أعلنت الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب في سلسلة من التقارير الصادرة مؤخرا، أن جائحة إنفلونزا، مماثلة لتلك التي ضربت العالم عام 1918، قد تكون أسوأ من جائحة "كوفيد-19"، وأنّ العالم غير مهيّأ للتعامل معها.
وأوصت التقارير بأن يبدأ العمل على تطوير لقاحات الجيل التالي، وبناء القدرات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل كي تتمكن من تصنيع لقاحاتها الخاصة من دون الاعتماد على الدول الغنية لإمدادها بها.
كما تحتاج الحكومات إلى التأكد من أنّ الشركات لديها حوافز للعمل على هذه اللقاحات من دون معرفة ما إذا كان سيتم استخدامها أو سيكون هناك حاجة إليها.
وأشارت الأكاديمية، وهي هيئة مستقلّة تقدّم المشورة للحكومة الفيدرالية الأمريكية بشأن مسائل الطب والصحة، إلى أنّ جائحة كوفيد-19 كانت مروعة، في بداية التقارير.
وجاء في التقرير: "ومع ذلك، من منظور وبائي، لا يمثل كوفيد-19 السيناريو الأسوأ لجائحة، على غرار جائحة الإنفلونزا 1918- 1919، التي أدت إلى وفاة ما لا يقل عن 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم".
ووفق منظمة الصحة العامية فإنّ الإنفلونزا، في سنة طبيعية، تتسبّب بوفاة بين 290 و 650 ألف شخص سنويًا، بينما أدّت جائحة كوفيد-19 إلى وفاة 5.1 مليون شخص على مستوى العالم. وتوقّعت الأكاديمية أنّ تتسبب جائحة الإنفلونزا المرتقبة بوفاة 33 مليون شخص.
ومن الصعب التكهّن بموعد جائحة الانفلونزا الجديدة، لكنّ ما هو مؤكّد أنها ستقع.
وأشار التقرير إلى: "أنّ جوائح الإنفلونزا وقعت بشكل متكرر، ويخشى الخبراء من أن خطر انتشار جائحة الإنفلونزا قد يكون أعلى في عصر كوفيد-19 بسبب التغيرات الطارئة على الأوضاع العالمية والإقليمية التي تؤثر على البشر، والحيوانات، وأنماط التخالط بينهما. وفي حين يصعب التنبؤ بموعد حدوثها، فإن المهم هو متى ستقع جائحة الإنفلونزا، أكثر من إذا وقعت".
وتتمثّل التوصية الرئيسة بـ"إطلاق" عالمي لتطوير لقاح عالمي مضاد للإنفلونزا يحمي الناس من سلالاتها الحالية والمستقبلية.
ويجب إعادة تعديل لقاحات الإنفلونزا الحالية بانتظام، سنويًّا، إذا أنها لا تحمي من المتحوّرات الجديدة التي تؤدي إلى الجائحة. ويحتاج ذلك إلى تنسيق على نطاق عالمي.
وجاء في أحد التقارير: "لدينا الكثير من الفجوات، مردّ معظمها إلى تدابير موضوعة غير مموّلة أو غير رسمية. نحن بحاجة ماسة إلى تعزيز دفاعاتنا الجماعية ضد الإنفلونزا الوبائية ويجب أن نفعّل ذلك بطريقة مستدامة".
ويوصي أحد التقارير بوجود 4 إلى 8 مليارات جرعة من لقاح الإنفلونزا جاهزة للاستخدام في حال وقعت الجائحة.
وقال الدكتور فيكتور دزاو، رئيس الأكاديمية الوطنية للطب، في بيان: "يجب أن يكون الاستعداد التزامًا مستمرًا، فلا يمكن أن يكون من عام لآخر، أو من أزمة لأخرى".
وأضاف دزاو: "لقد أتاح كوفيد-19 ظهور قدرات، وتقنيات، وتعاون، وسياسات جديدة يمكن نشرها أيضًا قبل وأثناء جائحة الإنفلونزا القادمة. من المهمّ الاستثمار في العلوم وتعزيز النظم الصحية وضمان الثقة من أجل حماية الناس من العواقب الصحية والاجتماعية، والاقتصادية، للإنفلونزا الموسمية والوبائية".
ويوصي أحد التقارير على وجه التحديد بأن يقوم المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، وهيئة البحث والتطوير الطبي الحيوي المتقدم، ووزارة الدفاع والوكالات الأخرى بالاستثمار في البحث الآن عن لقاحات جديدة وأفضل للإنفلونزا.
وجاء في التقرير: "سيسمح هذا باختيار اللقاحات المرشحة الأكثر ملاءمة للهدف ريثما يطلب الترخيص لها وإنتاجها وتوزيعها على نحو كافٍ بهدف تحسين السيطرة على الإنفلونزا في مختلف البيئات ومراحل الجائحة".
وذكر التقرير أنه "يجب على منظمة الصحة العالمية الدعوة والتنسيق مع أصحاب المصلحة متعددي الطرف (على سبيل المثال، التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة)، والحكومات، ووكالات التمويل، وصناعة اللقاحات، والمنظمات الخيرية، من أجل بناء قدرة عالمية قوية، وقابلة للمقارنة دوليًا في المرحلة ما قبل السريرية والسريرية، والتقويمات المناعية للقاحات الإنفلونزا المرشحة، وأهدافًا، وأنظمة توصيل مبتكرة لتوسيع نطاق الحماية أو تحسينها ".
ويشير أحد التقارير إلى أن جائحة كوفيد-19 أظهرت أن ارتداء الكمامات والمحافظة على المسافة الجسدية، ساهمت في الحد بشكل كبير من نشاط الإنفلونزا على مستوى العالم.
وأضافت الأكاديمية في بيان أنّ "الكمامات ستكون بسيطة وفعّالة من حيث التكلفة خلال جائحة الإنفلونزا القادمة، ويجب على وكالات الصحة العامة فرض استخدامها، عندما تبرر ذلك خطورة الإصابة بالإنفلونزا ومعدل حدوثها".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}