لا تعد التكنولوجيا السبب الرئيسي لنمو الإنتاجية كما يظن الكثيرون، فلو كان الأمر كذلك لما شهدت بعض أكثر الاقتصادات تقدماً معدلات نمو منخفضة، ولكنها بمثابة الوقود المغذي لذلك النمو.
وتعد محدودية وتنافسية سوق العمل الشرارة التي توقد ذلك النمو وتدفعه للتزايد، لأن الشركات عادة بحاجة إلى استخدام التكنولوجيا بصورة أفضل عندما يكون تغيير موظفين جدد غير ممكن.
وفي التالي، تفسير لذلك، وكيف أن محدودية وتنافسية سوق العمل فرصة ومخاطرة في نفس الوقت.
كيف تدفع محدودية وتنافسية سوق العمل نمو الإنتاجية بجانب التكنولوجيا؟ |
|
النقطة |
التوضيح |
تفسير كون محدودية سوق العمل شرارة نمو الإنتاجية
|
غالباً ما يكون من الأسهل على الشركات الاستمرار في النمو مع التوظيف التدريجي لفرد تلو الآخر.
عندما تكون أسواق العمل محدودة، ويتجاوز نمو الأجور الحدود المستهدفة على المدى الطويل، فإن الشركات ستواجه ضغوطًا هبوطية على هامش أرباحها خسائر مع نمو الإيرادات.
هذا الضغط من شأنه أن يجبر المديرين التنفيذيين والعاملين على تبني التكنولوجيا المتاحة لديهم والاستفادة منها بشكل أفضل، بدلاً من اللجوء إلى سوق العمل المكلف للحصول على عمالة إضافية.
فزيادة محدودية سوق العمل تؤدي إلى صعوبة التوظيف، الذي يحفز إنتاجية الاقتصاد.
|
وقود نمو الإنتاجية عالمي.. ولكن الشرارة محلية
|
في حين أن التكنولوجيا - التي تعد بمثابة الوقود - يمكنها أن تنتشر في جميع أنحاء العالم من خلال التجارة وسلاسل القيمة العالمية، فإن ظروف سوق العمل - والتي هي بمثابة الشرارة للتوجه إلى استخدام تلك التكنولوجيا - هي في النهاية محلية فقط، مما ينتج عنه تباين نمو الإنتاجية بين البلاد ذات القدرات التكنولوجية المتماثلة.
تحدث المحدودية أو الوفرة بأسواق العمل، كنتيجة ثانوية لديناميكيات دورية قوية (مثل مدى الانتعاش الاقتصادي الحالي)، أو نتيجة التنظيم الهيكلي لأسواق العمل المحلية، أي تتمتع الاقتصادات بقدرات مختلفة عندما يتعلق الأمر بتسخير العلاقة بين محدودية سوق العمل ونمو الإنتاجية.
مثلاً، بالمقارنة بين أوروبا وأمريكا (اقتصادان متقدمان قائمان على التقدم التكنولوجي الهائل)، تستطيع الولايات المتحدة الاستفادة من محدودية سوق العمل، لأن الافتقار إلى العمالة السهلة يجبر بالفعل الشركات على الاستثمار والابتكار، ولن يدعم ذلك سرعة النمو فحسب، بل سيسمح أيضاً للعمال بالمطالبة بحصة متزايدة من الإنتاج.
بينما في أوروبا، يكون الانتعاش أكثر تواضعاً وسوق العمل أقل مرونة، مما يجعل التسابق للحصول على العمالة أقل احتمالاً.
إذا استطاعت أوروبا حماية سوق العمل فقط بدون توفير المرونة له، فإن فجوة التعافي مقابل الولايات المتحدة سوف تتسع، لأن شرارة اعتماد واستخدام التكنولوجيا بشكل أفضل ستكون أقل تأثيرًا.
|
الموازنة بين مخاطر وفوائد محدودية سوق العمل
|
يمكن أن يأتي تجاهل فوائد محدودية سوق العمل على حساب صانعي السياسات والمديرين التنفيذيين، فمثلاً الاقتصاد الأمريكي وهو في طريقه إلى تحقيق ناتج أعلى في عام 2024 بالمقارنة مع توقعاته السابقة قبل الجائحة، بسبب الحوافز المالية القوية والمستمرة، أدى إلى النظر إلى العودة السريعة لمحدودية سوق العمل على أنها تهديد تضخمي.
أصبحت هناك مخاوف بشأن دوامة وشيكة لأسعار الأجور، مما سيؤدي لاختناق دورة الاقتصاد، بمجرد اضطرار الاحتياطي الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة للسيطرة على نمو الأسعار.
تمثل فوائد الاقتصاد النشط فرصة للاقتصاد الكلي بقدر ما تمثل تهديداً له، ويجب دائماً الموازنة بينهما، وجزء من هذا التوازن هو الاعتراف بأن محدودية أسواق العمل تدفع نمو الإنتاجية، وبالتالي يمكنها توسيع قدرة الاقتصاد، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تضييق الفجوة المخيفة بين توقعات النمو السابقة وتلك التي يتجه نحوها الاقتصاد، حتى مع بقاء النشاط الاقتصادي قوياً.
يشابه موقف الشركات تجاه محدودية سوق العمل موقف صانعي السياسات، فالشركات التي تفشل في الانخراط في تبني التكنولوجيا واستخدامها، شأنها شأن صانعي السياسات الذين يضعون حداً لدورة اقتصادية نشطة قبل أن يكتشفوا فوائدها.
ستكون النتيجة الأقوى على الأرجح عند تبني فوائد سوق العمل المحدود إلى جانب مخاطره.
|
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}