"راهن على الفارس وليس الحصان".. عبارة ربما تكررت على مسامع الناس حد الملل، وهي تستخدم عادة في أسواق المال للإشارة إلى أهمية أن يركز المستثمر على الفريق الإداري للشركة أكثر من نموذج أعمالها. وتنطبق هذه العبارة أكثر ما تنطبق على صناديق الاستثمار العقارية المتداولة المعروفة اختصارًا باسم صناديق الريت.
في صناديق الريت، الإدارة هي عمود الخيمة حرفيًا، حيث إنها تضطلع بمسؤولياتها كمالك للأصول العقارية الموجودة بمحفظة الصندوق، بداية من العثور على مستأجر وتحصيل الإيجار والعناية بالإصلاحات والحفاظ على استقرار الميزانية العمومية ووصولًا إلى إرسال توزيعات الأرباح لمساهمي الصندوق.
وفي ظل اضطلاعها بهذا الكم من المسؤوليات، يمكن للإدارة السيئة، ضعيفة الخبرة أو الكفاءة أن تدمر قيمة المحفظة العقارية للصندوق وبالتبعية ثروة ملاك الوحدات، وفي الوقت نفسه يمكن للإدارة الجيدة أن تعظم من قيمة الصندوق ومن أرباحه.
ولذلك يجب أن يدرك المستثمر حين يحاول المفاضلة بين الصناديق المتاحة في السوق ألا يضع أمواله في محفظة عقارية فقط، بل يضعها أيضًا في يد إدارة ستديرها بالنيابة عنه، ومن بين أهم طرق تقييم الفريق الإداري، هو تقييم الكفاءة التشغيلية للصندوق.
كيف يعمل الصندوق؟
أول سؤال بديهي يطرأ على بال أي مستثمر يفكر في وضع أمواله في صندوق ريت، هو "كيف يعمل هذا الصندوق؟".. نحن نعلم أن الصندوق هو عبارة عن كيان قانوني يمتلك محفظة عقارية تولد دخلًا من الحصيلة الإيجارية للعقارات الموجودة ضمن المحفظة، ولكنّ هناك تنوعًا كبيرًا في الاستراتيجيات الاستثمارية التي يمكن لإدارة الصندوق اتباعها، وكذلك هناك تنوع في القطاعات العقارية التي يمكنها العمل فيها.
معظم صناديق الريت تميل للتخصص في قطاع أو اثنين في السوق العقاري، فقد تركز على الفنادق أو المساحات المكتبية أو المجمعات السكنية أم مرافق الرعاية الصحية وما إلى ذلك، وفي الوقت نفسه، نجد اختلافًا في طريقة حيازة كل صندوق للعقارات الموجودة ضمن محفظته، فبعض الصناديق تقوم بتطوير مبانٍ جديدة من الألف إلى الياء، وبعضها يقوم بشراء مبانٍ قائمة.
الاستثمار في الريت هو استثمار في محفظة من الأصول العقارية، ولذلك يجب أن يدرس المستثمر جيدًا خصائص هذه المحفظة قبل أن يقدم على الاستثمار في الصندوق، وأول هذه الخصائص هي حجم المحفظة العقارية، يقاس حجم المحفظة بعدد المباني والعدد الإجمالي للأقدام المربعة، وكلما كبر حجم المحفظة زادت إمكانات التنويع، ولكن هذا في الوقت نفسه يعني زيادة صعوبة إدارتها ودفعها للنمو.
ثاني الخصائص التي يجب أن ينتبه إليه المستثمر حين يحاول تقييم محفظة الصندوق هي التوزيع الجغرافي للأصول العقارية، بعض الصناديق تركز على مناطق وأقاليم محددة في البلاد، وفي أسواق ذات أحجام معينة كأن تفضل مثلًا المدن الصغيرة على الكبيرة، فإذا كان هناك تركيز كبير على مناطق أو أسواق معينة فيجب على المستثمر تقييم نقاط قوة ونقاط ضعف هذه الاستراتيجية.
