على الرغم من أنها لا تزال في البدايات، لكن بدأ البعض داخل ردهات مراكز صنع القرار ومراكز الفكر والأبحاث وكذلك الشركات الكبرى في عواصم العالم في اعتبارها – أى الـ 5G - شيئا من الماضي، وأصبح كبار اللاعبين في الصناعة مشغولين بالفعل بالعمل على التقنية الأحدث منها والاستعداد للمعركة القادمة: الجيل السادس.
مؤخراً تم رصد إعلان وظائف نشرته شركة "آبل" الأمريكية، تبحث فيه عن مهندسي أنظمة الأبحاث اللاسلكية اللازمة للجيل السادس من الاتصالات والتكنولوجيا الخلوية، وذلك بعد أشهر قليلة من ظهور جوالات أيفون في قائمة الأجهزة القادرة على التقاط ترددات الجيل الخامس، فى دلالة على الاستعداد المبكر لشركة عملاقة مثل"أبل" لهذه المعركة الكبيرة.
فى 2019 شهد العالم أول استخدام لشبكة الاتصالات من الجيل الخامس فى كوريا والولايات المتحدة واللتين كانتا أولى بلدان العالم تطبيقا للـ 5G على نطاق تجاري واسع، تلى ذلك انتشار واسع النطاق حول العالم لهذه الشبكات وصل إلى 179 شركة مُشغلة فى حوالي 84 ألف نقطة جغرافية لتوصيل الشبكة إلى كافة أنواع الأجهزة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت.
وما أن استقرت عمليات تركيب الجيل الخامس وحُسمت الصفقات والعقود وانقشع غبار الصراعات والمنافسة بين الشركات، حتى بدأت ملامح صراع جديد تتشكل فيما يمكن تسميته "حرب الاتصالات الجديدة" والمقصود بها الجيل السادس الذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله فى عام 2030، لكن لمن ستكون الهيمنة فى هذا القطاع؟
الشركات التى تقود قطاع الاتصالات العالمي حتى 2020 |
||
الترتيب |
الشركة |
الدولة |
1 |
سامسونج |
كوريا |
2 |
هواوي |
الصين |
3 |
إل جي |
كوريا |
4 |
إريكسون |
السويد |
5 |
كوالكوم |
أمريكا |
6 |
نوكيا |
فنلندا |
7 |
زد تي إي |
الصين |
8 |
إن إى سي |
اليابان |
9 |
فيرزون |
أمريكا |
10 |
أورنج |
فرنسا |
11 |
إيه تي أند تي |
أمريكا |
12 |
سيسكو |
أمريكا |
يقول"جون بيرن" محلل الاتصالات في شركة الأبحاث "جلوبال داتا": "أمامنا طريق طويل لنقطعه، سيكون عام 2030 هو موعد بناء المنتجات الفعلية لما يمكن أن نسميه الجيل السادس للاتصالات"، في أكتوبر 2020، شكل التحالف من أجل حلول صناعة الاتصالات، وهو أشبه بمنتدى أو حلف مقره واشنطن، باسم Next G alliance أي تحالف الجيل القادم من شبكات الاتصالات وهي مشتقة من 4G,5G,6G.
التحالف يضم شركات عملاقة مثل "إيه تي & تي"و"فيسبوك"و"كوالكوم"و"تي موبايل" و"سامسونج"، ويهدف الحلف إلى تعزيز الهيمنة والريادة الأمريكية أو الغربية على حساب الصين في سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العالمي بصفة عامة، والتمهيد بصفة خاصة للصراع على الجيل القادم من الاتصالات، وذلك عبر توحيد جهود الشركات الأمريكية وحليفاتها فى كوريا واليابان وأوروبا بدءاً من الأبحاث والتطوير مروراً بالتصنيع ، وصولاً إلى النزول للأسواق.
تقول"سوزان ميلر" الرئيسة والمديرة التنفيذية للتحالف: "مع إحراز العديد من الدول حول العالم لتقدم ملموس فى البحث والتطوير بخصوص صناعات الجيل السادس للاتصالات، من الأهمية بمكان أن تتقدم الصناعة في أمريكا الشمالية لتطوير خارطة طريق تعاونية بين كبار اللاعبين لتعزيز مكانة الولايات المتحدة كقائدة عالمية على مدى العقد المقبل".
