نبض أرقام
07:29 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/12/18
2024/12/17

عملة "بريكس" .. تحدٍّ لهيمنة الدولار أم مجرد "دعاية سياسية"؟

2022/06/23 أرقام - خاص

أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" أمس تخطيط مجموعة "بريكس" الاقتصادية لإطلاق عملة احتياط دولية على أساس سلة عملات المجموعة وذلك في إطار تناول "بوتين" للخطوات التي تقوم بها موسكو للحد من هيمنة الدولار على الاحتياطيات النقدية الدولية من جهة ولتجاوز آثار العقوبات الغربية على بلاده من جهة أخرى.

 

وأثارت تصريحات "بوتين" تساؤلات حول إمكانية تحقق تصريحاته على أرض الواقع أم أنها مجرد تصريحات بغرض الدعاية في ظل تصاعد الضغوط الغربية على الاقتصاد الروسي، لا سيما أن الرئيس الروسي من صرح بهذا الأمر في المؤتمر المنعقد بالأمس في العاصمة الصينية بكين في إطار حديثه عن مقاومة بلاده للضغوط عليها.

 

 

دول ناشئة ولكن

 

ومجموعة "بريكس" تضم 5 دول وهي الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا وتم إنشاؤها عام 2009 بغية ضمان مصالح تلك المجموعة الاقتصادية التي تسهم بنسب كبيرة من نمو الاقتصاد العالمي بوصفها اقتصادات ناشئة تتمع بآفاق جيدة للتوسع.

 

وعلى الرغم من أن اقتصادات دول "بريكس" مصنفة على أنها "ناشئة" إلا أنها تحتل مراتب متقدمة بين الاقتصادات العالمية من حيث الناتج المحلي الإجمالي بما يجعل وصف "الناشئة" يتمحور حول سرعة النمو ومستوى دخل الفرد المنخفض قياسًا إلى الدول المتقدمة وليس حجم الاقتصاد.

 

فالصين تحتل المرتبة الثانية عالميًا بإجمالي ناتج محلي يبلغ 15 تريليون دولار تقريبا (مع تقارير تشير إلى أنه أكبر من ذلك عند 18 تريليون دولار لكون نسبة كبيرة منه غير مرصودة بسبب كونها غير رسمية)، وتحتل الهند المرتبة السادسة بـ2.66 تريليون دولار وتأتي روسيا في المركز الحادي عشر بـ1.48 تريليون دولار والبرازيل في المركز الثاني عشر بـ1.44 تريليون دولار.

 

أما جنوب أفريقيا فتقل كثيرًا عن الدول السابقة بناتج محلي إجمالي عند 301 مليار دولار وتشكل الدول المذكورة مجتمعة ما مجموعه قرابة 18% من الناتج المحلي العالمي البالغ 84 تريليون دولار، بما يجعلها قوة لا يستهان بها اقتصاديًا.

 

"مستهلكون" أيضا

 

وتتخطى أهمية دول "بريكس" ناتجها المحلي إلى اعتبارها أحد أهم الأسواق العالمية أيضا بمجموع سكان يتخطى 3 مليارات نسمة ولدى تأسيس المجموعة لفتت الصين إلى أن التنسيق بين تلك الدول كمستهلكين وليس كمنتجين فقط يبدو حتميًا ومفيدًا لها.

 

 

ويبلغ إجمالي التجارة الصينية الدولية منفردة قرابة 6 تريليونات دولار في عام 2021 من إجمالي التجارة الدولية البالغة 28.5 تريليون دولار بما يجعلها مسؤولة عن 21% من إجمالي الصادرات والواردات عالميًا وحدها.

 

أما الهند فتبلغ مساهمتها في التجارة العالمية الدولية قرابة 2.1% تليها روسيا بـ1.7% ثم البرازيل بـ1.3% ثم جنوب أفريقيا بمساهمة تقل عن 1% لتصبح تلك الدول مجتمعة مسؤولة عن أكثر من ربع التجارة العالمية وهي نسبة ليست باليسيرة وتؤكد أهمية النظر إليها كدول مستهلكة وليست منتجة فحسب.

 

وتشير البيانات السابقة إلى أن دول "بريكس" قادرة على وضع عملة احتياط دولية ذات قبول، لا سيما إذا نفذت المجموعة الخطط المطروحة حول توسع المجموعة لتشمل دولاً أخرى والحديث عن ضم مبادرة الحرير الصينية إلى المجموعة بما يجعل العملة المزعومة أشد قوة وتأثيرًا، ليبقى السؤال حول "الرغبة" في تلك العملة وإمكانياتها العملية.

 

الصين هي المفتاح

 

وبشكل عام يمكن النظر إلى فكرة تدشين عملة للاحتياطيات النقدية بناء على سلة العملات بوصفها وسيلة لتخطي العديد من الصعوبات التي تجعل إطلاق عملة مشتركة، مثل اليورو، بين تلك الدول غير ممكنة بما في ذلك التفاوت في مستوى الدخل وحجم الاقتصاد فضلا عن ضرورة تمتع الاقتصادات بمؤشرات متقاربة في العديد من النواحي وأبرزها التضخم ومستوى الأسعار العام وغيرها.

 

وتشير "سي.إن.إن" إلى أن التوقعات بتعزيز التعاون بين دول "بريكس" تبدو منطقية في المرحلة الحالية في ظل اتجاه الدول الغربية لمحاولة تعزيز روابطها فيما بينها على حساب الروابط مع الدول الأخرى وفي مقدمتها روسيا والصين.

 

 

وما يعزز هذا الاعتقاد بترابط أكبر بين دول المجموعة هو التصريحات الهندية بتزايد أهمية "مكانة" "بريكس" في عالم ما بعد كورونا والتصريحات الروسية بضرورة تحدي الهيمنة الأمريكية والتصريحات الصينية بضرورة وقف "التحالفات العدائية".

 

وما يدعمها كذلك حقيقة أن هذه الدول أقرت استخدام عملات غير الدولار ولو بشكل جزئي ومحدود في بعض تعاملاتها التجارية وعززت تنوع احتياطياتها في السنوات الأخيرة، بما يشير لإمكانية تحقيق هدف عملة الاحتياط المشتركة.

 

ويبقى التساؤل عن رغبة الصين تحديدًا في إقرار مثل تلك العملة، بوصفها الضلع الأهم والأكبر في التحالف، لا سيما مع رغبة بكين في تقوية مركز اليوان كعملة احتياط دولية حول العالم، وبالتالي ما سيحسم الأمر هو رؤية بكين لما إذا كان دعم عملتها منفردة يحقق لها مصلحة أكبر بغض النظر عن طموحات روسيا السياسية.

 

المصادر: أرقام- بريكس 2021- سي.إن.إن- تشاينا توداي- رويترز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.