يعيش السوق العقاري ظروفا استثنائية بسبب فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، إذ وفي ظل ظروف هذه الجائحة التي أثرت على العالم أجمع، تغيرت أسعار قطاعات كثيرة في السوق ما بين الارتفاع لقطاعات كانت تعاني هدوءا واستقرارا كالعقار الصناعي والشاليهات، وانخفاضا لقطاعات أخرى كالاستثماري والتجاري والمجمعات. لكن اللافت في هذا الجانب هو الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار السكن الخاص، ليس على الصعيد المحلي فحسب، وإنما على صعيد معظم دول العالم، حيث ازداد الطلب على السكن الخاص، ما ساهم في ارتفاع أسعاره بل وتضخمها في بعض الدول ومن بينها الكويت.
وعلى العكس من ذلك، شهد العقار الاستثماري هدوءا في تداولاته، بل وتراجع اسعاره وقيمه الايجارية في بعض الاحيان، وذلك بسبب تأثير الجائحة على الوافدين الذين يعتبرون الشريحة الاكبر المتركزة في هذا القطاع، حيث غادرت أعداد كبيرة منهم البلاد، فيما هناك شريحة أخرى من الوافدين في عداد العالقين في الخارج بعد إغلاق المطار لفترات طويلة ما تسبب في صعوبة عودتهم منذ أكثر من عام تقريبا.
وفي ظل ذلك كله، توقع عقاريون لـ «الأنباء» أن يواصل قطاع السكن الخاص ارتفاعه خلال العام الحالي، وأن يستمر القطاع الاستثماري في نفس الوتيرة الحالية، وذلك بسبب استمرار نفس الظروف التي سادت البلاد منذ أكثر من عام، مؤكدين في الوقت ذاته على أن تغير الوضع الحالي مرهون بإصدار الحكومة لقرارات جديدة تتعلق بمنع المضاربة في السكن الخاص أولا، وفتح المطار والسماح بعودة الوافدين ثانيا، وإلا فسيبقى الوضع على ما هو عليه.
وفي هذا الإطار، أكد أمين عام اتحاد العقاريين أحمد الدويهيس أن أسعار العقار الخاص ستواصل ارتفاعها خلال 2021، مستبعدا أن تشهد الأسعار أي هبوط، لاسيما في ظل عدم توفير الحكومة للحلول الجذرية للرعاية السكنية حتى الآن، وكذلك في ظل استمرار التوزيعات الاسكانية على المخطط في عدد من المدن والمناطق الاسكانية الجديدة.
وأضاف ان كافة المؤشرات والمعطيات الحالية تشير إلى أن الاوضاع ستبقى على ما كانت عليه في السابق، فأعداد المواطنين في طابور الرعاية السكنية مازالت على نفس معدلاتها، كما أن التوزيعات الحكومية للأراضي والقسائم على نفس مستوياتها، وبالتالي من غير المتوقع أن تتغير ملامح السوق العقاري على المدى المنظور.
أما فيما يتعلق بتوقعاته حول وضع العقار الاستثماري، فقد أشار الدويهيس إلى أن العقار الاستثماري يعاني من وجود نسبة مرتفعة من الشواغر، دون أن تكون هناك أي بوادر إيجابية على المدى المنظور، وبالتالي فمن الصعب التنبؤ بوضع هذا القطاع خلال المرحلة المقبلة، ما لم تكن هناك أية مؤشرات أو بوادر حكومية تتعلق بهذا القطاع، وعلى رأسها فتح المطار والسماح للعمالة الوافدة بالعودة إلى البلاد.
التحول إلى «السكني»
من جهته، استبعد الخبير العقاري عبدالعزيز الدغيشم أن تواصل أسعار السكن الخاص ارتفاعها في 2021، خاصة بعد أن وصلت حاليا إلى مستويات مرتفعة جدا، لكنه استدرك قائلا انه ما لم تتجه الحكومة إلى إصدار تشريع يمنع التأجير في السكن الخاص فإن الأسعار قد تتجه للصعود من جديد، لاسيما بعد أن أصبح هذا القطاع جاذبا للمستثمرين من التجار والأفراد على حد سواء.