المؤشر |
الجيل الثالث |
الجيل الرابع |
الجيل الخامس |
السرعة (ميجا بايت / الثانية) |
1 – 7 |
حتى 50 |
حتى 1000 |
المدة (مللي ثانية) |
100 – 500 |
50 – 100 |
1 – 10 |
القدرات القصوى |
استخدام خفيف للإنترنت على الهواتف المحمولة |
- استخدام كثيف للإنترنت على الهواتف المحمولة - مشاهدة أونلاين - التواصل الاجتماعي |
- الواقع الإفتراضي - الرعاية الصحية - تشغيل الآلات - المدن الذكية |
بايدن – سوجا
فى أبريل الماضي عقدت قمة أمريكية يابانية فى واشنطن مع زيارة رئيس وزراء اليابان "يوشيهيدي سوجا" للبيت الأبيض، جرى مناقشة مسألة الصراع فى صناعة الاتصالات بين الولايات المتحدة، اليابان، أوروبا، كوريا من ناحية والصين من ناحية أخرى، المسألة تشغل بال قادة الدول الغربية للدرجة التى وضعت هذه المسألة على جدول أعمال القمة.
الحكومات الغربية تريد أن تستمر بالمنافسة فى السوق وفى نفس الوقت تحافظ على أمنها القومي وقواعد بياناتها وحماية منشآتها وبنيتها التحتية الحيوية من أي قرصنة أو اختراق أجنبي من الصينيين أو الروس، وهو ما يعني ضرورة حشد كافة القدرات والموارد محلياً بين الشركات الأمريكية وبعضها، وعالمياً بين الشركات الأمريكية ونظيرتها الأوروبية، اليابانية والكورية.
الطلب المستقبلي
اليوم، شبكة الجيل الخامس تؤسس البنية التحتية الصلبة واللازمة لمستقبل إنترنت الأشياء وتطبيقات الذكاء الصناعي وتحديثات الأتمتة وتقديم حلول الرعاية الصحية المتقدمة وكذلك المدن الذكية، كل هذا رائع ولكن بالنظر إلى الطلب على الاتصالات فى المستقبل وما يمكن أن يحتاجه البشر خلال عشر أو عشرين عاما فإن الجيل الخامس لن يكون كافياً.
حتى بالسرعات المُحسنة والقدرات المضاعفة بالمقارنة بالجيل الرابع، شبكات الجيل الخامس لن تكون كافية للعديد من الاحتياجات المتوقعة، ومن المرجح أن بعض التطبيقات فائقة التقدم لن تكون ذات جدوى في ظل وجود الأجيال الحالية من تقنيات شبكات الاتصال مثل الاتصالات الثلاثية الأبعاد والتطبيقات المتطورة للذكاء الصناعي.
كما أن الإدارة الذكية والفعالة للمدن فى المستقبل وكذلك أنظمة البنية التحتية والأمن والطاقة والخدمات، كلها ستحتاج إلى عدد متزايد من الأجهزة والماكينات المتصلة ببعضها عن بُعد والمرتبطة بغرف العمليات المركزية ومنتشرة في الشوارع والأزقة والطرق والمؤسسات والمصالح الحكومية والخاصة، كل هذا يعني طلباً مرتفعاً على الاتصالات السريعة لكي تؤدي خدماتها بكفاءة.
أهمية الاختراق المبكر
التهديدات والمخاطر على المستوى الاقتصادي والجيوسياسي دائما ما تكون مرتفعة للغاية عندما يتعلق الأمر بقطاع تكنولوجي حيوي مثل قطاع الاتصالات، لذا فالاختراق مبكراً للسوق والدخول للمنافسة بل وتلجيمها ثم قيادة السوق يوفر ميزة كبيرة للدولة صاحبة هذا الإنجاز.
هناك سابقة تاريخية لفكرة "الاختراق المبكر للسوق"، فعلتها الولايات المتحدة قبل نحو عشرة إلى خمسة عشر عاماً حين نجحت فى تطوير التقنيات الضرورية لشبكات الجيل الرابع مما مهد الطريق لصناعة التكنولوجيا الأمريكية نحو الازدهار والهيمنة العالمية وأخذت مكانة رائدة فى "اقتصاد التطبيقات وتكنولوجيا المعلومات" من حينها إلى الآن.
كيفية الهيمنة؟
وفقاً لدراسات مراكز الأبحاث الأمريكية مثل CSIS، فإن الضجيج المحيط بتقنيات الجيل الخامس يجعل البعض يظن أن هذه الحرب مستمرة إلى الأبد ولكنها ستنتهي قريباً جداً، ولذا فالحاجة الملحة الآن هي التركيز على التخطيط لتقنيات الجيل السادس وتجميع الموارد للنجاح فى المعركة القادمة عبر صياغة إستراتيجية الـ 6G وذلك عن طريق ما يلي:
أولا: خلق وجذب المواهب هو أمر جوهري في هذا الصراع.
