في تحدٍ جديد لدور الشرطي العالمي الذي تمارسه الولايات المتحدة، أقرت السلطة التشريعية في الصين قبل أيام قليلة، قانون العقوبات المناهضة للأجانب، الأمر الذي قد يثير غضب واشنطن ويمهد لإجراءات أكثر صدامية بين القوتين العظميين.
التفاصيل حول القانون ظلت غامضة في أثناء المناقشات وخلال مروره بالقنوات التشريعية المختلفة، وفي البداية، قال الإعلام الصيني الرسمي إنها خطوة لمواجهة "الإجراءات التمييزية التي تتخذها دولة أجنبية وفقا للقانون".
بدا من هذا الإفصاح أن الصين تتابع تعهدها في مارس بتوسيع مجموعة أدواتها القانونية في الوقت الذي تتصدى فيه للولايات المتحدة على جبهات عدة، من مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الغربية إلى القيود المفروضة على أنواع التكنولوجيا التي يمكن للصين استيرادها.
ويأتي تمرير هذا القانون أيضًا على خلفية حزم متنوعة من العقوبات التي فرضتها أمريكا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا ودول غربية أخرى، ضد مؤسسات وشركات حكومية صينية، على خلفية الوضع في هونغ كونغ وإقليم شينجيانغ والمخاوف بشأن التجسس.
والأكثر من ذلك، دلالة التوقيت، حيث يأتي تمرير القانون عقب موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي على قانون الابتكار والمنافسة، والموجه بشكل أساسي إلى مواجهة "خطر التفوق الصيني" في مجالات عدة.
ويعتقد خبراء أنه رغم النزعة الدفاعية للقانون الصيني الجديد، فإنه يشكل "ضربة قوية" للولاية القضائية الأمريكية، حيث يحاكي بعض أساليب العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على خصومها.
الخيار الصعب: الصدام
- قد تواجه المنظمات التي لها قدم في كل من الولايات المتحدة والصين خيارًا صعبًا للمضي قدمًا، من خلال الامتثال للعقوبات الأمريكية على الصين، حيث أصبحت عرضة لأن تواجه فرض عقوبات صارمة في الصين كرد على الامتثال للتعليمات الأمريكية.
- قد يجد المشاركون في تصميم أو تنفيذ عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنفسهم أو أفراد عائلاتهم محرومين من تأشيرات الدخول إلى الصين، وربما تتم مصادرة ممتلكاتهم في الصين، ويمكن حظر أي معاملة تجارية يحاولونها مع مؤسسة صينية.
- يقول "وي جيانجو"، نائب وزير التجارة الصيني السابق: يشير القانون إلى أنه عندما لا يكون لديك مكانة أو سلطة لتوجيه الناس حولك، فإن قانونك في الولايات المتحدة لن ينقلك إلى أي مكان في الصين، إنه مثل رنين جرس، إنه تحذير للولايات المتحدة، حيث يجب أن تكون قلقة، لأن الصين لن تتحمل هذه المعاملة بسهولة كما كانت من قبل.
- ظاهريًا، يقنن القانون ببساطة عددًا من الإجراءات الانتقامية التي اتخذتها بكين بالفعل ردًا على العقوبات الغربية، ويبدو أن القانون يستهدف بشكل أساسي السياسيين الأجانب الذين يمررون عقوبات على الصين في بلدانهم الأصلية.
- لكن قانون مكافحة العقوبات الأجنبية هذا مكتوب على نطاق واسع، ويخشى أولئك الموجودون في مجتمع الأعمال الأجنبي من أنهم قد يجدون أنفسهم في مرمى التقاطع الجيوسياسي. بموجب القانون الجديد، تعتبر قرارات معاقبة نهائية، ولا توجد إمكانية للاستئناف.
- أشاد الخبراء القانونيون الصينيون بهذه الخطوة على نطاق واسع باعتبارها خطوة ضرورية لتعزيز "مجموعة الأدوات القانونية" للبلاد في مواجهة المزيد من "التدخلات الصارخة والقمع" من قبل الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الكيانات والأفراد الصينيين.
- قال المتحدث باسم لجنة الشؤون التشريعية للجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، إن الغرب يفرض العقوبات مستشهدًا بقوانينه الخاصة، وتدخلوا بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للصين.