وأضاف أن شريحة كبيرة من التجار بدأت تتحول من الاستثمار في القطاع الاستثماري إلى السكني، بسبب أسعار الكهرباء والماء المدعومة في السكن الخاص، ما يجعل الاستثمار فيه أكثر جدوى وعائدا، وبالتالي أصبح لزاما على الحكومة أن تضع قوانين وتشريعات للحد من تلك التوجهات.
وحول توقعاته لأسعار العقار الاستثماري في 2021، أوضح الدغيشم أن العقار الاستثماري ما زال يتأثر في تداولاته بأمور رئيسية أهمها الموقع والتشطيب، بمعنى أنه وفي ظل تراجع الطلب على العقار الاستثماري سواء فيما يتعلق بالبيع والشراء أو التأجير، إلا أن العقارات ذات المواقع المميزة والتشطيبات الجيدة مازالت تحافظ على معدلات طلب كبيرة سواء من قبل المستثمر أو المؤجر، كما أن مثل هذه العقارات لم تتأثر بما يشهده القطاع الاستثماري بشكل عام من تراجع.
وتابع يقول إن ما يسيء للعقار الاستثماري هو انتشار المحلات التجارية والصالونات ومحلات المساج، إذ عادة ما تشهد مثل هذه العقارات عزوفا من قبل العائلات، لما تتسبب به هذه الأنشطة من مخالفات للآداب العامة تارة أو إزعاج للسكان والمؤجرين تارة أخرى.
تأجيل الأقساط
بدوره، قال نائب رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي في شركة أركان الكويت العقارية، عبدالرحمن التركيت، ان أسعار السكن الخاص شهدت ارتفاعا كبيرا 2020، كما واصلت الاسعار ارتفاعها خلال الربع الاول من 2021 بفعل العديد من العوامل التي من أهمها ارتفاع الطلب وقلة العرض.
وتوقع التركيت أن تواصل أسعار السكن الخاص ثباتها على مستوياتها الحالية خلال العام الحالي إن لم ترتفع أكثر، لاسيما في ظل قرار الحكومة بتأجيل أقساط المواطنين الكويتيين لمدة 6 أشهر، حيث ستعزز السيولة التي ستتوفر لدى المواطنين جراء هذا التأجيل من الطلب على العقار الخاص.
وأشار إلى أن مؤشرات السكن الخاص ستواصل ارتفاعها ما لم تقم الحكومة بإصدار قوانين وتشريعات للحد من مضاربات التجار والأفراد في هذا القطاع الهام والحيوي، خاصة بعد انتشار ظاهرة تطوير القسائم التي تضم شققا سكنية بهدف إعادة تأجيرها وتحقيق العوائد المالية المجزية، وفي ظل دعم الحكومة لأسعار الكهرباء والماء في السكن الخاص.
وعن توقعاته عن القطاع الاستثماري، توقع التركيت ان يستمر هذا القطاع في نفس الوتيرة الحالية، وذلك بسبب استمرار نفس الظروف التي سادت البلاد منذ أكثر من عام.
عودة الوافدين تنعش «الاستثماري»
أكد عبدالرحمن التركيت أنه نظرا لارتباط القطاع الاستثماري بشريحة الوافدين، فقد تأثر سلبا بخروج أعداد كبيرة منهم من البلاد منذ بدء جائحة فيروس كورونا وحتى يومنا هذا، كما ساهم إغلاق المطار في التأثير أكثر على هذا القطاع، خاصة بعد تعذر عودة أعداد كبيرة من المقيمين العالقين في الخارج.
وأفاد التركيت بأن عودة الامور لطبيعتها سيساعد على تصحيح أسعار العقار الاستثماري، خصوصا بعد أن تراجعت نسبة الاشغال في هذا القطاع من 93% قبل الجائحة إلى نحو 85% بعدها، ما ساهم في تراجع وهدوء التداولات على هذا القطاع لحين اتضاح الصورة من جديد، خاصة فيما يتعلق بعودة شريحة المقيمين إلى الكويت مرة أخرى.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}