يرى الباحثون أن الوقت المناسب للاستثمار فى الجيل الجديد من التقنيين والفنيين ورواد الأعمال هو الآن، وبما أن هذه الحرب لا تزال فى ساحات البحث والتطوير ولم تنزل للسوق بعد، فإن الاستثمار يجب أن يبدأ بالموارد البشرية فى تخصصات: علماء المواد، الفيزيائيين، مصممي الرقائق الإلكترونية، مهندسي الكهرباء وخبراء الطاقة.
فى هذا الإطار ولخطورة مسألة العناصر البشرية والكفاءات، وجه اتحاد "صناعة تكنولوجيا المعلومات" الأمريكي خطاباً إلى الرئيس "جو بايدن" يقول فيه إن الولايات المتحدة تواجه نقصاً كبيراً فى العمالة الماهرة اللازمة لتركيب شبكات الاتصالات ومن دون قوة عاملة مُدربة جيداً، فالصين سوف تستغل ذلك لصالحها، ويحث الرئيس الأمريكي على دعم القطاع.
هذا لو حدث فلن يضر فقط الولايات المتحدة على مستوى شبكات الجيل الخامس بل وأيضا سوف تتآكل قدرتها التنافسية على الجيل السادس قبل أن تبدأ معركته، وهكذا تظهر الحاجة إلى إصلاح التعديلات التشريعية التى أجرتها الإدارة السابقة لـ"ترامب" على قوانين الهجرة التى حدت كثيراً من جاذبية الشركات الأمريكية للمواهب والعناصر المتميزة.
ثانيا: تقوية شبكات سلاسل الإمداد والتوريد والعمل مع شركاء يمكن الاعتماد عليهم.
الأزمة الأخيرة فى الرقائق وأشباه الموصلات أثارت الكثير من الحنق والغضب داخل المجتمع الأمريكي بشكل عام وفي مجتمع الصناعة بشكل خاص حول ضرورة استعادة التفوق الصناعي الأمريكي بأي ثمن ومهما كلف الأمر، لذا يجب صياغة إستراتيجية مخططة بعناية لضمان وفرة المكونات التقنية فائقة التطور.
في هذا الإطار، هناك مشروع عملاق ومثير للاهتمام والدراسة يجدر الإشارة إليه، هو ما أطلق عليهSAHARA، وهو مشروع بحثي يعمل على تطبيقات فائقة التقدم كنتاج للشراكة بين وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية "DARPA" التابعة للبنتاغون الأمريكي وشركة "إنتل"، وسيكون حصيلة إنتاجه مكونات أساسية تدخل فى صناعة الجيل السادس من الاتصالات والتي ستكون صناعة أمريكية خالصة.
الخلاصة أنه من الصعب توقع ما سيحدث خلال عشر سنوات من الآن، لكن مباراة الجيل السادس أقرب مما نظن وستكون أكثر شراسة وضراوة من سابقتها فى الجيل الخامس، فمراكز الفكر وصنع القرار فى "واشنطن" تظن أنها تحذر وتدق ناقوس الخطر فى توقيت مبكر وهو ما يعطي مُتخذ القرار فى الإدارة الأمريكية أو القطاع الخاص مساحة من الوقت كافية للتحرك بهذا الشأن.
لكن في المقابل فإن سرعة التحركات الصينية تؤكد أنه ليس تحذيراً مبكراً لأن "بكين" لا تقف صامتة، فقد شكلت بالفعل فرق عمل قبل عامين (2019) لدراسة كل ما يمكن اتخاذه للحفاظ على المكاسب والهيمنة الصينية التى تحققت فى مباراة الجيل الخامس لتستمر فى معركة الجيل السادس، وهو ما يعني أن النتيجة ستظل غير محسومة حتى آخر اللحظات فى هذه المباراة.
المصادر: أرقام – ستاندرد أن بورز جلوبال ماركت إنتلجنس – سي إس اي إس – داربا – اوكلا – رويترز – اوبين سيجنال – كومبانيز ماركت كاب – لجنة الإتصالات الفيدرالية الأمريكية – تحالف أتيس – ذا ديبلومات – وول ستريت جورنال.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}