نبض أرقام
10:06 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21
2024/11/20

أولى موجات البرد القارس تصل أوروبا هذا الأسبوع .. ما المتوقع في ظل مخزونات منخفضة من الطاقة؟

2021/11/16 أرقام - خاص

منظومة الطاقة الأوروبية على وشك التعرض لاختبار عنيف الأيام المقبلة، وذلك مع توقعات بوصول أولى موجات البرد هذا العام الأسبوعين الجاري والمقبل وترجيحات بانخفاض درجات الحرارة لأقل من متوسطها المسجل في مثل هذا الوقت آخر أربعة أعوام، خاصة في مناطق جنوب فرنسا وإسبانيا وبعض مناطق ألمانيا وفقاً للعديد من شركات ومنصات مراقبة وتحليل الطقس وظروف المناخ.

 

 

تأتي هذه الأزمة في ظل انخفاض كبير في مخزونات الطاقة بمختلف أنواعها بالتزامن مع ارتفاع مستويات الأسعار لمستويات تاريخية وغير مسبوقة، مع تعنت روسي في رفع الإمدادات من الغاز بالقدر الذي تطالب به أوروبا، وليس هذا فحسب، فلم يتوقف الأمر عند المشكلات الاقتصادية والطاقاوية، بل شمل أيضاً مشكلات جيوسياسية بعد تهديد الرئيس البيلاروسي بوقف ضخ الغاز الروسي لأوروبا والمار عبر أراضيه.

 

وبينما أكدت روسيا رسمياً ومراراً على لسان مسؤوليها وأخرهم نائب وزير الطاقة "بافيل يوريفيتش سوروركين" الذي صرح قائلا: "روسيا تفي دائماً بالتزاماتها التعاقدية لناحية توفير الإمدادات لشركائها وستستمر بفعل ذلك"، لكن عقود الغاز استمرت في الارتفاع- والحديث هنا عن العقود الفورية أكثر من الآجلة- بمقدار 14% آخر أسبوع فقط و400% فوق المتوسط المسجل في أوقات ما قبل الجائحة.

 

 

في حين قامت "موسكو" بتعزيز إنتاجها من الغاز الطبيعي بمقدار 12% مقارنة بـ 2020، لكن البيانات المتوفرة لدى منصات استقبال الغاز في بولندا وألمانيا وغيرها توضح أن الإمدادات ارتفعت في آخر أسبوعين بالفعل، لكنه ارتفاع أقل من المتوسط في مثل هذه الفترة من السنة، وكذلك هو ارتفاع لا يلبي المطلوب ولا يملأ المخازن الأوروبية المتعطشة لحمايتها من تقلبات الأسعار المستقبلية.

 

 

النرويج خارج الخدمة

 

من ناحية أخرى، وما زاد الأمر تفاقماً هو طول مدة صيانة الحقول النرويجية التي بدأت في الربع الثاني من العام الجاري بعد تأخيرات وتأجيلات عدة بسبب ضغوط الجائحة وقيود النقل والعمل في العام الماضي، وهو ما استلزم ضرورة التأجيل لـ 2021، لكن سوء الحظ أن عمليات الصيانة تزامنت مع أزمة نقص إمدادات وانخفاض إنتاجية توربينات الرياح ومشكلات كثيرة أخرى حالت دون وجود الغاز النرويجي للمساعدة في الإنقاذ.

 

 

المخازن فارغة!

 

أما بالنسبة للمخازن الأوروبية من الغاز المسال، فقد وصلت إلى أقل مستوياتها في عقد كامل، حيث وصلت درجة امتلاء هذه المخازن إلى 77% وهو مستوى منخفض للغاية مقارنة بما هو مفترض أن يكون عليه في مثل هذا الوقت من العام وهو ما يترك الدول الأوروبية الباردة أمام مخاطرة بالغة في حال اشتد برد الشتاء خاصة مع آثار سلبية وخيمة ومرجحة جراء التغير المناخي.

