أكدت مصادر مسؤولة لـ«الراي» عدم توافر أي سيولة إضافية في صندوق الاحتياطي العام، تسمح بتغطية 1.2 مليار دينار، إجمالي كلفة تأجيل أقساط قروض المواطنين والضمان المالي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى مكافآت الصفوف الأولى في مواجهة فيروس كورونا، وذلك رغم ما صرح به وزير المالية خليفة حمادة بعد إقرار قانوني تأجيل القروض والضمان المالي في مجلس الأمة بـ«التزام الحكومة بالتنفيذ، وفق الأطر القانونية وبأسرع وقت».
ورداً على سؤال «من أين ستأتي الحكومة بـ1200 مليون دينار، لا سيما في ظل مخاطر نفاد السيولة المتنامية، والتلميحات الحكومية التي كانت تتردّد حتى فترة قريبة حول إمكانية التعثر في الرواتب؟»، أشارت المصادر ذاتها إلى أنه إذا «اضطرت وزارة المالية لتوفير هذه الالتزامات على المدى القريب، بناءً على توجيهات حكومية، فسيكون ذلك على حساب تأجيل التزامات أخرى بالقيمة نفسها، قد تشمل في البداية تعطّل دفعات المقاولين والمشاريع الحكومية».
ولم تستبعد المصادر فرضية تأجيل دفع مطلوبات تقليدية للجهات الحكومية، قائلة «باختصار وبعيداً عن أي تعقيد، فإن كل دينار سيسحب لصالح الصفوف الأمامية أو لتأجيل الأقساط أو لـ(الضمان المالي)، سيقابله قصور في دفع التزامات أخرى مجدولة، ما لم تعزز الميزانية بمصدر تمويل طارئ أيضاً».
وبينت أن «الاتجاه المالي الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في توفير السيولة الطارئة دون إحداث أي تعطيل أو تأجيل في سلم التزامات الدولة، هو إقرار قانون الدين العام، أو السماح بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة».
محاسبياً وأمام ما تفرضه الالتزامات الثلاثة غير المجدولة بالميزانية العامة، من تحديات واسعة، يبرز السؤال واسعاً، من أين ستأتي الحكومة بـ1200 مليون دينار، لا سيما في ظل مخاطر نفاد السيولة المتنامية؟ وما يزيد الأمر حيرة أن هذا السؤال لا يجد إجابة واضحة حتى لدى الجهات الرسمية المخاطبة بتوفير هذه السيولة.
إدارة السيولة
ولعل ما يعطي هذا السؤال وجاهته أكثر أنه إذا كان هناك جفاف في السيولة دفع الحكومة حتى فترة قريبة للتلميح تارة والتصريح تارة أخرى بإمكانية تعثرها في دفع الرواتب، فإن ذلك يزيد تعقيدات المتاهة لناحية توفير «المالية» لسيولة بهذا الحجم وبأسرع وقت كما تم الوعد به، مع العلم أنه وحسب المصادر لم يسبق جلسة الثلاثاء الماضي أي تنسيق يوحي أن شيئاً ما تغير على واقع السيولة التي لا تزال تواجه مخاطر النفاد، وأن الرصيد الحالي لا يسمح بتمويل أي التزامات جديدة، خصوصاً إذا كانت بوزن يقارب 1.2 مليار دينار.
ووفقاً للمصادر من الواضح أن المسؤولين وجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه إطلاقاً، فقد تحولت بين عشية وضحاها همومهم من مجرد توفير الالتزامات المبوبة على الدولة إلى الحاجة لتغطية مطالبات طارئة ستزيد من معدل العجوزات الهائلة أصلاً.
وفي هذا الخصوص، أكدت مصادر مسؤولة لـ«الراي» عدم توافر أي سيولة إضافية في صندوق الاحتياطي العام، تسمح بتغطية هذه المبالغ، مشيرة إلى أنه إذا اضطرت «المالية» لتوفير هذه الالتزامات على المدى القريب بناءً على توجيهات حكومية فسيكون ذلك على حساب تأجيل التزامات أخرى بالقيمة نفسها، قد تشمل في البداية تعطّل دفعات المقاولين والمشاريع الحكومية.
ولم تستبعد المصادر فرضية تأجيل دفع مطلوبات تقليدية للجهات الحكومية، موضحة أنه باختصار وبعيداً عن أي تعقيد فإن كل دينار سيسحب لصالح الصفوف الأمامية أو لتأجيل الأقساط أو لـ«الضمان المالي» سيقابله قصور في دفع التزامات أخرى مجدولة، ما لم تعزز الميزانية بمصادر تمويل طارئة أيضاً.
