نبض أرقام
02:37 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

أسعار النفط والتأرجح بين "دعم" الحصار الروسي ومخاوف الإمدادات و"ضغط" الركود​

2022/06/29 أرقام - خاص

تسعى الدول الغربية حثيثًا لمحاصرة النفط الروسي عقابَا لموسكو على حربها مع أوكرانيا ولمنعها من التربح من الحرب التي دفعت أسعار الخام للارتفاع بقوة لتتخطى لفترة وجيزة 120 دولارا للبرميل، في ظل صعود متزامن في أسعار السلع الأولية دفع التضخم في الولايات المتحدة لأعلى مستوى في 40 عامًا تقريبًا، لكن في الوقت الذي تنظر فيه بقية العالم بشيء من القلق لوضع الإمدادات في ظل مؤشرات على سوق تتسم بالشح.

 

تتأرجح الأسعار صعودًا ونزولًا منذ بداية الشهر الجاري، إذ تثير العوامل بشأن نقص محتمل للإمدادات في أسواق الخام المخاوف مما يدفع الأسعار للارتفاع بينما يبدد أثرها جزئيا حالة القلق بشأن وقوع العالم في براثن ركود اقتصادي مما يشكل ضغطا على الأسعار ويدفعها للتراجع وهو ما حدث بالفعل على مدى الأسبوعين الماضيين.

 

هل ينتصر الغرب في معركة النفط؟

 

 

على المسرح السياسي، اتفقت الدول الصناعية السبع الكبرى على دراسة إمكانية فرض سقف على أسعار النفط والغاز الروسي للحد من قدرة موسكو على تمويل الحرب في أوكرانيا، وهو فيما يبدو المسار الوحيد الذي يتيح لها كبح الأموال التي تتدفق على خزائن الكرملين من بيع الخام والغاز، بينما يسمح للمستهلكين في الغرب بمواصلة الاستهلاك خاصة في ظل تضاعف فواتير الطاقة في أوروبا وأمريكا؛ مما دفع المواطنين للجأر بالشكوى من عدم قدرتهم حتى على ملء خزانات سياراتهم بالوقود.

 

لكن هذا المسار محفوف بالمخاطر، فمن ناحية ما من إجماع عالمي في مواجهة روسيا، فالصين والهند وباكستان من بين 35 دولة رفضت إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا. وباتت الصين والهند، وهما مستوردان كبيران للطاقة، أكبر مشتريين للنفط الروسي الذي تحصلان عليه بخصم عن سعر السوق في الوقت الذي خفضت فيه أوروبا إمداداتها.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن فكرة فرض حظر كامل على النفط الروسي أثبتت عدم جدواها بعد أن قفزت إيرادات موسكو من صادرات النفط في مايو إلى 20 مليار دولار، على الرغم من انخفاض أحجام تلك الصادرات وفقا لما ذكرته وكالة الطاقة الدولية وهو ما يأتي نتيجة مباشرة لزيادة أسعار الخام بقوة جراء الحرب ومحدودية قدرة المنتجين الآخرين على تعويض إمدادات الخام الروسية.

 

الخطر يبرز برأسه أيضًا، إذا ما قررت روسيا خفض صادراتها من النفط والغاز ردًّا على المقترح الغربي وهو ما سيقود تلقائيا إلى ارتفاع الأسعار، ويقول "تاماس فارجا" من شركة سمسرة النفط "بي في إم": "هذا هو السيناريو الكابوس، لكلٍّ من أوروبا وروسيا".

 

 

كان الكرملين ألمح إلى أن عملاق الغاز الروسية "جازبروم" ربما تسعى لتعديل عقود التسليم إذا فرض الغرب سقفًا سعريًّا على الغاز الروسي.

 

وبينما تصل أسعار خام برنت القياسي إلى ما يتراوح بين 110 و120 دولارا للبرميل، فإن روسيا تبيع نفطها بخصومات كبيرة تتراوح بين 30 و40 دولارا للبرميل للمشترين الصينيين والهنود.

 

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يمثل 43 بالمئة من وجهات النفط الروسي، فإن الصين تحتل حيزا معتبرا من هذا المعيار بنسبة قدرها 26 بالمئة ثم تأتي الهند بنصيب يبلغ 12 بالمئة، وبالتالي فإنه في غياب تعاون الهند والصين فإن فرض حظر على النفط الروسي ربما قد لا يؤتي ثماره.