دفاع أم هجوم أم انتقام؟
- في حين أن لدى الاتحاد الأوروبي لائحة للحماية من آثار تطبيق التشريعات التي تتبناها دول أخرى، وتمتلك الولايات المتحدة عددًا كبيرًا من "الأدوات القانونية" فيما يتعلق بالولاية القضائية طويلة المدى، افتقرت الصين إلى القوانين ذات الصلة للرد على الهجمات القانونية الخارجية.
- القانون هو أحدث محاولة من الصين للدفاع عن نفسها ضد موجة جديدة من العداء الغربي، حيث تتوقع بكين أن الشركات والأفراد الصينيين معرضون لخطر متزايد للعقوبات من قبل الحكومات الأجنبية في السنوات المقبلة بسبب تورطهم في شينجيانغ وهونغ كونغ.
- على هذا النحو، كانت الحكومة الصينية بحاجة إلى تعزيز دفاعها القانوني ضد مثل هذه التهديدات. إنه في الأساس خطوة دفاعية وتحذير للسلطات الأجنبية؛ إذا فرضت عقوبات على الشركات والأفراد الصينيين، فإن الصين لديها الأساس القانوني والوسائل للرد.
- لكن أيضًا يعكس القانون ثقة بكين المتزايدة في قدرتها (على الأقل في بعض الحالات المحددة) على رد العقوبات بطريقة "الند للند"، مع العلم أن الصين تتمتع بسجل حافل بالفعل من النجاح في دفع الشركات الأجنبية الكبيرة والقوية لاتباع القوانين واللوائح الصينية، باستخدام الوصول إلى السوق المحلي كورقة مساومة.
- باستخدام نفس الطريقة، قد تضغط بعض الشركات الأجنبية، بعد رؤية خطر واضح للعقوبات من قبل الحكومة الصينية، على حكوماتهم الأصلية لإسقاط خطط العقوبات ضد الشركات الصينية، ومع ذلك، من المتوقع أن يكون التنفيذ الحقيقي للقانون انتقائيًا للغاية.
- هددت وزارة التجارة الصينية، على سبيل المثال، بوضع الشركات الأجنبية على "قائمة الكيانات غير الموثوق بها"، وهي قائمة عقوبات تم نسخها من قائمة الكيانات الأمريكية، لكن السلطات الصينية لم تدرج أي شركات أجنبية فيها حتى الآن.
- لا تزال الصين في وضع غير مواتٍ عندما يتعلق الأمر ببدء حرب عقوبات شاملة، ويتعين عليها توضيح موقفها، خاصة أنها لا تزال بحاجة إلى تقنيات واستثمارات أجنبية. في المجال المالي تحديدا، تحتاج الشركات الصينية إلى نظام الدولار الأمريكي أكثر مما تحتاج الشركات الأمريكية أو الأوروبية اليوان كوسيلة للدفع أو التسوية.
- بينما يجب على الحكومة الصينية أن تظهر روح التحدي، إلا أن القليل من الشركات الصينية، بما في ذلك المملوكة للدولة، يمكنها تحمل العقاب، وقد فقدت "Zhuhai Zhenrong"، التي كانت يومًا شركة تجارة نفط رئيسية، أهميتها تدريجيًا في السوق العالمي بعدما فرضت أمريكا عقوبات عليها للتعامل مع إيران.
- لذلك، من الملموس حتى الآن حول نوايا بكين والمعلومات المتوافرة حول القانون، أنه سلاح طورته الصين لحماية نفسها من الأخطار المتصورة في عالم يتزايد فيه العداء (من وجهة نظرها) لكنه ليس سلاحًا تم إنشاؤه لشن الهجمات.
- لكن دلالة التوقيت تعطي انطباعًا بأنه جاء للرد أو الانتقام، حيث أتت هذه الخطوة بعد يوم واحد من اتهام بكين الولايات المتحدة بـ"جنون العظمة"، بعدما أقرت الأخيرة قانونًا لمواجهة الصعود الاقتصادي للصين تحت اسم خطة الابتكار، لإنفاق أكثر من 170 مليار دولار على التكنولوجيا والبحث والتطوير.
المصادر: أرقام- ساوث تشاينا مورنينج بوست- npr- جلوبال تايمز- بلومبيرغ
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}