نبض أرقام
11:12 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/02
2024/10/01

الأسهم الصينية والنيران الصديقة .. لماذا تطلق بكين النار على قدميها ومتى تتوقف؟

2021/07/29 أرقام - خاص

تواصل الصين إطلاق النار على قدميها مع استمرار حملتها على شركاتها التكنولوجية ومن مختلف القطاعات المرتبطة والمغذية للقطاع التكنولوجي، والتي لها مصالح في السوق الأمريكية، وتكبدت الشركات الصينية المدرجة في البورصات الأمريكية -حتى الآن- خسائر بأكثر من 829 مليار دولار كخسائر في قيمها السوقية من فبراير إلى يوليو.

 

 

تسارع تراجع الأسهم الصينية المدرجة في الولايات المتحدة الشهور الأخيرة، كنتيجة للحملة التي بدأها الحزب الشيوعي ومجلس الدولة الصينيان بشركة "آنت جروب" التابعة لمجموعة "علي بابا" في نوفمبر 2020، ثم شركة النقل التشاركي "ديدي" في الثلاثين من يونيو، وتبعتها وسبقتها شركات أخرى بين الفترتين، وسط حملة واسعة النطاق من قبل الجهات التنظيمية في بكين لأسباب تتعلق بحماية "الأمن القومي" والمصالح العليا للدولة بحسب وجهة نظر السلطات.

 

جولدن دراجون تشاينا

 

لم يقتصر الضغط على الشركات التكنولوجية فقط، بل تعرضت لضغوط مماثلة قطاعات أخرى مثل التعليم عبر الإنترنت وشركات إدارة الأملاك العقارية، وذلك في أعقاب كشف الصين عن تغييرات شاملة في البيئة التشريعية المتبعة في قطاع التكنولوجيا، وأفضل ما يعبر عن هذه الضغوط بشكل واضح هو رصد مؤشر "ناسداك جولدن دراجون تشاينا" الذي يتتبع أداء أكبر 98 شركة صينية مدرجة في البورصة الأمريكية منذ 2004.

 

 

كتب "أوليفر جونز"، كبير اقتصاديي الأسواق في "كابيتال إيكونوميكس" في مذكرة إلى عملاء الشركة: "يمكن القول إن الأحداث الأخيرة تسلط الضوء على أن السلطات – يقصد الصينية - أكثر استعداداً لإزعاج المستثمرين سعياً لتحقيق أهدافها السياسية – يقصد الحرب الغربية الصينية – الآن وبرغبة أشد مما كانت عليه قبل بضع سنوات، لذا من الصعب تحديد ما سيحدث بعد ذلك، ولكن على العموم يبدو أن مخاطر الهبوط على الأسهم قد زادت".

 

حاملو الأسهم يهربون

 

بدأ بعض كبار المستثمرين في الأسهم الصينية بالفعل في تسييل وبيع أسهمهم، مثلاً خفضت شركة الاستثمار "آرك إنفيست" حيازاتها من الأسهم الصينية إلى أقل من 0.5٪ يوليو الجاري مقابل أعلى مستوى لها عند 8٪ في فبراير الماضي.

 

أسهم شركات مجموعة "تال للتعليم" و"نيو أورينتال" وكذلك "جاو تو تيك" المحدودة، ثلاث شركات من أكبر شركات الصين العاملة والمتخصصة في قطاع التعليم باستخدام التكنولوجيا الحديثة، كلها هبطت بما لا يقل عن 26% في الخامس والعشرين من يوليو إضافة إلى خسائرها في اليومين السابقين له.

 

خسائر الأسهم الصينية المتخصصة في قطاع التعليم في البورصة الأمريكية

السهم

قيمة الخسارة بين فبراير ويوليو 2021

السعر في 16 فبراير

السعر في 27 يوليو

التغير(%)

جاو تو تيك

96 دولار

2.5 دولار

%97

تال

80 دولار

5.5 دولار

%93

نيو أورينتال

18 دولار

1.9 دولار

%89

 

حيث قرر المنظمون في الصين أن الشركات التي تقدم خدمات تعليمية خاصة لا يمكنها طرح أسهمها للاكتتاب أو جمع رؤوس الأموال بل والأغرب هو وضع قاعدة بأن الشركات التي ترغب بالعمل في هذا القطاع عليها أن تكون غير هادفة للربح!

 

هذا الإجراء الصادم يعني محو 120 مليار دولار تمثل القيمة السوقية للشركات المدرجة بالبورصات في الصين وهونج كونج والولايات المتحدة، والتي تعمل في قطاع التعليم عن بعد الصيني، إضافة إلى خسائر أخرى أكبر لكنها غير معلومة لأنها تخص الشركات غير المدرجة.

 

كما تم حظر دخول رأس المال الأجنبي للقطاع، وهذا يعني ضربة كبيرة ومفاجئة للشركات التي دخلته بالفعل وأنفقت المليارات على هذه الشركات مثل الشركة السنغافورية الحكومية "تيماسك"، وطالبت السلطات من الشركات المخالفة للقواعد الجديدة أن توفق أوضاعها في أقرب وقت.

