقة فسيكون له تداعيات خطيرة، حيث سيحد من قدرة شركات التجزئة على الوصول إلى الأسواق المختلفة، ناهيك عن ظهور معايير مختلفة في كل مكان، وربما ينتج عنه أيضًا فصل سلاسل التوريد وزيادة تكاليف الأعمال وتراجع التنافسية وارتفاع أسعار المستهلكين.

 


المصادر: أرقام- سي إن إن- موقع "جيزمودو"- إندبندنت

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.