نبض أرقام
18:19
توقيت مكة المكرمة

2024/07/07

بعد بيتكوين.. كيف يجتاح الهوس بـ"الرموز غير القابلة للاستبدال" العالم؟

2021/03/26 أرقام - خاص

رفض الملياردير "إيلون ماسك" بيع إحدى تغريداته على منصة "تويتر" مقابل مليون دولار، بعدما كان متحمسًا لهذه الخطوة، والتي جاءت تزامنًا مع موجة من المزادات وعمليات البيع للمقتنيات الرقمية حول العالم.

 

في الوقت الذي كتب فيه ماسك أنه يعرض تغريدته عن "الرموز غير القابلة للاستبدال" للبيع، ثم تراجع سريعًا بعد تلقيه عرض الشراء، قائلًا إنه "لا يشعر بالرضا" عن هذه الخطوة، باع مؤسس شبكة "تويتر" نفسه أول تغريدة له – عمرها 15 عامًا – بما يقارب 3 ملايين دولار.

 

 

لحظة! هل يمكن فعلًا بيع مثل هذه المنشورات والمحتويات الرقمية غير الملموسة؟ بكل تأكيد نعم، وقد فعلها "جاك دورسي" الرئيس التنفيذي لـ"تويتر" ومن قبله كثيرون، فيما بات اتجاهًا عالميًا يراه البعض جنونًا وجموحًا على غرار "بيتكوين"، بينما يعتقد آخرون أنه ثورة في عالم جمع المقتنيات الثمينة والفنون.

 

لكن كيف يضمن المشتري "فرادة" وعدم زيف أو تقليد هذا المحتوى أو العمل الفني الذي اشتراه؟ وكيف يضمن ملكيته وألا ينسخ أو يعاد تكراره في عالم افتراضي واسع لا يخضع للأحكام؟ الإجابة ببساطة في محتوى تغريدة "ماسك" التي كان يرغب في بيعها؛ إنها "NFT أو الرموز غير القابلة للاستبدال".

 

ماذا تعني هذه الرموز؟

 

- الأحرف الثلاثة اختصار لعبارة "Non-fungible token" أو "الرموز غير القابلة للاستبدال"، وكما يبدو من الشق الثاني للعبارة، فهي تشير إلى أصل فريد لا يمكن استبداله بشيء مماثل، وهذا ما تصبح عليه المحتويات الرقمية بعد بيعها باستخدام هذه التقنية.

 

- الأمر أشبه بلعبة جمع البطاقات (بطاقات تحمل صور رياضيين أو شخصيات خيالية مثل "بوكيمون")، إذا استُبدلت بطاقة، فمن المؤكد سيحصل المرء على شخصية مختلفة تمامًا، فالأمر أشبه بمحاولة بيع قطعتين مختلفتين من الماس، حيث يكون لكل منهما سعر مختلف بناءً على النوع والحجم وربما العمر.

 

- في المقابل، فإن أصولًا أخرى، ولتكن بيتكوين (أو حتى العملات العادية)، يعني استبدالها حصول الشخص على نفس الشيء دون أي تغير، ذلك لأن كل وحدة تساوي نفس القيمة دائماً من الوحدات المماثلة الأخرى.

 

- باختصار ووبساطة، تتحول المحتويات الرقمية المبيعة في هيئة رموز غير قابلة للاستبدال، إلى ملفات على الحاسوب مقترنة بإثبات ملكية وأصالة، وتعتمد في ذلك على تقنية "بلوك شين" لضمان عدم العبث بها.

 

- معظم الرموز غير القابلة للاستبدال هي جزء من الشبكة الخاصة بالعملة الرقمية "إثيريوم"، حيث يمكن الاحتفاظ بهذه الأصول الافتراضية وتخزين معلومات إضافية حولها (بطريقة مختلفة عن التي تعمل بها الشبكة في تسجيل معلومات العملة). يمكن لشبكات العملات الرقمية الأخرى تبني نفس المفهوم وبعضها فعل ذلك.

 

 

هل هي فريدة فعلًا؟

 

- في هذا السوق، يمكن لأي شيء رقمي أن يصبح رمزًا غير قابل للاستبدال، مثل الرسومات والموسيقى والمعلومات الشخصية والأفكار، ولكن تتركز الإثارة حاليًا حول استخدام هذه التقنية في بيع الفنون الرقمية.

 

- في حين أن المعنى التقني الحرفي لهذه التقنية، يؤكد أن الأصل الرقمي أصبح فريدًا على شبكة "بلوك شين"، مثل الأعمال الفنية التقليدية كتلك الخاصة بـ"فان جوخ"، إلا أنه يمكن أيضًا أن تكون مثل لعبة البطاقات، حيث نُسخ العديد منها في أماكن أخرى.