 

بريطانيا تدخل المشهد

 

ووفقا لوكالة "بلومبرغ" التي علمت من مصادر لم تسمها في السادس والعشرين من يوليو، أشارت إلى خطط للحكومة البريطانية نحو المضي قدماً في مشروعها النووي الكبير "سايزويل سي" دون تمويل صيني، وأن المحطة النووية المقترحة التي تبلغ تكلفتها 20 مليار جنيه إسترليني (27.5 مليار دولار) شرق إنجلترا، لا تزال خطة إنشائها ذات جدوى، لكن الحكومة البريطانية تقوم حالياً باستكشاف سُبل لاستبعاد شركة الطاقة النووية الصينية الحكومية CGN من جميع المشاريع المستقبلية في السوق البريطاني، مع العلم أن CGN تتولى مسؤولية 20% من أعمال بناء وتطوير المشروع.

 

 

وصرحت السفارة الصينية في لندن في بيان ردا على هذه المعلومات الخطيرة: "شركات الطاقة النووية الصينية لديها تكنولوجيا حديثة وقدرات استثمارية قوية، إذا كان لهذا التعاون أن يُعلق بالإكراه، فإن ذلك سيكون ضد مصلحة بريطانيا".

 

اتجاه عام متشائم

 

في حالة القيام بحساب الخسائر الإجمالية المتراكمة جراء الإجراءات التنظيمية الأخيرة والمعاناة التي تواجهها الشركات الصينية في الداخل والخارج، ستتجاوز هذه الخسائر حاجز التريليون دولار منذ نوفمبر حين بدأت أولى هذه الحملات بمنع "آنت جروب" التابعة لـ "علي بابا" من الطرح العام الأولي لها، مؤشر "هانج سينج تيك" المخصص لقياس أداء أكبر 30 شركة تعمل بقطاع التكنولوجيا ومدرجة في بورصة هونج كونج هبط بمقدار يزيد على 40% من فبراير حتى يوليو الجاري.

 

أداء الشركات التكنولوجية الصينية المدرجة في هونج كونج

مؤشر هانج سينج تك         

16 فبراير 2021

26 يوليو 2021

التغير (%)

10945 نقطة

6294 نقطة

%42

 

كانت هناك تأثيرات أخرى خارج البورصات، صعدت سندات الخزانة مع صعود الدولار والين الياباني، مع سعي المستثمرين للملاذات الآمنة في ظل حالة عدم اليقين والتوتر الجارية مؤخراً داخل الصين، ارتفع كذلك العائد على السندات الحكومية الأكثر تداولاً في الصين لأجل 10 سنوات بسبع نقاط أساس إلى 2.94٪، وهو أعلى مستوى في عام، وانخفض اليوان في تداولات خارج الصين بنسبة تصل إلى 0.6٪ إلى 6.52 للدولار الواحد.

 

يقول "لي كون كون"، من شركة "جويوان" للأوراق المالية، معلقاً على الشائعات التي انتشرت بين المتداولين والمستثمرين: " بالرغم من أننا لا نستطيع التحقق مما إذا كان ذلك صحيحا أم لا، إلا أن السوق تخشى أن يتدفق رأس المال الأجنبي إلى خارج سوق الأسهم والسندات الصينية على نطاق واسع، ومن ثم فإن المعنويات تضررت بشدة".

 

*سعر سهمي "علي بابا" و"جيه دي" بالدولار الأمريكي – بورصة ناسداك

**سعر سهمي "ميتوان" و"تنسنت" بدولار هونج كونج – بورصة هونج كونج

 

هل هذا الوضع مؤقت أم طويل الأجل؟ من الشواهد والمعلومات المتوفرة يبدو أن الاتجاه الحالي للسلطات الصينية والنهج المتشدد الحاصل في الشهور الأخيرة سوف يستمر لفترة أطول، بدليل إجراء تعديلات تشريعية عميقة في وقت قصير وفرضها على الشركات أصحاب المصلحة المخاطبة بهذه التشريعات.

 

وكل مكونات هذا المشهد الصيني المحلي الذي يتسم بتلبد الغيوم وعدم اليقين، مرتبط أيضاً ارتباطاً مباشراً بالمشهد الدبلوماسي الخارجي الذي يشهد مباراة قتالية واشتباكاً عنيفاً - حتى وإن كان غير معلن - بين واشنطن، بروكسل، لندن من ناحية، وبكين وموسكو من ناحية أخرى.

 

حالة الاشتباك الصامت في الخارج هذه تغذي حالة عدم اليقين الداخلية، ولن تهدأ الأمور وتعود لطبيعتها في الشركات والأسهم الصينية قبل أن يعود كلا العاملين الخارجي والداخلي إلى الوضع السابق قبل نوفمبر 2020، وهو الأمر غير المرجح على الأقل في الأجلين القصير والمتوسط.

 

المصادر: أرقام - بلومبرغ – وول ستريت جورنال – بورصة هونج كونج – بورصة ناسداك

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.