 

والمؤشرات تظهر بقوة أن الصين والهند تعتبران النفط الروسي منحة من السماء، وهما تستهلكان بشراهة كل ما يلفظه الغرب، فواردات الصين من الخام والوقود الروسي ارتفعت بنحو ربع مليون برميل يوميا في مايو، لتتخطى مليوني برميل يوميا للمرة الأولى، بينما أزاحت الهند ألمانيا من مركز ثاني وجهة للشحنات الروسية حول العالم في الأشهر الأخيرة.

 

150 دولارا للبرميل ولكن

 

 

من الناحية الفنية أيضًا تتباين توقعات بنوك الاستثمار بشأن أسعار الخام، إذ تتوقع "آي إتش إس ماركت" لاستشارات السوق أن يرتفع سعر خام برنت إلى 135 دولارا للبرميل في النصف الثاني من العام في ظل عدم كفاية المعروض، فيما سيبلغ متوسط السعر في 2022 قرابة 122 دولارا للبرميل.

 

بينما ترسم بحوث "بنك أوف أمريكا ميريل لينش" صورة مختلفة، إن أبقت على توقعاتها لسعر برنت في المتوسط عند 102 دولار للبرميل في العامين الجاري والمقبل، لكنها تتوقع أن يقفز السعر إلى 150 دولارا إذا دفعت العقوبات الأوروبية إنتاج النفط الروسي دون تسعة ملايين برميل يوميًّا.

 

وذكرت أيضًا أنه حتى إذا انزلق الاقتصاد العالمي إلى الركود، فإن سعر برنت قد يسجل في المتوسط أكثر من 75 دولارا للبرميل في 2023.

 

ارتباك المنتجين وتحرك مؤسسات الاستثمار

 

 

أما على ساحة العوامل الأساسية للسوق فالوضع يسوده الارتباك، فمن ناحية، تشير تقارير إلى أن السعودية والإمارات الوحيدتان اللتان تمتلكان طاقة فائضة للإنتاج لتعويض الإمدادات الروسية وضعف الإنتاج من بقية أعضاء المنظمة، ليستا في وضعٍ يسمح بزيادة الإمدادات إلى السوق بالشكل الذي كان متصورًا.

 

أيضًا، ثمة مخاوف بشأن الإمدادات القادمة من دول نفطية جراء الاضطراب السياسي على الأخص في ليبيا والإكوادور.

 

فقد أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أنها ربما تعلن حالة القوة القاهرة في منطقة خليج سرت في غضون أيام ما لم يتم استئناف الإنتاج والشحن في مرافئ نفطية بالمنطقة، في الوقت ذاته قال وزير الطاقة في الإكوادور إن بلاده ربما تعلق إنتاج النفط بشكل كامل خلال أيام عقب احتجاجات سياسية.

 

والإكوادور عضو سابق في أوبك، وكانت تنتج نحو 520 ألف برميل يوميا قبل نشوب الاحتجاجات.

 

تثير تحركات صناديق الاستثمار أيضا تساؤلات، فقد خلصت إحصاءات إلى أن صناديق باعت النفط الأسبوع الماضي بأسرع وتيرة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا بقليل.

 

وباعت صناديق التحوط وشركات أخرى لإدارة الأموال ما يوازي 71 مليون برميل في أهم عقود آجلة للبترول وعقود الخيارات في الأسبوع الذي انتهي في 21 يونيو.

 

ووتيرة البيع كانت الأسرع منذ الأسبوع المنتهي في الثامن من مارس، بعد فترة وجيزة من الحرب الأوكرانية الروسية، استنادا إلى سجلات المراكز من بورصة "آي سي إي فيوتشرز أوروبا" ولجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأولية الأمريكية.

 

ويرى الخبراء أن المبيعات جاءت مدفوعة بنظرية ترى أن الأثر المحتمل لفرض عقوبات على صادرات روسيا من النفط والديزل، وهو ما يدعم أسعار الخام بالطبع، أقل قوة بفعل ضعف ظاهر في المؤشرات الاقتصادية على جانبي المحيط الأطلسي، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى ضعف الاستهلاك سواء للنفط الخام أو منتجات نواتج التقطير.

 

المصدر: أرقام- تاس- فايننشال تايمز- رويترز- بلومبرج

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.