جودة الأصول العقارية ذاتها تعد أيضًا واحدة من أهم الخصائص التي تميز أي محفظة عقارية، الأصول العقارية تضم بشكل عام ثلاث فئات هي "A" و"B" و"C"، حيث تعبر "A" عن الأصول الأعلى جودة و"C" عن الأقل جودة، بعض الصناديق تفضل التركيز على فئة واحدة من الثلاث وبعضها يستخدم مزيجًا من الثلاث.
وبالمناسبة، وجود محفظة عقارية تركز بشكل أساسي على الفئة "C" لا يعني بالضرورة أنها سيئة، بل على العكس قد تكون استراتيجية الصندوق هي شراء أصول منخفضة الجودة بسعر منخفض ثم تطويرها إلى أصول عالية الجودة.
تضم خصائص المحفظة العقارية أيضًا عنصرًا لا يقل أهمية عن العناصر السابقة وهي حالة الخدمة، وهذا يعني ببساطة النظر إلى المحفظة للوقوف على عدد المباني الموجودة بالفعل داخل الخدمة وجاهزة لتحقيق دخل إيجاري، فضلًا عن تلك التي لا تزال قيد التطوير.
مقاييس الأداء التشغيلي لصندوق الريت
هناك عدد من المقاييس الرئيسية المستخدمة في تقييم الأداء التشغيلي للمحفظة العقارية التابعة لأي صندوق ريت، وتشمل هذه المقاييس على سبيل المثال نسبة الإشغال ومعدل الشغور، ويتم حساب نسبة الإشغال عبر قسمة عدد الأقدام المربعة المشغولة على إجمالي عدد الأقدام المربعة التي يمتلكها الصندوق، فيما يحسب معدل الشغور عبر قسمة إجمالي المساحة غير المشغولة على المساحة الإجمالية.
نسبة الأشغال ومعدل الشغور يكملان بعضهما، فإذا كانت نسبة الإشغال 95% فإن معدل الشغور يبلغ 5%. ومعدل الشغور يمكن النظر إليه من زاويتين، فقد يشير إلى أصل ضعيف لا يحقق دخلًا إيجاريًا، وقد ينظر إليه على أنه فرصة لزيادة الدخل التشغيلي عبر تأجير المساحات الشاغرة.
من بين المقاييس المهمة أيضًا التي تستخدم في تقييم الأداء التشغيلي للصندوق أو محفظته العقارية هو مقارنة الإيجارات المتفق عليها مع المستأجرين الحاليين والتي عادة ما تكون طويلة الأجل مع متوسط الإيجارات في السوق، للوقوف على ما إذا كانت تلك الإيجارات أعلى أم أقل من الإيجارات السائدة حاليًا في السوق.
نتيجة هذا المقياس قد يكون لها أكثر من معنى، فإذا كانت إيجارات الصندوق قريبة من الإيجارات السائدة في السوق فهذا يعني أن إدارة الصندوق قامت بعمل جيد أثناء التفاوض على تلك العقود، ومع ذلك فإن هذا الوضع يترك فرصة صغيرة لنمو الدخل الإيجاري للصندوق.
من ناحية أخرى، إذا كانت الإيجارات الفعلية أقل بكثير من متوسط الإيجارات بالسوق، فهذا يعني أن الصندوق يمكنه تحقيق دخل أعلى من خلال فرض إيجارات أكبر على المستأجرين في المستقبل.
من المهم أيضًا الانتباه إلى القوة المالية للمستأجرين، والحديث هنا تحديدًا عن مدى قدرة المستأجرين على سداد التزاماتهم المالية، على سبيل المثال، إذا كانت هناك مساحة مكتبية مؤجرة لإحدى الشركات، وكانت هذه الشركة تمر بصعوبات مالية لأسباب لها علاقة بسوء أحوال القطاع الذي تعمل فيه، فبالتالي يصبح هناك شك في قدرة هذه الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية المنصوص عليها في عقد الإيجار.
في النهاية، هذه كانت نظرة سريعة على الخصائص والمقاييس التي يجب أن ينتبه إليها أي مستثمر يحاول المفاضلة بين صناديق الريت المتاحة في السوق، إذا أراد اختيار الصندوق الأفضل.
المصادر: أرقام
The Intelligent REIT Investor
Getting Started in Security Analysis
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}