 

 

المصدران الأوروبيان تحت ضغط

 

العديد من الدول الأوروبية النشطة في مجال تصدير أنواع مختلفة من الطاقة بدأت تشعر بضغوط اجتماعية وسياسية لوضع قيود على الصادرات ومبيعات الخارج في ظل الأزمة الداخلية الحادة مع استمرار فورة الأسعار وميل التوقعات المستقبلية نحو ارتفاعات أكبر حتى مجيء فصل الربيع 2022.

 

نماذج لدول أوروبية تصدر مصادر متنوعة من الطاقة إلى الخارج

الدولة

نوع الطاقة المصدرة والوجهة

فرنسا

طاقة كهربائية إلى بريطانيا

صربيا

طاقة كهربائية إلى دول أوروبية مجاورة

النرويج

نفط وغاز مُسال إلى عملاء خارج أوروبا

أيرلندا

توربينات رياح تضخ إمدادات طاقة إلى بريطانيا

 

النظام الأوروبي ولوائحه لم تُختبر من قبل في أزمة طاقة من هذا المستوى طوال تاريخ الاتحاد، لكن في جزء من هذه اللوائح هناك قسم خاص بـ"مبادئ التضامن" ويمكن أن تستخدم رئاسة المفوضية الأوروبية هذه المبادئ لمنع وقوع أحد الأعضاء في أزمة نقص إمدادات تؤدي إلى تجمد مواطنيه في بيوتهم بينما ينعم أعضاء آخرون بفائض من الطاقة يسمح لهم بالتصدير والاستفادة من فورة الأسعار، وهذه الخسارة الاقتصادية أفضل كثيراً من خسارة أرواح الناس وعلى الأقل خسارة أصواتهم الانتخابية حين لا يجدون طاقة لإضاءة مصابيحهم وتشغيل تدفئتهم المنزلية وهو أمر يخشاه السياسيون كثيراً.

 

 

لماذا روسيا؟

 

شركة "جازبروم" الروسية الحكومية تقوم بإمداد أوروبا بُثلث استهلاكها من الغاز في 2020، وبينما تقلل أوروبا من استثماراتها بالهيدروكربون فإنه من المتوقع أن تزداد حصة النفوذ الروسي على الأجل القصير بداخل منظومة الطاقة الأوروبية خاصة مع إغلاق العديد من حكومات "بروكسل" لأنشطة الفحم وتقييد حركتها وعملياتها حمايةً للبيئة من التغير المناخي.

 

الغاز الروسي متوفر دائما، ومسألة الوفرة هنا مهمة، كما أنه الأرخص على الإطلاق بين كافة منافسيه ونظرائه، وبجانب تقييد نشاط الفحم تقوم العديد من القوى الأوروبية بإغلاق وكبح نمو المفاعلات النووية مثل ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي، وبالتالي فإن أوروبا تفتت بنفسها الأدوات والأسلحة التي كان من المفترض أن تستخدمها لتقوية موقفها التفاوضي مع الجانب الروسي على إمدادات الغاز.

 

 

 

إذن المحصلة النهائية، أوروبا أمام احتمالين: أن يكون الشتاء قارساً فتكون تحت رحمة الغاز الروسي حرفياً وبشكل كامل دون أي أداة تملكها لتحسين موقفها التفاوضي والتجاري مما ينذر بأزمات كبيرة مثل كبح التعافي الاقتصادي بعد الجائحة ورفع تكاليف الإنتاج ومستويات التضخم والتأثير على شعبية الحكومات والحياة الحزبية والسياسية في العديد من بلدان أوروبا، أما الاحتمال الثاني فهو أن يكون الشتاء أقل برودة مما هو متوقع وبالتالي تجري الأمور بسلاسة وانسيابية أفضل قليلاً من السيناريو الأول.

 

المصادر: أرقام – بلومبرج– أويل برايس– رويترز– fxempire.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.