وشدّدت، على أنه تتوفر حالياً سيولة كافية لتغطية الالتزامات القريبة على الدولة، وفي مقدمتها الرواتب والدعوم والمطلوبات الصحية وغيرها من المصاريف الأساسية في الميزانية العامة، لكن في الوقت نفسه لا توجد أي فوائض يمكن اللجوء إليها لتوفير أي من الالتزامات الثلاثة التي أقرتها الحكومة أخيراً.
وأضافت أن تغطية هذه المبالغ على المدى القريب أو المتوسط يحتاج إلى توفير مصدر تمويل لتغطية هذه المطلوبات، وباعتبار أن هذا المصدر غير محدد محاسبياً حتى الآن، سيكون الاتجاه المالي الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في توفير السيولة الطارئة دون إحداث أي تعطيل أو تأجيل في سلم التزامات الدولة، هو إقرار قانون الدين العام، أو السماح بالسحب من احتياطي الأجيال القادمة باعتبارهما نافذتين غير مبوبتين حسابياً في الميزانية العامة حتى الآن.
ترتيب السيولة
أما بالنسبة لمدى الاستفادة من النشاط الحاصل في أسعار النفط خلال الأشهر الماضية في تغطية المطالبات المستجدة، فبيّنت المصادر أن واقع الميزانية العامة بالكويت، يعكس خللاً يتجلى في أمرين، الأول ارتفاع وتيرة المصروفات بمعدلات لا يمكن تعويضها بأي ارتفاعات عادية في أسعار النفط، أما الأمر الثاني فيتمثل في أن فواتير المصروفات العامة المترتبة على تداعيات مكافحة «كورونا» لا تزال في تصاعد. وأمام ذلك لا يمكن الاعتماد على أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى ردم فجوة العجز التي تتوسع ولو بلغ سعر البرميل 100 دولار، مع الأخذ بالاعتبار أنه في حال صعود عوائد النفط بوتيرة استثنائية هناك حاجة لفترة زمنية تصل لأشهر حتى يظهر أثر هذا المتغير محاسبياً في الميزانية.
وفي حين لم يتم الإفصاح عن آلية أو شروط تأجيل الأقساط من قبل بنك الكويت المركزي؛ إلا أن مجرد الاتفاق على تحمل الميزانية العامة لكلفة المشاريع الثلاثة سيؤثر حسب المصادر على جهود القائمين على ترتيب المالية العامة في توفير الالتزامات المقررة، وتحديداً في ظل الظروف المالية الصعبة، خصوصاً إذا تأخر إقرار أي مصدر مالي جديد.
توفير مكافأة الصفوف الأمامية التحدي الأكبر
أوضحت المصادر أن التحدي الأكبر الذي سيواجه «المالية» هو تغطية مكافأة الصفوف الأمامية في مواجهة «كورونا»، بعد اعتماد مجلس الوزراء لمشروع قانون بفتح اعتماد إضافي بـ600 مليون بميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2021/2022.
ووفقاً لذلك سيكون على «المالية» توفير هذه المطالبات للجهات المستحقة دفعة واحدة، والتي تشكل نصف الكلفة الإضافية المترتبة على مشاريع القوانين الثلاثة، أما بالنسبة لتغطية كلفة تأجيل الأقساط، فلفتت إلى أنه في حال التوصل لاتفاق يقضي بجدولة فوائد التأجيل ودفعها على الفترة المحددة بـ6 أشهر بنظام القسط الشهري ستحصل «المالية» على أريحية أكثر في توفير المبالغ المستحقة، والتي يمكن أن تكون بنحو 55 مليون دينار شهرياً.
وما يستحق الإشارة إلى أن كلفة «الضمان المالي» لن تكون على المدى القريب، حيث ستوفر البنوك التمويلات، وتدفع الدولة كلفتها على ذلك سواء لجهة الفائدة أو مخاطر التعثر على المدى المتوسط والطويل.
يذكر أن البنوك وافقت العام الماضي على تأجيل سداد القروض بالكامل 6 أشهر من أبريل حتى سبتمبر 2020، ونظراً لعدم وجود فوائد مستحقة خلال فترة التأجيل، تكبدت البنوك خسارة تعديل القروض، والتي تم تحميلها على حقوق المساهمين في البنوك بما يقارب 380 مليون دينار.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}