 

- لكن جزءا من جاذبية تقنية "بلوك شين" هو أنها تحتفظ بسجل لكل معاملة، مما يجعل من الصعب سرقتها أو تغييرها كما لو أنها لوحة في متحف، ومع ذلك، فهناك حالات سرقة مسجلة لعملات رقمية.

 

- الأمر الأخير المتعلق بجدوى هذه الأعمال، هو مدى استدامتها لفترات طويلة (فترات تاريخية)، فبمرور الوقت تتدهور جودة الصور وتعطب الملفات وتتعطل مواقع الويب وينسى الأشخاص كلمات المرور، لكن حتى الفن المادي هش أيضًا في المتاحف ويتدهور بمرور الوقت.

 

هل هناك حقًا من يشتري؟

 

- نعم، فكما أشير سابقًا، باع الرئيس التنفيذي لشركة "تويتر" أول تغريدة له والتي قال فيها "فقط أعمل على إطلاق تويتر الخاص بي"، مقابل ما يزيد قليلًا على 2.9 مليون دولار، في مزاد علني، ومنح المشتري شهادة تحقق وتوقيعا شخصيا.

 

- لم تكن هذه أكثر عمليات هذه التقنية الجديدة إثارة للإعجاب، فبعد يوم فقط من بيع تغريدة "دورسي"، باعت فنانة كندية منزلًا افتراضيًا يقع في بيئة مشابهة لكوكب المريخ، مقابل 515 ألف دولار، في هيئة رمز غير قابل للاستبدال، ويمكن للمشتري استخدام تقنيات الواقع المعزز لمحاكاة التواجد داخل هذا المنزل.

 

 

- مع ذلك، ليست هذه أكثر الأمور جنونًا في عالم المبيعات الرقمية بعد، حيث بيعت هذا العام أيضًا لوحة فنية مجمعة من 5 آلاف صورة لفنان أمريكي يدعى "مايك وينكلمان" ويشتهر باسم "بيبل" مقابل 70 مليون دولار تقريبًا.

 

- كان هذا أول مزاد تنظمه دار "كريستيز" لبيع عمل فني رقمي بمفرده، وأيضًا المرة الأولى التي تقبل فيها الدفع بالعملة المشفرة "إثيريوم"، وقالت إن هذه العملية جعلت "وينكلمان" ضمن أهم 3 فنانين على قيد الحياة.

 

- هذا الحماس قاد الملياردير الأمريكي "مارك كوبان" إلى تدشين منصة عبر الإنترنت تسمح بعرض الأعمال الفنية كرموز غير قابلة للاستبدال، قائلًا إنها "طريقة للتباهي بهذه الأعمال وعرضها بسهولة".

 

فقاعة أم ابتكار؟

 

- ظهرت الرموز غير القابلة للاستبدال بوضوح في الأشهر الاثني عشر الماضية، ووفقًا لتقرير لموقع "Nonfungible" وشركة "L’Atelier" التابعة لمصرف "بي إن بي باريبا"، ارتفعت قيمة هذا السوق إلى 3 أمثالها في عام 2020، لتتجاوز 250 مليون دولار.

 

- في هذا السوق الوليد، يدفع جامعو المقتنيات أموالًا ضخمة مقابل أعمال يمكن غالبًا مشاهدتها ومشاركتها عبر الإنترنت مجانًا، لذا رفض النقاد جنون "إن إف تي" باعتباره مجرد فقاعة جديدة، على غرار هوس "أسهم الميم" مثل "جيم ستوب".

 

- تجذب هذه الظاهرة التي سرقت الضوء من العملات المشفرة، مجموعة غريبة ليس فقط من الفنانين وجامعي التحف، ولكن أيضًا من المضاربين الذين يتطلعون إلى الثراء من أحدث صيحات عالم المال.

 

 

- هي أيضًا منحة للعديد من الفنانين الرقميين الذين سئموا بعد سنوات من إنشاء المحتوى الذي يولد الزيارات والمشاركة فقط على منصات التواصل الرئيسية، فيما لا يحصلون على أي شيء تقريبًا، لذلك انغمسوا في هذا الجنون.

 

- يتصور هؤلاء الفنانون من جميع المجالات (المؤلفون والموسيقيون وصانعو الأفلام) مستقبلًا تُغير فيه الرموز غير القابلة للاستبدال، عمليتهم الإبداعية وتقدير العالم للفن، حيث يصبح من الممكن "امتلاك" الفن الرقمي وبيعه.

 

- لكن ذلك لا ينفي أن مخاوف الفقاعة حقيقية، حيث شهد هذا السوق مبيعات لأغراض غير مفهومة قيمتها الفعلية، مثل مقاطع فيديو لممثلي منصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع صوتية "سخيفة المحتوى"، وصور ساخرة "ميمز".

 

المصادر: أرقام- موقع "ذا فيرج"- نيويورك تايمز- مجلة "التايم"- موقع "سي نت"

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة